295
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

۴۸۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لِيَأخُذِ العَبدُ مِن نَفْسِهِ لِنَفسِهِ، و مِن دُنياهُ لاِخِرَتِهِ، و مِنَ الشَّبيبَةِ قَبلَ الكِبَرِ، وَ مِنَ الحَياةِ قَبلَ المَمَاتِ، فَما بَعدَ الدُّنيا مِن دارٍ إِلاَّ الجَنَّةُ أَوِ النَّارُ.۱

هذا وعظٌ منه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لاُمّته، يقول: ليستدن۲ العبدُ المسلمُ لنفسه من نفسه ؛ أي: ليَتعنَّ۳ في العبادة، و ليُنفق من مال نفسه في طاعة اللّه‏ تعالى، و ليَجهَدْها اليومَ فيما يعود نفعُه و عائدته و فائدته غدا عليها، و ليَدَّخِرْ من دنياه ما يَقْدَم عليه يوم القيامة، فيكون له غوثا على أهوالها و عونا على أحوالها، و ليَعلم أنّ ما يبعثه إلى الآخرة فهو محفوظ له في أحرز صِوانٍ۴ حيث لا يأكله السُّوس۵، و لا تناله اللُّصوص ؛ و لذلك قيل: الدنيا مزرعة الآخرة،۶ لأنّه يَكسب الإنسانُ فيها ما تَقَرُّ به عينُه غدا إذا قدم عليه.

و عن الصادق عليه‏السلام يُسنده إلى أمير المؤمنين عليه‏السلام أنّه قال في قوله تعالى: «وَ لاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا»۷ قال: لا تَنْسَ صِحَّتَك و قوّتَك و فَراغك و شَبابك و نَشاطك و غِناك۸ أن تَطلُب بها۹الآخرة.۱۰

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۲۵ ، ح ۷۳۰ ؛ تاريخ اليعقوبي ، ج ۲ ، ص ۱۸۹ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ۳ ، ص ۱۷۸ ، ح ۲۶۶ ؛تفسير الرازي مفاتيح الغيب ، ج ۲۵ ، ص ۱۵ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۷۰ ، ح ۹ ؛ تحف العقول ، ص ۲۸ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۲۹ ، ح ۳۴ (و فيه عن تحف العقول) .

2.. في «ب» يقرأ : «ليستندن» أيضا . و «لِيَستدِنْ» صيغة الأمر مِن استدانَ يَستدين استدانةً بمعنى اقترض و طلب الدَّين . راجع : لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۱۶۷ دين .

3.. «ألف» : ليتعيَّن .
و تَعَنَّى أي نَصِبَ ، و تَعَنَّى العَناءَ : تَجَشَّمَهَ و عَنَى أيضا : نَصِبَ . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۰۶ عنو .

4.. الصِّوان و الصُّوان : ما صُنْتَ به الشيءَ ، و الصوان : ما تَصون به ثوبا و غيره ، يقال : صوان الثوب . انظر : كتاب العين ، ج ۷ ، ص ۱۵۸ ؛ معجم مقائيس اللغة ، ج ۳ ، ص ۳۲۴ ؛ لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۲۵۰ صون .

5.. السُّوس و الساس : العُثَّة التي تقع في الثياب و الطعام ، و يقال بالفارسية : حشره بيد . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۱۰۷ سوس ؛ فرهنگ أبجدي فارسي عربي ، ص ۵۰۵ (سوس) .

6.. عوالي اللآلي، ج ۱، ص ۲۶۷، ح ۶۶.

7.. القصص ۲۸ : ۷۷ .

8.. في غير المستدرك : ـ و غناك .

9.. في المستدرك : به .

10.. الأمالي للشيخ الصدوق ، ص ۲۹۹ ، ح ۳۳۶ ؛ معاني الأخبار ، ص ۳۲۵ ، باب معنى النصيب من الدنيا ، ح ۱ ؛ روضة الواعظين ، ص ۴۷۲ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱ ، ص ۱۲۳ ، ح ۱۵۹ ، و ج ۱۲ ، ص ۱۴۰ ، ح ۱۳۷۲۷ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
294

قبل أن يَمحُوَه السَّقَمُ الّذي يُحوجك إلى من يُناولك طعاما و شرابا۱، و يَذُبّ عنك ذُبابا، و إلى مَن يُضْجِعك و يُقيمك و يُجلسك و يُنيمك حيث تَفْقِد القُوى و القُدَر، و تودِّعُ الهَوى و الأشَرَ.

ثمّ قال: و اغتنمْ غناك الّذي هو موصِلك إلى مُناك، و درك إلى هواك، و مسهِّل عليك الاُمور، و جالب لك السرور، قبل أن يَغشاك الفقرُ الّذي هو للنفس مُذِلٌّ، و للقلب مُمِلٌّ، و للحاجات مَقطعة، و للشهوات مَمنعة.

قال: و اغتنم فراغَك /۳۱۹/ الّذي هو مُكنَة أعمالك و فُسحةُ أحوالك قبل أن يَتعقّبه الشغلُ الّذي تَرتبك فيه۲ و تتحيّر في مصارفه و مطاويه.

ثمّ قال عليه‏السلام: و اغتنم حياتَك الّتي هي الأصل في تصرّفك في تقدّمك و تخلّفك قبل أن يَطرأ عليك الموتُ الّذي يُعطّلك و يبطِّلك و يُلقيك على لوح البلى و مَحَطّ النوى۳ ؛ غريبا بين أهلك و ولدك، قريبا على تنائي۴ حضورك و مشهدك، رهنا بذنوبك، مأخوذا بعيوبك.

و فائدة الحديث: التوصية باستغنام هذه الأحوال قبل انفصالها، و اخترامها۵ قبل زيالها۶.

و راوي الحديث: عمرو بن ميمون الأوْديّ.

1.. «ألف» : ـ و شرابا .

2.. ارتبك في الأمر : وقع فيه و نشب و لم يتخلّص ، و منه ارتبك الصيدُ في الحَبالة : اضطرب . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۴۳۱ربك .

3.. «ألف» : الثرى .
و من معاني النَّوى : الحاجة ، و الوجه الذي تقصده ، و النيَّة . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۴۸ نوي .

4.. تَناءى : تباعَدَ و مصدره التنائي . انظر : تاج العروس ، ج ۲۰ ، ص ۲۱۱ نأي .

5.. اخترمهم الدهرُ و تَخرّمهم : اقتطعهم و استأصلهم . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۷۲ خرم .

6.. الزِّيال : الفراق و التزايل : التباين . لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۳۱۶ زيل .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2225
صفحه از 488
پرینت  ارسال به