و قوله عليهالسلام: «فليستقلّ مِنه» الهاء في «منه» ضمير السؤال الّذي يَدلّ عليه سأل.
و فائدة الحديث: النهي عن السؤال ما لم يكن ضرورةً، و إيعادُ النار على ذلك.
و راوي الحديث: أبو هريرة.
۳۵۶.قوله صلىاللهعليهوآله: مَنْ سَأَلَ عَن ظَهرِ غِنًى، فَصُدَاعٌ فِي الرَّأسِ، وَ داءٌ في البَطن.۱
هذا الحديث كالّذي قبله في ذمّ السائل من غير حاجة، فيقول صلىاللهعليهوآله: إنّ سؤال الغنيّ و طلبه المال إلى ماله صُداع في رأسه ؛ أي إنّه يتعنّى في جمعه، و يُريق ماءَ وجهه لتحصيله، فهو أذىً في الرأس و عَرَقٌ في الجبين، و إذا أكله صار داءً في بطنه لم يتهنّأ له۲، و هذا مَثَلٌ للمال ۳الحرام ؛ لأنّه يقال لآكل الحرام ؛ إنّه يَتعب في جمعه، و يَحوش۴ نارَ جهنّم إلى بطنه ؛ أي: إنّه يَستحقّ به نارَ جهنّم، فكأنّه يأكلها، و يجوز أن يكون قوله عليهالسلام: «و داء في البطن» إشارةً إلى الدار الآخرة و ما يُجازى به آكِلُ الحرام، كما قال تعالى: «إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارا وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيرا»۵، و المعنى أنّه شرٌّ يَتعب الرجُلُ في تحصيله ؛ لأنّه يتأدّى به إلى النار.
و فائدة الحديث: النهي عن السؤال من غير حاجة، و إعلام أنّه يوجب نار جهنّم.
و راوي الحديث: زياد بن الحرث۶ الصُّدائي، قال: كان سأل النبيَّ صلىاللهعليهوآله رجُل عن
1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۱۳ ، ح ۵۲۶ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۱۷۴ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۵ ، ص ۲۰۴ ؛ عمدةالقاري ، ج ۹ ، ص ۵۱ ؛ المعجم الكبير ، ج ۵ ، ص ۲۶۳ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۳۴ . ص ۳۴۶ ؛ البداية و النهاية ، ج ۵ ، ص ۹۷ ؛ كنز العمّال ، ج ۶ ، ص ۵۱۴ ، ح ۱۶۷۸۴ . جامع أحاديث الشيعة ، ج ۸ ، ص ۴۴۷ ، ح ۱۲۹۴ و فيه عن جامع الأخبار .
2.. «ألف» : ـ له .
3.«ألف» : المال .
4.. حاشَه : جَمَعَه و ساقَه . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۲۹۰ حوش .
5.. النساء ۴ : ۱۰ .
6.. كان الكُتّاب القدماء يرسمون كُلَّ ما هذا سبيلُه بحذف الألف ، فيكتبون القاسم و الحارث مَثَلاً : القسم و الحرث ؛ و لكنّهم يَلفِظون هذين الاسمين على الصواب فيقولون: القاسم و الحارث ، و أهل عصرنا يقرؤون «الحرث» على رسم القدماء كما يجدونه هكذا : «الحَرْث» ، و هو خطأٌ فاحِش و غلط شائف ، فليس في العرب من اسمه الحَرْث ؛ بل سَمَّوا : الحارث و الحُوَيرِث و حارثة! عبد الستّار .