293
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و ما حالاتُنا إلاّ ثلاثٌ

شبابٌ ثمّ شَيْبٌ ثمّ مَوْتُ۱

و هذه وصيّة وَصّى بها۲ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله اُمَّتَه، يقول: اغتَنِمِ الشبابَ الّذي هو عونٌ على الطاعات، و مَظِنّةٌ للَّذّات، و مَقضاةٌ للأشغال، و مَطيَبَةٌ للأحوال قبلَ أن يَهجُم الهَرَمُ الّذي يَجعلك حِلْسَ۳ بيتك و قرينَ لوِّك۴ و ليتِك، ثمّ هو الطريقُ المَهْيَع۵ إلى الموت، و الجادّةُ العظمى إلى الفوت، تَحتاج معه إلى مَن يُعينُك على القيام، و يدُلّك على المرام.

و ممّا جرى على لساني من نظمي:

أنت إلهي و أنت مُستَنَدي

و أنت دون الأنام معتَضَدي

أنتَ الّذي إن عَثَرتُ قلتُ له

يا سيّدي قد عثرتُ خذ بيدي

خذ بيدي قبل أن أقول لِمن

أراه عند النهوض خذ بيدي۶

و مثله قول القائل۷:

/۲۹۷/ يا ربِّ لا تُبقِني۸ إلى أمد۹

أكونُ فيه ثِقلاً۱۰ على أحد۱۱

ثمّ قال عليه‏السلام: اغتنمْ صحّتَك الّتي هي مَحراة۱۲ من التمكّن من الأعمال و تحمُّل الأحمال

1.. المحاظرات و المحاورات للسيوطي ، ص ۳۶۴ .

2.. «ألف» : ـ بها .

3.. «ألف» : جلس .
و الحِلْس : بساط البيت . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۵۴ حلس .

4.. اللِّوُّ : الباطل ، و الكلام الخفيّ . لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۲۶۷ لوي .

5.. المَهيَع : الواضح الواسع البيِّن ، و الطريق الواسع المنبسط . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۳۷۹ هيع .

6.. «ب» : ـ خذ بيدي قبل . . . النهوض خذ بيدي .

7.. «ب» : و قال القائل .

8.. في تاريخ مدينة دمشق : لا تبقني .

9.. في الوفيات و الوافي : لا تحيني إلى زمن .

10.. في المصادر : كلاًّ .

11.. الشاعر هو ابن أبي الصقر الواسطي . راجع : تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۳ ، ص ۲۳۸ ؛ وفيات الأعيان ، ج ۴ ، ص ۲۴۳ ؛الوافي بالوفيات ، ج ۳ ، ص ۲۶۷ .

12.. مَحراة : حَريٌّ و جدير و خليق . انظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۷۳ حري .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
292

عابِدِينَ»۱، و البلغة ممّا يُبتلَغ به من العيش، و أصل «ب ل غ»: الانتهاء إلى المقصد.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ليتكفّ أحدكم /۳۱۸/ من دنياه بقدر كفايته، و لا يَتكلّف منها ما لا يَعنيه ؛ فإنّه يَضُرّه و إن كان يَظُنّ أنّه ينفعه. و شبّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مَن في الدنيا بالراكب الواحد الفذّ۲ الّذي غرضُه قطع المَفازة، لا يَستحقِب۳ مِن الطعام ما يُثْقله و يُثَبِّطه عن المسير، و۴ إنّما يَقتصر على الرَّغيف و الرغيفَين و ما يبلغه المحلّ.

و فائدة الحديث: الأمر بالقناعة باليسير و التجزُّؤ بالقليل.

و راوي الحديث۵: سلمان الفارسيّ رضى‏الله‏عنه دَخَلَ عليه سعدُ بن مالك و عبدُ اللّه‏۶ بن مسعود۷ يَعودانِه، فبكى فقالا: ما يُبكيك؟ قال: عَهدٌ عَهِدَه إلينا رسولُ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لم يَحفَظْه أحدٌ منّا،۸ و ذَكَرَ هذا الحديث.

۴۷۹.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: اِغتَنِمْ خَمساً قَبلَ خَمسٍ: شَبابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَ صِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَ غِناكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَ فَراغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَ حَياتَكَ قَبلَ مَوتِكَ.۹

إنّما قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله «خَمسا» على التأنيث لأنّها كناية عن حالات، و قد جاء مثل ذلك في الشعر، قال:

1.. الأنبياء ۲۱ : ۱۰۷ .

2.. الفَذّ : الفرد ، و الواحد . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۵۰۲ فذذ .

3.. استَحقبه : احتمله . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۳۲۶ حقب .

4.. «ب» : ـ و .

5.. «ب» : ـ الأمر بالقناعة باليسير و التجزُّؤ بالقليل . و راوي الحديث .

6.. في المعجم و مسند الشهاب : ـ عبد اللّه‏ .

7.. في الطبقات : سعد بن مسعود و سعد بن مالك .

8.. الطبقات الكبرى ، ج ۴ ، ص ۹۱ ؛ المعجم الكبير للطبراني ، ج ۶ ، ص ۲۶۱ ؛ مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۲۴ ، ح ۷۲۸ .

9.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۲۵ ، ح ۷۲۹ ؛ حلية الأولياء ، ج ۴ ، ص ۱۴۸ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۴ ، ص ۳۰۶ ؛ فتح الباري ،ج ۱۱ ، ص ۲۰۱ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۸ ، ص ۱۲۷ ، ح ۷۱ . الأمالي للطوسي ، ص ۵۲۵ ، ح ۱ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۵۹ ؛ الدعوات ، ص ۱۱۳ ، ح ۲۵۷ ؛ أعلام الدين ، ص ۱۸۹ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۲۹۸ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2245
صفحه از 488
پرینت  ارسال به