175
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

أفصح الكنايات عن الداخل في اليوم.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما أكثَرَ مَن استَقبَلَ يومَه، و دَخَلَ في شُروقه، و لم يَستغرِق بياضَه، بأن۱ قُبض دون ذلك! و كذلك ما أكثر مَن أمّل بلوغَ عملٍ۲ فكان مَبيتُه سواءَ لَحْده.

و هذا إنذار منه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله و تحذير مِن الدنيا و أحوالها و السكون إليها مع كثرة أهوالها.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ الدنيا دار نُقْلَةٍ و محلّ قُلْعَة، و۳ لا يجوِّز العقلُ الركونَ إليها و التعويل۴ عليها.

و راوي الحديث: عبدُ اللّه‏ بن عمر، قال: وعَظَنا رسولُ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقال: يا من الموتُ غايتُه، يا مَن القبر منزله، يا من الكفن سِتره، يا من التُّراب وِساده، يا من الدود جيرانه، يا من منكَر و نكير زُوّاره، يا أيُّها المودِّع غدا۵ عُرسه۶، كم من مستقبلٍ يوما لا يستكمله، و منتظرٍ غدا لا يَبلغه، لو نَظَرتم إلى الأجل و مسيرِه لأبغضتم الأملَ و غروره.۷

۳۸۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: عَجِبتُ لِغَافِلٍ وَ لاَ يُغفَلُ عَنهُ، /۲۶۲/ وَ عَجِبتُ لِمُؤَمِّلِ دُنيَا وَ المَوتُ يَطْلُبُهُ، وَ عَجِبتُ لِضاحِكٍ مِل‏ءَ فِيهِ وَ لا يَدري أَ أَرضَى اللّه‏َ أَم أَسخَطَهُ.۸

«الغَفلة»: سهو يَعتري الإنسانَ مِن قِلّة التحفّظ. و «الضِّحك»: انبساط الوجه و انفتاح

1.. «ألف» : فإن.

2.. «ألف» : مِن أمَلٍ و بلوغِ عملٍ .

3.. «ب» : ـ و .

4.. «ألف» : التعمّد .

5.. «ب» : ـ غدا .

6.. العُرس و العُرُس : مِهنة الإملاك و البِناء ، و قيل : طعامه خاصّةً ، اُنثى تؤنثها العرب و قد تذكر . قال الأزهري : العُرُس اسم من إعراس الرجُل بأهله إذا بَنى عليها و دخل بها ، و كلّ واحد من الزوجين عَروس و عُروس ، ثم تسمّى الوليمة عُرسا . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۱۳۴ ـ ۱۳۵ عرس .

7.. اُنظر المصادر المذكورة السالفة ذيل الحديث .

8.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۶ ، ح ۵۹۴ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۲ ، ص ۷۹ ؛ كتاب المجروحين ، ج ۱ ، ص ۲۶۲ مع الاختلاف فيهما ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۴۹ ، ح ۵۳۹۳ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۵ ، ص ۸۵۵ ، ح ۴۳۴۰۴ ؛ و ج ۱۶ ، ص ۶۶ ، ح ۴۳۹۶۱ . الأمالي للمفيد ، ص ۷۵ ، ح ۹ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۳۰ ، ح ۳۸ (و فيه عن الأمالي للمفيد) .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
174

غدا بضَيره۱ و يَصير لغيره، و لعلّه يَسعد فيما فيه شَقِيَ۲ فارغُ البال عمّا لَقي، و الّذي لا يَستيقن أنّ النفْس المستأنَفَ له قَمَزٌ۳ أن يَقصُر أمَلَه، إلاّ أنّ الغرور قد شَمِلَنا، و الإدبارَ قد عَمَّنا، و الشقاوةَ قد أحاطت بنا.

و روي: أنّ أبا الدَّرداء رضى‏الله‏عنه قال لأهل الشام: يا أهلَ الشام۴، اسمعوا مِن أخٍ لكم ناصحٍ: حتّى متى تَجمعون ما لا تأكلون، وتؤمِّلون ما لا تُدرِكون، و تَبنون ما لا تَسكنون؟! فقد كان مَن قَبْلَكم بَنوا شديدا، /۲۳۸/و أمَلوا بعيدا، و جَمعوا كثيرا، فأصبح جمعُهم بورا، و أمَلُهم غرورا، و بيوتهم قبورا ؛ إلاّ أنّ عادا مَلأتْ ما بين عُمان إلى صَنعاءَ أموالاً و أولادا، فمَن۵ يَشتري منّي ما تَركتْ عادٌ بدِرهَمَين؟!۶

و فائدة الحديث: التحذير من إشادة الأبنية، و عَقْد الأندية۷، و الجمع و المنع، و إطالة الأمل، و إساءة العمل، و الإشارةُ إلى عاقبة ذلك و مصيره۸.

و راوي الحديث: الحكم بن عمير.

۳۸۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: كَم مِن مُستَقبِلٍ يَوماً لا يَستَكمِلُهُ، وَ مُنْتَظِرٍ غَداً لا يَبلُغُهُ.۹

هذا الحديث قريب المعنى من الّذي قبله. «الاستقبال» التوجّه نحو القُبُل، و هذه من

1.. الضَّير : المَضَرَّة ، و لا ضَيْرَ أي لا حَرَجَ و لا مَضرّة . كتاب العين ، ج ۷ ، ص ۵۴ ضير .

2.. «ألف» : يشقى .

3.. «ألف» : قمن .
و القَمَز : صغار المال و رديئه و رُذاله الذي لا خير فيه كالقَزَم . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۹۷ قمز .

4.. «ألف» : ـ يا أهل الشام .

5.. «ألف» : من .

6.. المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۸ ، ص ۱۶۷ ، ح ۲ مع اختلاف يسير في اللفظ .

7.. النادي و جمعه الأندية : مجلس القوم . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۱۸ ندي .

8.. «ب» : ـ و مصيره .

9.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۵ ، ح ۵۹۳ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۸ ، ص ۲۲۳ ، ح ۵ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۹۶ ، ح ۶۴۱۹ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۷ ، ص ۷۲ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۴۹۱ ، ح ۷۵۶۱ . الأمالي للطوسي ، ص ۵۲۶ ، ح ۱ ؛ أعلام الدين ، ص ۱۸۹ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۵۹ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۷۴ ، ح ۳ و فيه عن مكارم الأخلاق .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2166
صفحه از 488
پرینت  ارسال به