315
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

«و إذا استعنتَ فاستعِنْ به» ؛ فهو القادر على قضاء مَآربك و دفع البلاء عنك.

«و اعلم أنّ النصر مع الصبر».

يقول: لا تستعجل۱ اللّه‏ تعالى فيما تستنصره فيه ؛ فإنّه عالم بالمصالح، و إن أخّر مرادك فلصواب يَعلمه و يَخفى عليك، فاستعن في ذلك بالصبر و لا تُضيقنّ ذَرْعا بكَرْبٍ يصيبك في دار الدنيا ؛ فإنّه۲ لا شكّ يتعقّبه الفَرَج ؛ فإنّ وضع الاُمور الدنيويّة على ذلك لا يَبقى على حال واحدة خَلَقَها اللّه‏ تعالى بحكمته كذلك، فالكربُ يَتلوه الفَرَج، و العُسرُ يَعقُبه اليُسر ؛ قال تعالى: «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا»۳.

ثمّ قال عليه‏السلام: «و اعلم أنّ القلم قد جرى بما هو كائن» إلى يوم القيامة، هو كناية عن علم اللّه‏ تعالى بجميع المعلومات، و يجوز أن يكون حقيقةً في اللوح المحفوظ و القَلَم.

و فائدة الحديث: الوعظ بهذه الخصال الّتي ذكرها عليه‏السلام.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن عبّاس رضى‏الله‏عنه قال: قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: يا غلام، احفَظِ اللّه‏َ يَحفَظْك... إلى آخره.

۴۹۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَ أَحبِبْ مَن أَحْبَبتَ /۳۰۶/فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَ اعْمَلْ مَا شِئتَ فَإِنَّكَ مَجزيٌّ بِهِ.۴

«ما شئت» ما مصدريّة، و التقدير: عِشْ مدّةَ مشيّتك.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: عش مقدار ما تتمنّاه و تشاؤه، فالعاقبة لا شكّ الموت ؛ لأنّ هذه الدنيا دار قُلعة ينقلع أهلُها عنها، و أحبِبْ مَن شئت فلا بدّ مِن فراقه ؛ و ذلك لسرعة انقلاب أحوال

1.. «ألف» : لا يستعجل .

2.. «ألف» : ـ فإنّه .

3.. الشرح ۹۴ : ۶ .

4.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۳۵ ، ح ۷۴۶ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۴ ، ص ۳۲۵ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۲ ، ص ۲۵۲ ؛ مسند أبيداود الطيالسي ، ص ۲۴۲ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۴ ، ص ۳۰۶ . الفقيه ، ج ۱ ، ص ۴۷۱ ، ح ۱۳۶۰ ؛ الاعتقادات للصدوق ، ص ۸۵ ؛ الخصال ، ص ۷ ، ح ۱۹ و ۲۰ ؛ معاني الأخبار ، ص ۱۷۸ ، ح ۲ ؛ الدعوات للراوندي ، ص ۲۳۷ ، ح ۶۵۸ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
314

و قوله عليه‏السلام: «تَجِدْه أمامك» مَثَلٌ لمَعونتك، و معونتُك۱ كمن يكون أمامَ الإنسان يَحفظُه مِن شرّ يتوجّه إليه حتّى لا يَنزِل به، و هذا كما ورد في الدعاء: تُدْلِج۲ بين يدي المُدْلِج مِن خَلقك ؛۳ أي: يكون إدلاجُ اللّه‏ تعالى لعبده و الاستعداد لمُعاوَنته قبل أن يُدلَجَ العبدُ و يَستعدّ لعبادته، و يجوز أن يكون على حذف المضاف أي: تجد معونتَه و نصرَه أمامك.

ثمّ قال: «تَعَرَّفْ إلى اللّه‏ تعالى في الرخاء» مِن أفصحِ الكلام، يقول: تَقَرَّبْ إلى اللّه‏ تعالى بالطاعات و الأعمال الحسنة في وقت أمانك و رخاء عيشك ؛ ليُعينك عند اشتداد الأمر عليك، و التعرّف إلى اللّه‏ تعالى مَثَلٌ أيضا للتقرّب إليه بالطاعات، و أصل التعرّف أن تعقد بينَك و بين من تحتاج۴ إليه معرفةً تَتحرّم بمكانها عنده.

«و اعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك»، يعني أنّ۵ ما علم اللّه‏ تعالى سيصيبك۶ فهو لا شكّ يصيبك۷، /۳۲۸/ و بالعكس منه ما أخطأك، لا أنّ عِلم اللّه‏ تعالى هو المؤثِّر في إصابة ذلك ؛ لأنّ العلم بالشيء لا يَجعل الشيءَ على ما هو به ؛ بل يحيط به و يشمل عاقبتَه كقولك: عَلمتُ أنّ زيدا في الدار. إنّما عَلمتَ ذلك و أحطتَ به و لم تجعله في الدار.

و قوله عليه‏السلام: «و اعلم أنّ الخلائق لو اجتَمعوا... إلى آخره» هو لَعَمري كذلك ؛ فإنّ اللّه‏ تعالى إذا أراد أمرا أو أراد دفعَ أمرٍ، لم يُمكِن أحدا أن يغالبه في ذلك ؛ لأنّه أقدر القادرين و أغلب الغالبين.

«فإذا سألت فاسأل اللّه‏» ؛ فإنّ جميع مطالبك بيده.

1.. «ب» : ـ و معونتك .

2.. في الفقيه : «يدلج» .

3.. الكافي ، ج ۲ ، ص ۵۳۸ ، باب الدعاء عند النوم و الانتباه ، ح ۱۲ ؛ و ج ۳ ، ص ۴۴۵ ، باب صلاة النوافل ، ح ۱۲ ؛ الفقيه ، ج ۱ ، ص ۴۸۱ ، ح ۱۳۹۰ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۱۲۳ ، ح ۴۶۷ .

4.. «ألف» : يحتاج .

5.. «ألف» : ـ أنّ .

6.. «ب» : سيصلك .

7.. «ب» : مصيبك .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1995
صفحه از 488
پرینت  ارسال به