95
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

الّذين يقول اللّه‏ فيهم النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَثَلُ المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغَنَمَين.۱ و إنّما شبّهه بالشاة العائرة ؛ لأنّها مُفْلِتةٌ مُخرِجةٌ رأسَها مِن العَقد متحيّرةٌ لا تَدري بأيّ قطيع تَلحَق، و ربّما ضلّت۲ عن الأقاطيع، فلم تَلحق بشيء منها، فكانت طعمة الذئب ؛ كذلك الإنسان إذا فَتَح على نفْسِه أبواب البِدَع جَعل يَنسلُّ مِن الدين إنسلالاً حتّى ينقطع من الحقّ المُجمَع عليه، فيصير طُعمةً للشيطان، فيأخُذَ بحلقه فيصرِّفَه كيفما شاء.

و الحديث حَثٌّ على ملازمةِ ما الإجماع واقع عليه.

و قال عليه‏السلام: لا تجتمع اُمّتي على الضلال.۳ و المعنى أنّ الحقّ ليس بخارج من الاُمّة، و ليس الإجماع ما اجتمع عليه الدَّهماء۴، و تَطابَقَ۵ عليه الحَشوُ و الغَوغاء، و لا الغرض به الكثرة، فلو كان مثلاً أحَدٌ مِن الناس على الحقّ لكان الإجماع في جنبته، و لو اجتمع عالَم منهم على الباطل و البدعة لكانوا مبتدعين، و لا اعتبار بالكثرة، و إنّما الاعتبار بالحقّ و تحرّيه و تجنّب الباطل و تحاميه، /۲۰۴/و على العاقل أن يعزل عن نفسه حُبَّ النَّشْئ۶ و دينَ الآباء و عقيدةَ المعلّم ؛ فإنّه أبٌ ثانٍ يَقتدي الإنسان به، و الحقّ لا يُعرف بالرجال، و أن يَخلَعَ عن قلبه حبّ البلدة الّتي هي مسقط رأسه و مَسرَح أنفاسه ؛ فإنّ البلدان عند اللّه‏ تعالى كلّها بلدة واحدة، و التراب لا يَهدي، و۷ إنّما الدليل هو النظر الشافي في المدلول على الوجه بشريطة۸ أن يَخلع الهَوى و يُسوِّي العقائدَ كلّها عند نفسه، فإذا فعل ذلك اهتدى إلى الحقّ المُجمَع عليه بتوفيق اللّه‏ تعالى و تركِ البدع جانبا.

1.. مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۸۲ و ۸۸ ؛ صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۱۲۵ ؛ سنن النسائي ، ج ۸ ، ص ۱۲۴ .

2.. «ألف» : أضلّت .

3.. المدوّنة الكبري ، ص ۸ .

4.. الدَّهماء : العدد الكثير ، و دَهماء الناس : جماعتهم و كثرتهم . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۲۱۲ دهم .

5.. «ألف» : طابق .

6.. «ألف» : الشيء .

7.. «ب» : ـ و .

8.. «ألف» : بشرائطه .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
94

و فائدة الحديث: الحثّ على الاستعصام بعصمة۱ اللّه‏ تعالى و إيثار رضاه على رضى الخلق، و إعلام أنّه إذا لم يراقِبْ جانِبَ الخَلق كفاه اللّه‏ تعالى شرَّهم، و نحّى عنه۲ ضرّهم.

و راوية الحديث: عائشة.

۳۱۵.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن فَارَقَ الجَماعَةَ شِبراً خَلَعَ رِبقَةَ الإسْلاَمِ مِن عُنُقِهِ.۳

«الرِّبق»: حَبل فيه جماعةُ عقودٍ يُجعل رأسُ كلّ بَهْمَة۴ في واحد منها، و الواحد منها۵ رِبْقة، و الجمع الرِّبَق و الأرباق و الرِّباق، و رَبَقتُ /۲۲۲/ الجَدْيَ۶ أربُقُه رَبْقا: إذا سَلَكْتَ رأسَه في الرِّبقة، و ارتَبَقَ الجَدْيُ، و يقال: ارتَبَقَ الظَّبْيُ في الحِبالة أي عَلِقَ، و الرَّبيقة: البَهَمَة المربوقة في الرِّبْق، قاله يعقوب بن السِّكِّيت رحمه‏الله.۷

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن فارَقَ الجماعةَ ـ و لو بقليل ممّا يبتدعه هو أو يَقتدي ببدعة ـ فقد انسَلَّ مِن عقد الإسلام ؛ لأنّه إذا فعل ذلك فقد انحلّتْ عروةٌ مِن عُرى إسلامه ؛ فإن رجع إليها، و إلاّ تَسكَّعَ۸ في طغيانه، و تَردَّى في هلاكه، و عارَ۹ عن القطيع الّذي فيه الحقُّ، و صار مِن

1.. «ألف» : بعظمة .

2.. «ب» : ـ عنه .

3.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۷۶ ، ح ۴۴۸ ؛ كتاب الاُمّ للشافعي ، ج ۴ ، ص ۱۷۲ ؛ مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۱۸۰ ؛ سنن أبيداود ، ج ۲ ، ص ۴۲۶ ، ح ۴۷۵۸ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۲۲۶ ، ح ۳۰۲۳ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۱۱۷ . المبسوط للطوسي ، ج ۷ ، ص ۲۶۳ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۲۸۱ ، ح ۱۲۰ ؛ منتهى المطلب للحلّي ، ج ۲ ، ص ۹۸۳ ؛ جواهر الكلام ، ج ۲۶ ، ص ۲۰۹ .

4.. البَهمة : الصغير من أولاد الغنم الضأن و المعز و البقر من الوحش و غيرها . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۵۶ بهم .

5.. «ب» : ـ منها .

6.. الجَدي : الذَّكر من أولاد المعز . لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۳۹ جدو .

7.. راجع : الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۸۰ ؛ لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۱۳ ربق .

8.. تَسَكَّعَ في أمره : لم يَهتدِ لوِجهَته ، و سَكَعَ و تَسَكَّعَ : مشى متعسِّفا ، و ما أدري أين سَكَعَ و أين تسكَّع أي أين ذهب و أخذ؟ انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۱۵۹ .

9.. «ألف» : عاز .
و عارَ الفَرَسُ و الكلبُ : ذَهَبَ كأنّه مُنفَلِت من صاحبه يتردّد ، و عار الرجُلُ أي ذَهَبَ أو تردَّد في ذهابه و مجيئه . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۶۲۲ عير .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2509
صفحه از 488
پرینت  ارسال به