15
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

أو تَجاوَزْ۱ فأنت ربٌّ رحيم

عن مُسيءٍ ذنوبُه كالتراب۲

و لو طالَبَنا اللّه‏ُ ـ تعالى و تقدّس ـ بجميع ما له علينا من الحقوق الّتي قابَلْناها بالعقوق هلكْنا فيك يا ربّنا، نعتصم مِن مناقشة الحساب و مزاولة۳ العذاب، و نحن عَبيدك المساكين، فاغفرْ و ارحم و اجمُل و جامِل۴ و لا تُناقِش ؛ فأنت أرحمُ الراحمين.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ مَن حاسبه اللّه‏ تعالى على جميع ما فعل عذّبه اللّه‏، أعاذنا اللّه‏ من العذاب ؛ «فنحن له» أي نحن ملكه، «و به» أي التجاؤنا به، «و منه» و قوّتنا منه، «و إليه»۵ /۱۸۴/ و انتهاؤنا إليه.

و راوية الحديث: عائشة.

۲۵۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن بَدَا جَفَا، وَ مَنِ اتَّبَعَ الصَّيدَ غَفَلَ، و مَنِ اقتَرَبَ مِن أَبوَابِ السُّلطانِ افتَتَنَ.۶

«بدا» الرجُلُ: إذا سَكَنَ الباديةَ و نَزَلها، يبدو بَداوةً فهو بادٍ.

و المعنى و اللّه‏ أعلم: أنَّه۷ إذا سَكن البوادي و البراري كان مِن ذكر اللّه‏ تعالى أبعد، و من الخير أقعد، و إلى الجفاء و الغلظة أقرب ؛ لقلّة ذكر اللّه‏ و الصلوات و الجماعات و الجُمُعات و الأذكار و ذكر المواعظ و النواهي فيها، و بعكس ذلك البلدان ؛ فإنّها۸ و إن جرى فيها ما لا يجوز و لا يَسوغ ؛ فإنّ الأذان و الجماعات و الجُمُعات۹ و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الاجتماعات و المَغاوث۱۰ حاصلة فيها، و فضلاً عن ذلك كلِّه فالحياء من الناس

1.. «ألف» : تسامح . و أصل تَجاوَز : «تَتجاوَز» ، فَخَفَّفَ إحدى التاءَين لمراعاة الوزن عبد الستّار .

2.. الفائق في غريب الحديث ، ج ۳ ، ص ۳۲۳ نسبه إلى ابن الأعرابي أنشده للحَجّاج ؛ بهجة المجالس ، ج ۳ ، ص ۳۶۹ .

3.. المزاولة : معالجة الشيء ، و مطالبته محاولته ، يقال : فلان يزاوِل حاجةً له ، و تَزاوَلوا : تَعالجوا . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۳۱۶ زول .

4.. «ألف» : احمل و حامل .

5.. «ألف» : «و به و منه قوّتنا ، و انتهاؤنا إليه و إليه» بدل «و به أي التجاؤنا به ، و منه و قوّتنا منه ، و إليه» .

6.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۲۲ ، ح ۳۳۹ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۷۱ ؛ السنن الكبرى ، ج ۱۰ ، ص ۱۰۱ ؛ مسند ابنراهويه ، ج ۱ ، ص ۳۹۴ ، ح ۴۲۹ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۱ ، ص ۱۷۶ . الأمالي للطوسي ، ص ۲۶۴ ، ح ۴۸۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۶۲ ، ص ۲۸۲ ، ح ۳۵ .

7.. «ألف» : ـ أنّه .

8.. «ألف» : ـ فإنَّها .

9.. «ب» : الجمعات والجماعات .

10.. «ب» : + «جمع مَغوثة ، و هي ما يَستغيث الناس فيه بغيره» .
و المغاوِث : الإغاثات و الإعانات ؛ ففي لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۷۴ غوث : ما كان لي عنه مَغوثةٌ و لا غوثٌ أي إغاثة . و الغِياث من الإغاثة : الإعانة .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
14

كلامهم: المناقشةُ تُورِث المُهارشة.۱

و «نوقش الحسابَ» أصله: نوقش في الحساب، فحُذِف الحرف، و اُوصل الفعلُ.۲

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن لم يسامَح في القيامة، و نوقش في حسابه على النَّقير۳ و القِطمير۴، كان علامة أن يعذَّبَ.

و لذلك۵ قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما مِن أحد يَدخل الجنّة بعمله. قيل: و لا أنت يا رسول اللّه‏؟ قال: و لا أنا، إلاّ أن يتغمّدني اللّه‏ برحمته.۶ و إذا كان رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يقول ذلك، فماذا نقول ليت شعري؟! و لا شكّ أنّه لا ينجو من يحاسَب على المناقشة من غير مسامحة و متاركة ؛ فإنّ اللّه‏ تعالى إذا حاسب بجميع نعمه علينا و جميع زلاّتنا و خطايانا الّتي لا نخلو منها في لَفَظاتنا /۱۷۰/ و لحظاتنا، لم نَنْجُ من سخطه إلاّ أن يرحمنا فهو الغفور الرحيم الغنيّ الكريم.

و روي: أنّ معاوية لمّا احتضر تمثّل بهذين البيتين:

إن تُناقِشْ يَكن نِقاشُك يا ربِّ

عذابا لا طَوْقَ لي بالعذاب

1.. الهِراش و الاهتراش : تَقاتُل الكلاب ، و الهِراش : المُهارَشة بالكلاب و هو تحريش بعضها على بعض ، و في الحديث :يَتهارشون تهارش الكلاب أي يَتقاتلون و يتواثبون . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۳۶۳ هرش .

2.. و هو ما يُصطلَح عليه عند النُّحاة بـ «النَّصب بنَزع الخافض» . عبد الستّار .

3.. النَّقير و النِّقر و النُّقرة : النكتة في النواة ، كأنّ ذلك الموضع نُقر منها ، و منها تنبت النخلة . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۲۲۸ نقر .

4.. القِطمير و القِطمار : شقُّ النواة ، و القشرة الدقيقة التي على النواة بين النواة و التمر . انظر : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۱۰۸ قطمر .

5.. «ألف» : و كذلك .

6.. تفسير مجمع البيان ، ج ۴ ، ص ۲۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۱۱ ؛ رياض السالكين ، ج ۵ ، ص ۳۱۷ ؛ الفائق في غريب الحديث ، ج ۲ ، ص ۴۴۵ ؛ كنز العمّال ، ج ۴ ، ص ۲۵۴ ، ح ۱۰۴۱۰ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2517
صفحه از 488
پرینت  ارسال به