131
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و «المُنكَر»: ما يستقبحه العقلُ السليم، و أصله مِن نَكِرتُه إذا ورد عليك ما لم يَتصوّره قلبك، و كذلك النكر، و بالعكس منه المعروف و العُرْف كأنّ القلب يعرفه و يقبله.

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن لم تكن صلاته طريقا إلى الامتناع عن القبيح، لم تُقرِّبه تلك الصلاةُ مِن اللّه‏ تعالى ؛ و ذلك لأنّ الواجبات الشرعيّة لُطَفٌ۱ في الواجبات العقليّة و مقرِّبةٌ إليها، فإذا رأينا العبادة و لا تكون لطفا فيها، فلا يبعد أن تكون مدخولةً ليست واقعةً على وجوهها المشروعة، فلا يَزداد صاحبُ الصلاة الّتي لا تَنهى عن الفحشاء و المنكر إلاّ بعدا ؛ إمّا لأنّه مراءٍ بها، أو غيرُ آتٍ بها على الوجه، فحينئذٍ لا تكون صلاةً ؛ فأمّا إذا كانت صلاتُه على الوجه المأمور صَرَفَته عن جميع القبائح. و من يطأ كُلَّ يومٍ خَمسَ مرّات مصلاّه يناجي اللّه‏ تعالى، تَردعه نجواه هذه عن القبائح، و تَحمِله على الاستنكاف مِن ارتكابها.

و قوله عليه‏السلام: «لم يَزدَد» يجوز أن يكون متعدّيا كقوله عزّ و جلّ: «وَ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَ مَا تَزْدَادُ»۲ أي تَنقُص و تزيد، فيكون «بعدا» مفعولاً، و يجوز أن يكون غير متعدٍّ فيكون مميِّزا.

و فائدة الحديث: الأمرُ بالإخلاص، و إعلام أنّ العمل ما لم يكن مُخلَصا لم ينفع.

و راوي الحديث: ابن عبّاس.

۳۵۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَنْ كانَتْ لهُ سَريرةٌ صَالِحَةٌ أَو سيِّئَةٌ، نَشَرَ اللّه‏ُ عَلَيهِ مِنها رِداءً يُعرَفُ بِهِ.۳

«السَّريرة»: الخَلَّة يُسِرُّها الإنسانُ في نفسه خيرا كانت أو شرّا.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن أسَرَّ شيئا ـ خيرا كان أو شرّا ـ ظهرتْ علامات ذلك عليه بحيث يَعلم

1.. «ألف» : ـ لطف .

2.. الرعد ۱۳ : ۸ .

3.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۰۶ ، ح ۵۱۰ و ۵۱۱ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۲ ، ص ۳۸۲ ؛ علل الدارقطني ، ج ۵ ، ص ۳۳۳ ؛ميزان الاعتدال ، ج ۱ ، ص ۵۵۹ ؛ فتح القدير ، ج ۱ ، ص ۱۰۱ ؛ الدرّ المنثور ، ج ۱ ، ص ۷۹ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۲۷ ، ح ۵۲۸۸ مع اختلاف يسير في كلّ المصادر غير الأوّل .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
130

اللّه‏ تعالى ظانّا أنّه۱ بتلك المعصية يصل إلى غرضه، كان ذلك أشَدَّ إفاتةً۲ للمرجوّ، و أشدّ لتقريب ما يتّقيه. و أصل الباب في المبالغة بأفعل أن يجيء من الفعل الثلاثي، و قد جاء قليلاً من الزائد على۳ الثلاثي على حذف الزوائد كقوله:

يقولون لي: اصرمْ يَرجعِ۴ العقلُ كُلُّه

و صَرْمُ حبيب النفْس أذهبُ للعقل۵

أي أشَدُّ ذهابا، فحَذَفَ الزوائدَ لدلالة الكلام عليه.

و فائدة الحديث: النهي عن محاولة الاُمور بمعصية اللّه‏ تعالى، و إعلام أنّ ذلك ممّا يُفيت الغرض و يُحِلُّ المحذور.

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۳۵۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن لَم تَنهَهُ صَلاتُهُ عَنِ الفَحشاءِ /۲۴۱/ وَ المُنكَر لَم يَزدَدْ بِها مِنَ اللّه‏ِ إِلاَّ بُعداً.۶

«الفحشاء»: ما عَظُمَ قبحه فعلاً كان أو قولاً، و كذلك الفاحشة و الفحش، و قد فَحُشَ الشيءُ: صار فاحشا، و قد وُصف البخل المتجاوِز القبحَ بالفُحش.

قال طَرَفة۷:

أرى الموتَ يَعتام الكرامَ و يَصطفي

عقيلةَ مال الفاحش المتشدِّد۸

1.. «ألف» : بأنّه .

2.. «ألف» : آفائه .

3.. «ألف» : على الزائد من .

4.. «ب» : برجع .

5.. راجع : تاريخ الإسلام ، ج ۱۰ ، ص ۱۳۷ ؛ الوافي بالوفيات ، ج ۱۳ ، ص ۴۳ ؛ فوات الوفيات ، ج ۱ ، ص ۳۶۸ .

6.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۰۵ ، ح ۵۰۸ و ۵۰۹ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۲ ، ص ۲۵۸ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۱ ، ص ۴۶ ؛ تخريجالأحاديث و الآثار للزيلعي ، ج ۳ ، ص ۴۴ ؛ فتح الباري ، ج ۱۳ ، ص ۳۲۹ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۶۴۴ ، ح ۹۰۱۴ . تفسير مجمع البيان ، ج ۸ ، ص ۲۹ ؛ جامع البيان ، ج ۲۰ ، ص ۱۸۹ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۹ ، ص ۱۹۸ ؛ مكيال المكارم ، ص ۲۹۸ .

7.. و هو ابن العبد الشاعر الجاهلي المشهور أحد أصحاب المُعَلَّقات ، و هذا البيت من معلَّقته المشهورة التي مطلعها :
لِخَولَةَ أطلالٌ ببُرقَةِ ثَهْمَدِ تَلُوحُ كَباقي الوَشم في ظاهر اليد

8.. اُنظر : أشعار الشعراء الستّة الجاهليِّين ، ج ۲ ، ص ۴۲ ؛ جمهرة أشعار العرب ، ص ۲۰۵ ؛ الشعر والشعراء ، ج ۱ ، ص ۱۸۳ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2247
صفحه از 488
پرینت  ارسال به