191
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

نأكلها و نَتَّسع فيها كما نريد، كأنّا باقون بعدهم أبد الآباد، بخلاف الآباء و الأجداد، نَسينا المواعظَ البالغةَ، و أَمِنّا المُهلكاتِ الدامغة.

ثمّ دعا بالجَنّة لِمَن شَغَلَه عيبُ نفسِه عن عيبِ غيرِه، و أنفَقَ مِن حلالٍ اقتناه مِن وجهِه، و صاحَبَ أهلَ العِلم ليَكُفُّوه عن القبيح، و يَدُلّوه على الحَسَن، و جانَبَ العصاةَ كراهةً لهم و لِفِعلهم۱، و كراهةَ أن يَرتضخ۲ مَن صاحَبَهم منهم بعضَ ما هم فيه۳، و انكسرت شهواتُه، فذَلّ لعزّة۴ ربّه، و خالَقَ الخَلقَ بحُسن الخُلق و السيرة المحمودة، و أعطى ما فَضَلَ عن نفسه و أهله الفقراءَ و المستحِقّين، /۲۷۰/ و أمسكَ ما فَضل من كلامه فتَرك الفضول، و اقتَصَرَ على ما لا بدّ له منه، و لَزِمَ السنّةَ النبويّةَ، و لم يَتعدَّها إلى بِدعةٍ مستحدَثةٍ في الدِّين.

و فائدة الحديث: التقريع و الملامة و الوعظ المؤدّي إلى الاستقامة و تعليم مكارم الأخلاق الجارية على طيب الأعراق.

و راوي الحديث: أنس بن مالك، /۲۴۸/ قال: وَعَظَنا رسولُ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله على ناقته الجَذعاء۵ فقال: أيّها الناس... إلى آخر هذا الكلام.

۳۹۷.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: طُوبَى لِمَن طابَ كَسْبُهُ، وَ صَلَحَتْ سَريرَتُهُ، و كَرُمَت عَلانِيَتُهُ، وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، طُوبى لِمَن عَمِلَ بِعِلمِهِ.۶

هذا الكلام مثل الّذي تقدّمه في الدعاء إلى الخير و الموعظة الحسنة. و «السريرة» هي

1.. «ألف» : ـ و لفعلهم .

2.. «ألف» : يرتضح .
و ارتضخ : نزع إلى العَجَم في ألفاظ من ألفاظهم . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۱۹ رضخ .

3.. «ألف» : + و لفعلهم .

4.«ألف» : فدلّ العزّة .

5.. يقال للإبل في السنة الخامسة : أجذَع ، و للبقرة في هذا السنّ : جَذعاء . انظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۱۹۴ جذع .

6.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۶۰ ، ح ۶۱۵ ؛ المعجم الكبير ، ج ۵ ، ص ۷۲ ، ح ۴۶۱۶ ؛ مسند الشاميّين ، ج ۲ ، ص ۵۷ ، ح ۹۱۲ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۱۸۲ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۵۸ ، ص ۳۴۹ و ۳۵۳ . تحف العقول ، ص ۳۰ مع الاختلاف فيه ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۲۵ ، ح ۳۲ ؛ جامع أحاديث الشيعة ، ج ۱۷ ، ص ۱۴۴ ، ح ۳۰ (و في الأخيرين عن تحف العقول) .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
190

و رَكْبٍ و صاحبٍ و صَحْب، و قد سَفَرَ يَسفِر سُفورا: إذا خرج إلى سَفَرٍ. و «عمّا قليل» ما صلةٌ زائدةٌ تؤكِّد الكلامَ. و «الجَدَث» و الجَدَف: القبر. و «التُّراث»: الإرث، و التاء فيه بدل من الواو، كتُجاهِك في وُجاهك. و «الواعظة» المَوعِظَة: كالعافية و العاقبة۱، و هو في معنى المصدر. /۲۴۷/ و «الجائحة»: الشدّة يقال: جاحَتْهم جائحةٌ و اجتاحتهم، و جُحتُ الشيءَ أجوحُه: إذا استأصلتَه. و «أهل الذُّلّ» هم الأذلاّء العُصاة، و يجوز أن يكون أهل الذلّ مَن يَنبغي أن يُذَلَّ و يُهانَ. و «طوبى» فُعلى من الطِّيب، و قيل: هي اسمٌ مِن أسماء الجنّة، و قيل: هي شجرة تُظلِّل الجِنانَ كلَّها،۲ و طوبى رفعٌ مبتدأٌ، و الظرفُ خَبَرُه، و يعني بقوله عليه‏السلام: «لِمَن ذَلّ في نفسه» الّذي استَسلم لربّه، و انقاد لحُكمه، و انكسر قَلبُه لموقفه بين الخوف و الرجاء، و هُم۳ الّذين يقول اللّه‏ُ تعالى لهم: أنا عند المنكسرةِ قلوبُهم.۴

و «الخَليقة»: الطبيعة، و الجمع الخلائق. و «السُّنَّة»: الطريقة الّتي سَنَّها رسولُ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، و دَعا إليها، و رَغَّبَ فيها. و «البدعة»: الحَدَث في الدين بعد إكماله.

هذه۵ مواعظ و مكارم علّمها رسولُ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله اُمَّته في خُطبةٍ خَطَبَها عليه‏السلام، فقال مستبطنا لاُمّته ضامّا لهم إلى نفسه في الموعظة: نحن غافلون غارّون في هذه الدنيا مقدِّرون أنّ الحقّ فيها لازم لغيرنا زائل عنّا، و كأنّ الموتَ في أعناقِ غيرِنا۶ دوننا، و كأنّ الموتى الّذين نشيّعهم إلى الأجداث غائبون منتظرو القدوم بدفنهم۷، و ننصرف إلى تَرَكاتهم، فنَخْضِمها۸ و

1.. «ب» : العافية .

2.. راجع في الأقوال : النهاية في غريب الحديث ، ج ۳ ، ص ۱۴۱ طوب .

3.. «ألف» : ـ و هم .

4.. الدعوات للراوندي ، ص ۱۲۰ ، ح ۲۸۲ ؛ إعانة الطالبين ، ج ۱ ، ص ۱۱ ؛ المواقف للإيجي ، ج ۳ ، ص ۴۵۷ .

5.. «ألف» : فهذه .

6.. «ب» : عيوننا .

7.. «ألف» : ندفنهم .

8.. «ألف» و «ب» : فنحضمها .
و الخَضْم : الأكل عامّةً ، و الأكل بأقصى الأضراس ، و القَضم بأدناها . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۸۳ خضم .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2367
صفحه از 488
پرینت  ارسال به