303
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

زوال الشمس إلى طلوع الفجر، و أنشد:

غَدَونا غُدْوةً سَحَرا بلَيْلٍ

عِشاءً بَعد ما انتَصَفَ النهارُ۱

و «العَشاء» بالفتح: طعام أوّل الليل، و هو خلاف الغَداء. و «الحَشَف»: أردأ التمر، و في مَثَلٍ لهم: أ حَشَفا و سُوءَ كِيلَةٍ؟! و يقال: و سوءَ كيل، فالكيل للجنس، و الكيلة لحالة الكيل۲، و يَضربه مَن يُجمَع عليه المَساءة و۳ المَضرَّة مِن وجهين ؛ و الحَشَف: الرديء مِن التمر، و انتصابه بإضمار فِعلٍ كأنّه قال: أ تَجمَعُ حَشَفا عَلَيَّ سوءَ كَيْلٍ؟!

هذا أمر منه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بالتعشّي و لو لم يكن إلاّ قليلاً تافِها ؛ ليكون ذلك عونا على عبادة الليل و زيادةَ قوّةٍ على الطاعة. و إنّما يخاطِب صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أصحابه ـ رضي اللّه‏ عنهم ـ ؛ فإنّهم كانوا يخفِّفون المَطعم، و يَقنعون باليسير تزهّدا و تقشُّفا۴ و قلّةَ رغبةٍ في الرُّغْب۵، فحَثَّهم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله على التعشِّي۶ تقويةً لهم على العبادة و ما هم بصدده من المجاهدة ؛ فأمّا الطِّبُّ۷ فإنّهم يذكرون أنّه يُضِرّ بالنفْس، و قد قال بعض الكتّاب: ممدودُه يورِث مقصورَه ؛۸ يعني أنّ العَشاء يورث العَشَى و هو الشَّبْكَرَةُ. و «الهَرَم» كِبَر السنّ ؛ يعني عليه‏السلام أنّ تركه مَدعاةٌ إلى ضَعف البدن الّذي يَنشأ مِن كبر السنّ. و قد خَرَجَ۹ بعض [أهل]الطبّ له وجها على ما كان يَهواه فقال: إنّ

1.. راجع : الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۲۷ ، ذيل مادّة «عشا» ؛ الجامع لأحكام القرآن ، ج ۱۴ ، ص ۱۵ ، ذيل الآية ۱۸ من سورةالروم ۳۰ .

2.. «ألف» : فالليل الجنس ، و الليلة بحالة الليل .

3.. «ألف» : ـ و .

4.. المتقشِّف : الذي يتبلَّغ بالقوت و بالمرقَّع ، و رجُل متقشِّف : تارك النظافة و الترفُّه . لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۲۸۲ و ۲۸۳ متشف .

5.. الرُّغْب : الشَّرَة و النَّهْمة ، و الحرص على الدنيا و التبقُّر فيها . وقيل : سعة الأمل و طلب الكثير . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۴۲۳ رغب .

6.. «ألف» : العشي .

7.. «ألف» : ـ الطبّ .

8.. لم نعثر عليه .

9.. «ألف» : شرح .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
302

عن الشهوات يَدَيه، و تَحَمَّلَ الأعباءَ۱ /۳۰۱/ في طلب العلم ؛ حتّى حَصَّلَ منه طَرَفا، و تَبوّأ منه كَفَفا۲، ثمّ لَهِجَ به الحَمقى، و أولع به الجُهّال يَتلاعبون به و يتداولون حُرْمتَه بالصَّغار، ثلاثتُهم أهل الرحمة۳ و الرأفة ؛ لأنّهم مُلْجَؤون إلى ما لا يَليق بهم و لا يُلائمهم و لم يَتعوّدوه، فهم يَتجرّعون ممّا يُدفَعون إليه مُرّا مَقِرا۴، و يَلوكون۵ مِن مُطاوَلة الصَّبْر صَبِرا۶، و ينتظرون مِن رَبّهم الفَرَج، و يُذيبون المُهَج۷.

و فائدة الحديث: إعلام صعوبة هذه الأحوال على هؤلاء الثلاثة، و أنّهم بصدد أن يُرحَموا و تَرِقَّ لهم القلوبُ.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن مسعود رضى‏الله‏عنه.

۴۸۵.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: تَعَشَّوْا وَ لَو بِكَفٍّ مِن حَشَفٍ ؛ فَإِنَّ تَركَ العَشاءِ مَهرَمَةٌ.۸

العِشاءُ ـ بكسر العين ـ [و] العَشيُّ و العَشِيَّةُ: مِن عند غروب الشمس إلى العَتَمَة۹، /۳۲۳/ و العِشاءان الاُولى و الآخرة هما صلاتا المغرب و العتمة، و عند بعضهم۱۰ أنّ العشاء مِن

1.. العِب‏ء بالكسر : الحِمل و الثِّقل من أيّ شيء كان ، و الجمع الأعباء و هي الأحمال و الأثقال . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۱۱۷ عبأ .

2.. الكَنَف : الجانب و الناحية ، و ناحيتا كلّ شيءٍ كنفاه . لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۳۰۸ كنف .

3.. «ب» : للرحمة .

4.. مَقِرَ الشيءُ : صار مُرّا ، و مَقِرٌ بَيِّن المَقَر حامضٌ . انظر : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۱۸۳ مقر .

5.. اللَّوك : أهون المضغ ، أو مضغُ الشيء الصُّلْب المَمْضَغَة تُديره في فيك كما قيل ، و لاك اللُّقمةَ : مَضَغَها . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۴۸۴ ؛ مجمع البحرين ، ج ۵ ، ص ۲۸۷ لوك .

6.. الصَّبِر : عصارة شجرة مُرٍّ ، واحدته صَبِرَةٌ ، و جمعُه صُبور . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۴۲ صبر .

7.. «ألف» : يدينون المهجم .
و المُهَج جمع مُهْجَة ، و المُهْجة : الروح ، و دم القلب . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۳۷۰ مهج .

8.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۲۸ ، ح ۷۳۵ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۱۸۸ ، ح ۱۹۱۷ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۷ ، ص ۳۱۴ ،ح ۴۳۵۳ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۳۵۰ . الرواشح السماويّة ، ص ۲۸۶ ؛ بحار الأنوار ، ج ۶۳ ، ص ۳۴۴ و فيه عن الفائق ؛ و ص ۳۴۶ ، ح ۲۲ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۶ ، ص ۲۶۶ ، ح ۱۹۸۲۶ (و في الأخيرين عن الشهاب) .

9.. العَتَمة : ثلث الليل الأوّل بعد غيبوبة الشفق . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۳۸۱ عتم .

10.. في المصادر : «و زغم قوم» .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2324
صفحه از 488
پرینت  ارسال به