287
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و راوي الحديث: جابر بن عبد اللّه‏ الأنصاري، قال: خَطَبَنا رسولُ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في يوم جمعة فقال ذلك.

۴۷۵.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: تَجافَوا عَن عُقوبَةِ ذَوي المُرُوَّةِ ما لَم تَكُنْ حَدّاً.۱

«التجافي»: النُّبوء۲ و التباعد و الارتفاع.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: سامِحوا ذوي المروءات، و احترِموهم حتّى في العقوبات ما لم تَكُنِ العقوبةُ حَدّا من حدود اللّه‏ تعالى يُعَطَّل و واجبا يُهمَل.

و هو إعلام بحسن المعايشة، و سهولةِ المعاملة، و التجاوزِ و التجافي و الإعراض عن بعض الاُمور إذا أوجَبَت الصورةُ ذلك، و كان الحريف ذا مروّة و سخاء ؛ فإنّ اللّه‏ تعالى سخيٌّ يحبّ /۳۱۶/ السخيَّ إلاّ أن يَتعطّل حدّ أو يتبطّل واجب، فحينئذٍ لا بدّ من إقامته، و للإمام أن يَزيد و يَنقص في التعزير و هو دون الحدّ، و له أن يَترك ذلك على مَا يَرى.

و قيل: ذوو المروّات مَن لم تَظهر منهم رِيبةٌ. و هو حسن، و هذا الجنس من الناس يُحافِظون على أنفسهم، و يَربؤون۳ بها عن الدنايا و الريب، فإذا۴ اُهينوا بالتعزير۵ كان هَدْما لمروّتهم و خَدْشا في وجه فتوّتهم، و لا تنسَ حديثَ جَبَلَةَ بنِ الأيْهَم الغَسّاني مع عمر بن الخطّاب و خروجَه إلى الروم و ارتدادَه عن عار لَطمة.۶

و قال عُمَرُ لبعض عُمّاله: عليك بالسويّة بين الرعيّة، و لا تَرفَعِ المزيّةَ.۷

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۲۲ ، ح ۷۲۵ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۸ ، ص ۳۹۷ ، ح ۵۷ ؛ جامع أحاديث الشيعة ، ج ۱۶ ،ص ۲۴۱ ، ح ۴ و في الأخيرين عن لبّ اللباب للراوندي .

2.. نَبَأَ الشيءُ نُبوءا : ارتفع . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۱۶۴ نبأ .

3.. رَبَأَت الأرضُ : زَكَتْ و ارتفعتْ ، و رَبَأه : حَفَظَه . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۸۲ ربأ .

4.. «ألف» : لم .

5.. «ألف» : التعذير . أصل التعزير : التأديب ، و لهذا يسمّى الضرب دون الحدّ تعزيرا ؛ إنّما هو أدب . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۶۲ عزر .

6.. راجع : الطبقات الكبرى ، ج ۱ ، ص ۲۶۵ .

7.. لم نعثر عليه .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
286

۴۷۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: تُوبُوا إِلَى رَبِّكُم قَبلَ أَن تَمُوتُوا، وَ بادِرُوا بِالأَعمالِ الزَّاكِيَةِ قَبلَ أَن تَشغَلُوا، وَ صِلُوا الَّذي بَينَكُم وَ بَينَه بِكَثرَةِ۱ ذِكرِكُم إِيَّاهُ.۲

«الأعمال الزاكية» هي الطاهرة، قال تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا»۳ أي طهّرها و أنماها، و أصل «ز ك و»: النموّ و الزيادة.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أقلِعوا۴ عن ذنوبكم، و بادِروا الموتَ بالتوبة ؛ فإنّه مِن كلّ حيٍّ قريبٌ. و سابِقوا الشغلَ بالعمل الزكيِّ الصالح ؛ فإنّه ربّما يَدهَمُكم۵ في دار الدنيا ما يَشغَلكم عنه ؛ فإنّها كثيرة المحن و الآفات، سريعة الفتن و العاهات، و اعمُروا وُصلَة ما بينَكم و بينه ـ جلّ و علا ـ بالذكر له۶، و يجوز أن يكون المعنى: و صلوا فُرقَةَ ما بينكم و بينه بكثرة الذكر ؛ فإنّكم إذا ذكرتموه ارتفعت تلك الفُرقة، و صارتْ وُصلةً كما قال تعالى: أنا جليس مَن ذَكَرَني.۷ و على الوجه الأوّل يكون ما بينكم و بينه كنايةً عن عبوديّتنا۸ و ربوبيّته عزّ و علا.

و فائدة الحديث: /۲۹۴/ الحثّ۹ على التوبة و مبادرةِ الموت بها و العمل الصالح، و تقديمُه على الشغل الصادّ عنه، و الأمرُ بالذكر.

1.. «ألف» : تكثر .

2.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۲۰ ، ح ۷۲۳ و ۷۲۴ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۳ ، ص ۱۷۱ ؛ الأحاديث الطوال ، ص ۲۱ (وفيهما مع الاختلاف) . الدعوات ، ص ۲۳۷ ، ح ۶۵۹ . و عنه في بحار الأنوار ، ج ۶ ، ص ۱۹ ، ح ۵ ؛ و ج ۸۱ ، ص ۲۴۰ ؛ و مستدرك الوسائل ، ج ۲ ، ص ۱۳۳ ، ح ۵ .

3.. الشمس ۹۱ : ۹ .

4.. أقلَعَ عن الشيء : كَفَّ عنه ، و أقلع الرجُلُ إذا سار ، و القَلْع : انتزاع الشيء من أصله ، و قَلَعتُ الشيءَ : انتزعتُه من أصله ، أو حَوَّلتُه من موضعه . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۲۹۰ قلع .

5.. دَهَمَهم أمرٌ : غَشِيَهم فاشيا . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۲۱۰ دهم .

6.. «ألف» : ـ له .

7.. الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۹۷ ، ح ۴ ؛ التوحيد ، ص ۱۸۲ ، ح ۱۷ ؛ علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۲۸۴ ، ح ۱ .

8.. «ب» : عيودتنا .

9.. «ألف» : ـ الحث .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1959
صفحه از 488
پرینت  ارسال به