و إنّما اختَصَّ الخبيئةَ بالذِّكر ؛ لأنّ الطاعة إذا كانت مكتومةً كانت أقربَ إلى التقرّب، و أحرى بالقبول، و أبعد مِن شَوب الرياء و النفاق، و أدخل في الإخلاص. و في الحديث: أفضل العبادة ما اُخفي.۱
و فائدة الحديث: الحثّ على سريرةٍ صالحةٍ يُخْلِصها العبدُ للّه تعالى، و لا يَطَّلِع عليها۲ غيرُه ؛ لتكون كالعقدة الّتي يَعقِدها الإنسان.
و راوي الحديث: ابن عمر.
۳۰۹.قوله صلىاللهعليهوآله: مَن فُتِحَ لَهُ بابُ خَيرٍ فَليَنتَهِزْهُ ؛ فَإِنَّهُ لا يَدري مَتَى يُغلَقُ عَنهُ.۳
«النُّهْزَة»: الفرصة، و انتَهزتُها: اغتنمتها، و قد ناهَزَتْهم الفُرَصُ، و هما يَتناهزانِ إمارةَ البلد إذا ابتدراها.
فيقول صلىاللهعليهوآله: مَن مُكِّن من خير، و فُتح عليه بابه، و فُسح له، فليبادر إليه ؛ فإنّ الزمان عَثور، و الآفات كثيرة، و لا يدري الإنسان متى لا يَقدر؟ و ما أحسَنَ ما قال الشاعر:
ليس في كُلّ ساعة و أوان
تَتَهَيّا۴ صنائعُ۵ الإحسانِ
فإذا أمكَنَتْك يوما مِن الدهرفبادِرْ بها صُروفَ الزمان
و تَشاغلْ بها و لا تَلْهَ عنهاحَذَرا مِن تعذُّر الإمكان۶
و لا يريد بالخير مثالَ۷ محقَّرٍ مِن الدنيا الفانية، إنّما هو إشارة إلى خير يكون سببا
1.. راجع : تاريخ بغداد ، ج ۱۲ ، ص ۳۵۱ .
2.. «ألف» : و يطلع عليه .
3.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۶۸ ، ح ۴۳۵ و ۴۳۶ ؛ وفيات الأعيان ، ج ۷ ، ص ۱۷۸ . الزهد للحسين بن سعيد ، ص ۱۱۷ و۳۹۴ و فيه مع اختلاف ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۶۵ ، ذيل ح ۹۲ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۲ ، ص ۱۴۱ ، ح ۱۳۷۲۹ ؛ جامع أحاديث الشيعة ، ج ۱۴ ، ص ۳۱۷ ، ح ۲۶۶۷ (و في الثلاثة الأخيرة عن عوالي اللآلي) .
4.. بِتسهيل الهمزة لمراعاة الوزن .
5.. «ألف» : يتهيّأ صانع .
6.. اُنظر : المحاسن والأضداد ، ص ۹۳ ؛ المحاسن و المساوي للبيهقي ، ص ۱۸۸ .
7.. «ألف» : مَنال .