125
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

في ذلك كراهة الناس ـ رضي اللّه‏ تعالى عنه، و حَمَلَ الناسَ على أن يَرضوا عنه ؛ و بالعكس /۲۳۸/ من ذلك: مَن طَلَبَ۱ رضا الناس و تَوَخَّى۲ مرادَهم بما فيه سَخَطُ الخالق، انتقَضَ عليه غرضُه الّذي حامَ حولَه، فسَخِطَ اللّه‏ُ تعالى عليه لتعرُّضه له، و حَمَلَ الناسَ على أن يَسخَطوا عليه.

يَحثّ بهذا الكلام على إحراز مَراضي اللّه‏ تعالى، و قلّةِ الالتفات إلى الناس و الاعتداد بهم و الاكتراث بمكانهم، و أن لا تَأخذ الرجُلَ المسلِمَ في ذات اللّه‏ لومةُ لائمٍ، و يُحذِّرُ مِن سخط اللّه‏ إن أهمَلَ جانبَه، و حَطَّ في هوى غيره، و اكتسب كراهته.

و فائدة الحديث: الأمر بالاستمساك بعصمة اللّه‏، و الاعتصام به، و التوكّل عليه، و الإكباب على تحصيل رضاه، و الإضراب عن الناس.

و راوية الحديث: عائشة.

۳۴۵.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن مَاتَ عَلَى خَيرِ عَمَلِهُ فَارجُوا لَهُ خَيراً، وَ مَن ماتَ عَلَى سَيِّئِ عَمَلِهِ فَخَافُوا عَلَيهِ وَ لاَ تَيْأَسُوا.۳

لمّا كان الاعتماد على خاتمة الإنسان و ما يودِّع به الدنيا، فإن كان خيرا دلّ على أنّه استأنف عملاً صالحا، و نَدِمَ على ما فرّط فيه ؛ و إن كان سيّئا دلّ على أنّه مخذول قد حَرَمَ نفْسَه الخيرَ، و جَلَبَ إليها ما تَستضِرّ به، و كانت عاقبةَ أمره، اعتَبر صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بها۴ فقال: مَن مات على العمل الصالح فتَوَقَّعوا له الخير في المصير و العاقبة.

1.. «ألف» : ـ مَن طلب .

2.. توخَّيتُ الشيءَ : قصدتُ إليه و تعمَّدت فعله و تحرَّيت فيه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۸۲ وخي .

3.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۰۲ ، ح ۵۰۲ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۵ ، ص ۶۹۴ ، ح ۴۲۷۷۹ . الدعوات ، ص ۲۳۷ ، ح ۶۶۱ ؛ كشفاللثام للفاضل الهندي ، ج ۱۱ ، ص ۵۲۵ و ۵۳۱ .

4.. «ألف» : ـ بها .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
124

۳۴۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن طَلَبَ مَحامِدَ النَّاسِ بِمَعَاصِي اللّه‏ِ عَادَ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذَامّاً.۱

«المَحمِدة» بكسر الميم الثانية: الخَلَّة الّتي يُثْنى على الإنسان لكونها فيه، هذا إذا أفردتَها بالذِّكر، فإن ذكرتَها مع المذمّة فَتحتَ الميمَ مراقبةً للازدواج. و «المعصية»: الخروج عن الطاعة و الانقياد ؛ يقال: عصاه يَعصيه عَصْيا و معصيةً فهو عَصيٌّ و عاصٍ، و ذاك مَعْصيّ.

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن تَحَمَّدَ إلى /۲۱۵/ الناس بما لا يرضاه اللّه‏ تعالى، و تذرّع۲ بمعصيته إلى رضاهم، جعل اللّه‏ تعالى المتقرَّب إليه بمعصية اللّه‏ ذامّا له ماقتا فِعلَه.

و اعلم ـ أيّها الأخ الصالح ـ أنّ المرتكب للمعصية مذموم عند جميع الناس، حتّى لو كانت المعصية برضى المتقرَّب بها إليه و بأمره لكان أوّلَ ماقِتٍ له و إن كان ذلك له لا عليه، هذا مغَرَّز۳ في الجِبِلّة. و بالعكس من ذلك: إذا راقب الإنسانُ جانبَ اللّه‏ تعالى، حَمِدَه الناسُ ؛ حتّى لو ضَرَّ ذلك إنسانا لكان يحمده في نفسه.

و فائدة الحديث: النهي عن طلب رضا الناس بمعصية اللّه‏ تعالى، و إعلام أنّها صفقةٌ۴ خاسرة.

و راوية الحديث: عائشة.

۳۴۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَنِ التَمَسَ رِضَى اللّه‏ِ بِسَخَطِ النَّاسِ، رَضِيَ اللّه‏ُ عَنهُ وَ أَرضَى عَنهُ النَّاسَ ؛ وَ مَنِ التَمَسَ رِضَى النَّاسِ بِسَخَطِ اللّه‏ِ، سَخِطَ اللّه‏ُ عَلَيهِ، وَ أَسخَطَ عَلَيهِ النَّاسَ.۵

هذا الحديث قريب المعنى ممّا قبله ؛ يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن تَجَرَّدَ طالبا لرضا اللّه‏ تعالى ـ و إن كان

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۹۹ و ۳۰۰ ، ح ۴۹۸ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۲۲۵ ؛ ضعفاء العقيلي ، ج ۳ ، ص ۳۴۳ ،ح ۱۳۷۲ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۵ ، ص ۲۵۹ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۳ ، ص ۱۰۵ ؛ العهود المحمّديّة ، ص ۷۹۷ ؛ كشف الخفاء ،ج ۲ ، ص ۲۳۴ ، ح ۲۴۱۱ . أعلام الدين في صفات المؤمنين ، ص ۳۳۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۷۸ ، ذيل ح ۱۰ .

2.. «ألف» : تدرّع .
و قد تذرَّعَ فلانٌ بذريعة : توسَّلَ . لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۹۶ ذرع .

3.. غَرَّزَ الإبرةَ في الشيء : أدخلها . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۸۶ غرز .

4.. الصَّفقة : ضرب اليد على اليد في البيع و البيعة ، و كانت العرب إذا وجب البيع ضرب أحدهما يده على يد صاحبه ، ثمّ استعملت الصفقة في العقد فقيل : بارَكَ اللّه‏ لك في صفقة يمينك . راجع : كتاب العين ، ج ۵ ، ص ۶۷ ؛ المصباح المنير ، ص ۳۴۳ ؛ لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۲۰۱ صفق .

5.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۰۰ و ۳۰۱ ، ح ۴۹۹ ـ ۵۰۱ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۳۴ ، ح ۲۵۲۸ و فيه مع الاختلاف ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۷ ، ص ۸۲ ؛ مسند ابن راهويه ، ج ۲ ، ص ۶۰۰ ، ح ۱۱۷۵ مع اختلاف فيه ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۵۴ ، ص ۲۰ ؛ العهود المحمّديّة ، ص ۷۹۷ ؛ كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ ، ح ۲۴۱۱ . الأمالي للصدوق ، ص ۲۶۸ ، ح ۲۹۳ ؛ الاختصاص ، ص ۲۲۴ (و فيهما عن الإمام عليّ عليه‏السلام) ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۷۲ (و فيه عن الإمام الحسين عليه‏السلام ، مع الاختلاف في الثلاثة الأخيرة) .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2189
صفحه از 488
پرینت  ارسال به