245
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

في الأرض، فقال: ما منكم إلاّ كُتِبَ مقعدُه من النار أو الجنّة. قالوا: أ لا نَتّكل۱ يا رسول اللّه‏؟ قال: اعملوا فكُلٌّ ميسّر لما خلق له.۲

و لا شكّ أنّ علم اللّه‏ تعالى محيط بما تصير إليه عاقبةُ كلّ أحد، و الكتابة كناية۳ عن العلم، و يجوز أن يكون مُثْبَتا في اللوح المحفوظ، و حَمَلَه بعضُ الناس على أنّ /۲۹۶/ معناه: اعملوا ما شئتم، و كلٌّ يصير إلى ما خُلق له من الجنّة و النار. و هذا كماترى.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ اللّه‏ تعالى يَسَّرَ و وَفّق كُلاًّ لِما خَلَقه و هو طاعته.

و راوي الحديث: مُصعَب بن سعد، عن أبيه، عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

۴۴۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: تَزَوَّجُوا الوَدودَ الوَلُودَ ؛ فَإِنِّي مُكاثِرٌ بِكُمُ الأَنبياءَ.۴

يقول: وَدِدتُه أوَدُّه أي أحببتُه، و الوُدّ: المحبّة و المودّة، و «الوَدود» المُحِبّ، يستوي فيه المذكّر و المؤنّث، و لم يقولوا: ودودة ؛ لأنّ الهاء إنّما تَدخل على فَعول إذا كان بمعنى مفعول كقولك: ناقةٌ رَكوبة، و شاة حَلوبة ؛ فأمّا إذا كان بمعنى فاعل فلا يَلحَقه الهاء. و قيل: إنّ العلّة في ذلك أنّ الصفات الموضوعة للمبالغة نُقلتْ عن بابها ؛ لِتَدُلَّ على المعنى الّذي تَخصّصتْ به، و اُسقِطَتِ الهاءُ مِن قولهم: امرأةٌ صبور، و فتاة۵ مِعطار۶. و بالعكس مِن ذلك اُلحِقَتْ بالمذكّر كرَجُلٍ نسّابة و علاّمة ؛ لِيدلَّ على تحقيق المبالغة في البابين، و

1.. «ألف» : ننكل .

2.. صحيح البخاري ، ج ۶ ، ص ۸۶ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۳۰ ، ح ۷۸ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۳۰۲ ، ح ۲۲۱۹ ؛ عمدةالقاري ، ج ۱۹ ، ص ۲۹۸ ، ح ۹۴۹۴ .

3.. «ب» : كتابة .

4.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۹۴ ، ح ۶۷۵ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۹۲ ، ح ۱۸۴۶ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج ۳ ،ص ۲۷۱ ، ج ۵۳۴۲ ؛ السنن الكبرى ، ج ۷ ، ص ۷۸ . الكافي ، ج ۵ ، ص ۳۳۳ ، ح ۱ ؛ الفقيه ، ج ۳ ، ص ۳۸۳ ، ح ۴۳۴۴ ؛ دعائم الإسلام ، ج ۲ ، ص ۱۹۱ ، ح ۶۸۹ ؛ معاني الأخبار ، ص ۲۹۱ ، ح ۱ مع اختلاف يسير في الأربعة الأخيرة .

5.. «ألف» : قناة .

6.. رجلُ معطار : يَتعهّد نَفْسَه بالطيب و يُكثِر منه . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۸۲ عطر .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
244

شَبابِكم مَن تَشَبَّهَ بكهولكم.۱

و «حلما» يجوز أن يكون نصبا مفعولاً به۲، و يجوز أن يكون تمييزا.

و فائدة الحديث: الأمر بالاعتمام تشبّها /۲۷۴/ بالأكابر ؛ فإنّ التخلّق قد يصير خُلقا.

و راوي الحديث: ابن المليح، عن أبيه، عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

۴۳۹.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: اعمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ۳.۴

«التيسير»: التهيئة و التوفيق، قال اللّه‏ تعالى: «فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى»۵ أي سنوفِّقه.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: اجتَهِدوا في الطاعة ؛ فقد يَسَّرَ اللّه‏ُ تعالى كُلاًّ لِما خُلِق له، و هو الطاعة۶، كما قال تعالى: «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الاْءِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ»۷ ؛ أي: إنَّ التوفيق الإلهيَّ عامٌّ للخَلق، و كُلُّ۸ مَن كلّفه اللّه‏ تعالى فقد أزاح علّته، و وفّقه و أعانه، و لم يقتصر۹ على ذلك ؛ فقد بَعَثَ اللّه‏ُ إليه۱۰ رسولاً يَهديه، و كتابا يدلّه على الخير.

و روى أبو عبد اللّه‏ البخاري: أنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان في جنازة فأخذ عودا، فجَعَلَ يَنكُت۱۱

1.. معاني الأخبار ، ص ۴۰۱ ، ح ۶۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۵ ، ص ۲۵ ، ح ۵۷۹۵ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۱۳ ، ص ۴۶۷ ، ح ۷۴۸۳ ؛المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۹۴ .

2.. «ألف» : ـ به .

3.«ألف» : ـ له .

4.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۹۳ ، ح ۶۷۴ ؛ صحيح البخاري ، ج ۶ ، ص ۸۶ ؛ الأدب المفرد للبخاري ، ص ۱۹۳ ، ح ۹۲۸ ؛صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۴۷ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۸۲ و ۱۵۷ ؛ و ج ۳ ، ص ۳۰۴ ؛ و ج ۴ ، ص ۶۷ و ۴۳۱ . التوحيد ، ص ۳۵۶ ، ح ۳ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۴ ، ص ۲۲ ، ح ۶۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۵ ، ص ۱۵۷ ؛ و ج ۶۴ ، ص ۱۱۹ ؛ نور البراهين ، ج ۲ ، ص ۲۸۶ .

5.. الليل ۹۲ : ۷ .

6.. «ب» : ـ فقد يسّر اللّه‏ تعالى . . . الطاعة .

7.. الطور ۵۲ : ۵۶ .

8.. «ألف» : ـ كما قال تعالى . . . و كلّ .

9.. «ألف» : لم يقتصروا .

10.. «ألف» : ـ إليه .

11.. «ألف» : ينكث .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2025
صفحه از 488
پرینت  ارسال به