341
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

الميزان۱ ! فإنّه يَنظر بضعفِ نَحيزته۲ إلى الصورة، و تَغانى۳ عن المَغبَّة۴ المحمودة و العاقبة المسعودة، و كم قد رأَينا أموالاً جَمَّةً و أعراضا كثيرةً لم يُخرَج حقُّ اللّه‏ِ تعالى منها، و لا رُوعِيَ جانبُ اللّه‏ فيها، عادَتْ هباءً منثورا و أهلُها بورا! و بالعكس من ذلك: كم رأينا قليلاً اُخرِج حَقُّ اللّه‏ تعالى منه، فَزَكا و نَما و بَقِيَ في الأعقاب، و تَناقَلَتْه الأيدي الصالحة.

ثمّ قال عليه‏السلام: «و لا عفا رجُلٌ عن مَظلِمةٍ إلاّ زاده اللّه‏ عزّا»، و «المظلِمة» ـ بكسر اللام ـ و الظُّلامة و الظَّليمة: ما اُخذ منك ظُلما، و قد تَظَلَّمَني فلانٌ أي أخَذَ مالي، و تَظَلّمتُه أي اشتكيتُ مِن ظُلمه. يقول: مَن أحلّ أخاه عن مظلمته زاده اللّه‏ تعالى بذلك عزّا في الدنيا و الآخرة. و مواضع ذلك معلومة ؛ فقد قيل: المغبون لا محمودٌ و لا مأجورٌ.۵ و المظلمة تقعُ على كلّ ظلم و إن لم يكن اغتصاب مال، و العفو في الدنيا يورث العفو في الآخرة.

و قال عليه‏السلام: اُعْفُ عمّن ظَلَمَكَ.۶

و عن الحسن البصريّ: يُنادي مُنادٍ يَوم القيامة، و لا يَقُمْ إلاّ مَن كان له على اللّه‏ تعالى أجرٌ،۷ فلا يقوم إلاّ من۸ عفا في الدنيا۹ ـ ثمّ قرأ: «فَمَنْ عَفَا /۳۳۹/ وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ

1.. راجع : فيض القدير شرح الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۴۵۷ ، ح ۲۰۴۵ ؛ المفردات للراغب ، ص ۴۴ ؛ الميزان في تفسير القرآن ، ج ۷ ، ص ۲۸۱ .

2.. «ألف» : النجيزة .
و النحيزة : الطبيعة . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۴۱۵ نحز .

3.. «ألف» : تغانى المغية .
تَغانَى : استغنى ، و تغانَوا : استغنى بعضهم من بعض . لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۳۶ و ۱۳۷ غنو .

4.. غِبُّ الأمر و مَغَبَّتُه : عاقِبته و آخِره ، و غَبَّ الأمرُ : صار إلى آخِره . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۶۳۴ غبب .

5.. حديث روي عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، راجع : عيون أخبار الرضا عليه‏السلام ، ج ۱ ، ص ۵۲ ، ح ۱۸۴ .

6.. من حكم أمير المؤمنين عليه‏السلام . راجع : عيون الحكم و المواعظ ، ص ۷۹ .

7.. في المصدر : «من كان له على اللّه‏ أجر فليقم» .

8.. ما بين المعقوفتين أضفناه من المصدر .

9.. إلى هنا نقل عن الحسن البصري في تفسير السمرقندي ، ج ۱ ، ص ۴۱۸ وراجع : أدب الدنيا والدين ، للماوردي ، ص ۲۶۹ نقلاً عن النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؛ شعب الإيمان للبيهقي ، ج ۶ ، ص ۳۱۵ ؛ إحياء علوم الدين ، ج ۹ ، ص ۱۲۲ .
و روي عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام أنّه قال : ينادي منادٍ يوم القيامة : ألا من كان له على اللّه‏ أجر فليقم! فلا يقوم إلاّ من عفا و أصلح فأجره على اللّه‏ . تحف العقول ، ص ۴۱۲ ؛ و مع اختلاف في بحار الأنوار ، ج ۶۸ ، ص ۴۰۳ ، ح ۱۱ من كتاب العدد ، عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله .
و في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۲۰ ، ص ۳۰۹ ، ح ۵۳۹ عن عليّ عليه‏السلام أنّه قال : ينادي منادٍ يوم القيامة : من كان له أجر على اللّه‏ فليقم! فيقوم العافون عن الناس . ثم تلا : «فَمَنْ عَفَا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
340

المتطوَّع۱ به لوجه اللّه‏.

/۳۱۴/ يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ الصدقة حقّ اللّه‏ تعالى في مالك فَرَضَه۲ للفقراء و المساكين، فكما أنّ نصيبك حقٌّ لك فكذلك الصدقة نصيب اللّه‏ تعالى، فالواجب المبادَرَة إلى إخراج الواجب مِن مالك حتّى لا يصير مالُك مالَ شبهةٍ خالَطَه الحرامُ، و قد قال عليه‏السلام: حَصِّنوا أموالَكم بالزكاة ؛۳ فإنّه إذا خالَطَتِ الصدقةُ المالَ أوشَكَ أن يَسرِيَ إليه الضِّياعُ۴ و يَقِلَّ به الانتفاعُ ؛ إمّا بمتغلِّب يَبتزُّه۵، أو آفةٍ تَتطرّق إليه، أو بأن تُرْفَعَ منه البركةُ و النماء ؛ و ذلك لارتفاع التحصين عنه، فإذا كان للّه‏ تعالى في مالك شركةٌ فلا تَجْعَلْه أخسَّ۶ الشركاء نصيبا.

و فائدة الحديث: الحثّ على الصدقة، و إعلامُ أنّ المال على شُرُف الهلاك ما لم يُخرَج منه حقُّ اللّه‏ تعالى.

و راوية الحديث: عائشة.

۵۱۶.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما نَقَصَ مالٌ مِن صَدَقَةٍ، وَ لاَ عَفَا رَجُلٌ عَن مَظلِمَةٍ إِلاَّ زادَهُ اللّه‏ُ عِزّاً.۷

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ الصدقة و إن كانت تَتَراءَى في صورة المَغرَم فهي في أوفى مَغْنَم ؛ نظرا إلى البركة الناشئة منها و النماء الحاصل بسببها، بخلاف۸ ما قاله الماجن۹: بيني و بينك

1.. «ألف» : التطوّع .

2.. «ألف» : فرضة .

3.. نقل عن أبي الحسن موسى عليه‏السلام . راجع : الكافي ، ج ۴ ، ص ۶۱ ، ح ۵ ؛ الفقيه ، ج ۲ ، ص ۴ ، ح ۱۵۷۶ .

4.. «ألف» : الصياع .

5.. ابتَزَّه و بَزَّه ثيابَه : سَلَبَه إياها ، و بَزَّ الشيءَ : انتَزَعَه . و بَزَّه أيضا : حَبَسه . انظر : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۱۲ بزز .

6.. «ألف» : أخشن .

7.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۱ ، ح ۷۸۳ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ مع تفاوت ؛ مجمع الزوائد ، ج ۳ ، ص ۱۰۵ ؛ المعجمالأوسط ، ج ۲ ، ص ۳۷۴ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۵۳۰ ، ح ۳۴۴۹ .

8.. «ألف» : خلاف .

9.. الماجِن : الَّذي يرتكب المقابح المردية و الفضائح المردية ، و لا يبالي بما قال و لا ما قيل له . انظر : لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۴۰۰ مجن .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2579
صفحه از 488
پرینت  ارسال به