137
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

قولك: عَبثتُ الأقِطَ۱، و العَبيثة: الأقط يفرَّغ۲ رَطْبٌ على يابسه.۳

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ناهيا عن العبث، رادّا عن اللعب، ضاربا المَثَلَ بالعُصفور الّذي يقتله العابث من غير غرض صحيح: إنّ العصفور المقتول باطلاً يجيء يوم القيامة، و يصرخ حول العرش متظلّما، يسأل ربّه أن يسأل قاتله لم قتله من غير جلب منفعة و لا دفع مضرّة؟! و هذا۴ مَثَلٌ ضربه بالعصفور، و إذا كان ظلمُ العصفور في صِغر جسمه و حقارته لا يُترك و لا يُهمل، بل يُستوفى عوضُ ما أصابه من الألم، فكيف بما فوقه من بني آدم و غيرهم، و إذا كان اللّه‏ تعالى قد مَكّن المؤلِمَ من الآلام۵ فلا بدّ أن يكون هو المستوفي لعوضه منه. و كلام العصفور يجوز أن يكون على طريق المثل و تقريب الحال، و يكون المعنى أنّ اللّه‏ تعالى لا شكّ مستوفٍ عوضَ ألمِ القتل من القاتل، فكأنّه يتظلّم حول العرش و يُنصَف۶، و يجوز أن يكون على حقيقته، و يُنطِقَه اللّه‏ُ /۲۲۰/تعالى فيَتظلَّمَ۷ حولَ العرش، و يكونَ ذِكرُ ذلك لطفا لمن يَسمعه، و فيه: أنّ الصيد لغير غرضٍ قبيحٌ۸، و كذلك صيد اللهو و اللعب.

و في الحديث دلالة على أنَّ۹ جميع الحيوانات من الوحوش و الطيور تُنْشَر، و فيه إثبات الأعواض.۱۰

1.. الأَقِطُ والإِقْطُ و الأَقْطُ و الاُقْط : شيءٌ يُتَّخذ من اللبن المخيض يطبخ ثُمّ يترك حتّى يَمْصُل . انظر : لسان العرب ، ج ۷ ،ص ۲۵۷ أقط .

2.. «ب» : يفرَّع .

3.. عَبَثْتُ الأقطَ : جَفَّفتُه في الشمس ، و قيل : فَرَّغه على اليابس ؛ ليَحمل يابسُه رَطبَه حتى يُطبَّخ ، و قيل : عَبَثَ الأقطَ : خَلَطَه بالسمن ، أو دَقَّه مع التمر ، و الاسم العَبيث و العَبيثة . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۶۶ عبث .

4.. «ألف» : هو .

5.. في بحار الأنوار نقلاً من ضوء الشهاب : الإيلام . بحار الأنوار ، ج ۶۱ ، ص ۲۷۰ .

6.. في بحار الأنوار : ينصفه .

7.. «ألف» : فينظلم .

8.. و هذا من أمثلة ما يُصطلح عليه بـ «فقه الحديث» . عبد الستّار .

9.. «ألف» : ـ أنّ .

10.. جمع العِوَض .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
136

و روي في سبب الحديث: أنّ عائشة قالت: إنّ امرأةً دخلتْ و معها ابنتان۱ لها تَسأل فلم تجد عندي غير تمرة، فأعطيتها /۲۴۴/ إيّاها، فقَسَمَتْها بين ابنتَيها، فلم تَأكل منها، ثمّ قامت فخرجت، فدخل النبيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فأخبرته فقال: مَن ابتُلي مِن هذه البنات بشيء... الحديث.۲

و عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: حُرِّمَتِ الجنّةُ على كلّ آدميٍّ و جِنّيٍّ أن يَدخلها قبلي، غيرَ أنّي أنظر عن يميني و شمالي، فإذا امرأةٌ تبادرني باب الجنّة! فأقول: يا ربّ، امرأة تبادرني باب الجنّة؟! فيقال: إنّ هذه امرأةٌ كانت في الدنيا حَسنةً جميلةً شابّةً، عليها أيتام فقامت عليهم، فها هي تُبادرك باب الجنّة.۳ أو كما رُوي.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ الإحسان إلى البنات و حفظهنّ حتّى۴ لا يَفتضحن سِترٌ من النار.

و راوية الحديث: عائشة.

۳۵۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن قَتَلَ عُصفُوراً عَبَثاً جاءَ يَومَ القيامَةِ وَ لَهُ صُراخٌ حَولَ العَرشِ يَقولُ: رَبِّ سَلْ هذَا: فِيمَ قَتَلَني مِن غَيرِ مَنفَعَةٍ؟!۵

«العَبَث» مِن فِعل العالِم: ما ليس فيه غرضُ مِثْلِه، و قيل۶: هو ما خُلِطَ به لَعِبٌ، مِن

1.. «ألف» : بنتان .

2.. مسند ابن المبارك ، ص ۱۵۲ ، ح ۱۴۹ ؛ فيض القدير ، ج ۶ ، ص ۲۸ ، ح ۸۲۷۸ .

3.. كنز العمّال ، ج ۱۶ ، ص ۴۵۹ ، ح ۴۵۴۲۹ ؛ تاريخ جرجان ، ص ۲۲۵ في كليهما نحوه .

4.. «ألف» : ـ حتّى .

5.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۱۳ ، ح ۵۲۴ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۳۸۹ ؛ سنن النسائي ، ج ۷ ، ص ۲۳۹ ؛ الآحاد و المثاني ،ج ۳ ، ص ۲۱۴ ، ح ۱۵۷۲ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج ۳ ، ص ۷۳ ، ح ۴۵۳۵ . دعائم الإسلام ، ج ۲ ، ص ۱۷۵ ، ح ۶۲۹ و فيه عن الإمام الباقر عليه‏السلام ؛ بحار الأنوار ، ج ۶۱ ، ص ۴ ؛ و ص ۲۷۰ ، ح ۳۴ (و فيه عن مسند الشهاب) ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۸ ، ص ۳۰۳ ، ح ۹۵۰۴ و ۹۵۰۷ ؛ و ج ۱۶ ، ص ۱۳۰ ، ح ۱۹۳۶۵ (و فيه أيضا عن مسند الشهاب ، مع اختلاف يسير في كلّ المصادر) .

6.. راجع : المفردات للراغب ، ص ۳۲۰ ؛ فتح القدير للشوكاني ، ج ۳ ، ص ۵۰۰ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2437
صفحه از 488
پرینت  ارسال به