77
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إذا بَلَغَ المرءُ المُسلِمُ أربعينَ سَنَةً صَرَفَ اللّه‏ُ عنه۱ ثلاثةَ أنواعٍ من البلاء: الجنونَ والجذامَ و البَرَصَ، فإذا بلغ خمسينَ سنةً خَفَّفَ اللّه‏ عنه ذُنوبه، فإذا بلغ ستّين /۱۹۷/سنةً رزقه الإنابةَ إليه، فإذا بلغ سبعينَ سنةً أحَبَّه أهلُ السماء، فإذا بلغ ثمانينَ سنةً اُثبتتْ حسناتُه و مُحِيَتْ عنه سيّئاتُه، فإذا بلغ تسعين سنةً غُفر له ذنوبه ما تَقَدَّمَ منها۲ و ما تأخّر، و كان أسير اللّه‏۳ في الأرض، و يُشَفَّعُ في أهلِ بيتِه يومَ القيامة.۴

و رَوى وَهَبُ بن منبِّه قال: مكتوب في بعض كُتُب اللّه‏: أبناءَ الأربعين زَرْعٌ قد دَنا حَصادُه، أبناءَ الخَمسينَ هَلُمُّوا لِلحساب، أبناءَ الستّينَ ماذا قَدَّمتم و ماذا أَخَّرتم؟ لا عُذْرَ لكم، أبناءَ السبعين عُدُّوا أنفسَكم مِن الموتى، لَيْتَ الخلائقَ لم يُخْلَقوا! فإذا خُلقوا عَمِلوا لما خُلقوا.۵

/۲۱۴/ و روي عنه عليه‏السلام: خَلَقَ اللّه‏ ـ تبارك و تعالى ـ مَلَكا تحت عرشه۶ يسبّحه بجميع اللغات المختلفة، فإذا كان ليلةُ الجمعة أمَرَه أن يَنزِل إلى سماء الدنيا، و يَطَّلع إلى أهل الأرض، و يقول: يا أبناءَ العشرين لا تَغُرَّنّكم الدنيا، و يا أبناءَ الثلاثين اسمَعوا و عُوا، و يا أبناء الأربعين جِدّوا و اجتَهِدوا، و يا أبناءَ الخمسين لا عُذْرَ لكم، و يا أبناءَ الستّين ماذا قَدَّمتم من دنياكم لآخرتكم۷؟ و يا أبناءَ السبعين زَرْعٌ قد دنا حَصادُه، و يا أبناء الثمانين أنتم اُسراءُ اللّه‏ في أرضِه، و يا أبناءَ التسعينَ آنَ۸ لكم الرحيلُ فتَزَوَّدوا، و يا أبناءَ المئة أتتكم الساعة و أنتم لا تشعرون! هكذا۹ يَقولُ حتّى

1.. «ألف» : ـ عنه .

2.. «ب» : ـ منها .

3.. «ألف» : أسيرا للّه‏ .

4.. مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۸۹ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۳ ، ص ۴۷۸ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۵ ، ص ۶۷۰ ، ح ۴۲۶۶۴ ، و ص ۷۶۳ ،ح ۴۳۰۰۴ .

5.. مستدرك الوسائل ، ج ۱۲ ، ص ۱۵۷ ، ح ۱۳۷۷۱ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۳ ، ص ۳۹۱ ، ح ۱۲ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۶ ، ص ۷۸ ،ح ۴۴۰۰۴ ؛ الدرّ المنثور ، ج ۳ ، ص ۱۲۲ .

6.. «ألف» : العرش .

7.. «ألف» : لاُخراكم .

8.. «ألف» : إنَّ .

9.. «ب» : «هكذي» ، و كذلك المورد الآتي .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
76

و في كلامهم: قد أعذَرَ مَن أَنذَرَ۱ ؛ أي: مَن أنذر فقدْ صار ذا عذر أو جاء بعذر.

و معنى الحديث: أنّ مَن فسح۲ اللّه‏ تعالى له في عمره۳، و أعاشه ستّين سنةً، فقد حَصَلَ للّه‏ تعالى في تعذيبه عذر إن عذّبه ؛ لأنّه قد أعطاه من العمر «مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ»۴، و لم يقتصر على ذلك ؛ فقد عَزَّز۵ العقلَ بالنذير الّذي يُنذِر، و الكتاب الّذي فيه بيان كلّ شيء، و هذا مَجاز، و إلاّ فإطلاق العُذر على اللّه‏ تعالى غير جائز ؛ لأنّه يُطلَق على من يأتي بمنكر۶ ثمّ يوجِّه له، و اللّه‏ ـ تعالى و تقدّس ـ يتعالى۷ عن ذلك علوّا كبيرا، و المعنى يَؤول إلى أنّ۸ مَن يعاقِب۹ بعد إبقاء ستّين سنةً ـ و هو يعصي بَعدُ ـ فهو معذور على فعله. و «إلى» يتعلّق بمضمر، و التقدير: فقد أعذر فيما يَسبق منه إليه أو يَتعدّى إليه و نحو ذلك. و قد تقدّم ما يُشبِه ذلك في الحديث الثالث إذا رجعتَ القهقرى، و قيل: أَعْذَرَ: بَلَغَ أقصى العذر.۱۰ و في الحديث إشارة إلى أنّ المعاصي مع الشيب أشنَعُ و أفظَع۱۱.

و روي عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء الستّين؟ و هو الّذي قال اللّه‏ تعالى: «أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ»۱۲، و مَنْ عَمّره اللّه‏ُ ستِّين سَنَةً فقد أعذَرَ إليه في العُمر.۱۳

1.. و هذا من أمثال العرب . انظر : مجمع الأمثال للميداني ، ج ۱ ، ص ۴۹۰ ؛ أساس البلاغة للزمخشري ، ص ۶۱۸ .

2.. «ألف» : فتح .

3.«ألف» : العمر .

4.. فاطر۳۵ : ۳۷ .

5.. عَزَّز : شدَّدها . انظر : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۷۷ عزز .

6.. «ألف» : المنكر .

7.«ألف» : و اللّه‏ ـ عزَّوجلَّ ـ تعالى .

8.. «ب» : ـ أنّ .

9.. في هامش «ب» : «أي اللّه‏» . و الأولى : يعاقبه اللّه‏ُ .

10.. راجع : فيض القدير للمناوي ، ج ۶ ، ص ۲۳۷ ، ذيل ح ۸۸۶۷ .

11.. «ألف» : أقطع .
و فَظُعَ الأمرُ و أفظَعَ : اشتدَّ و شنُع و جاوزَ المقدار . لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۲۵۴ فظع .

12.. فاطر ۳۵ : ۳۷ .

13.. السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۳ ، ص ۳۷۰ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۸ ، ص ۴۹ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۱ ، ص ۱۴۳ ؛ الجامع الصغير ،ج ۱ ، ص ۱۲۶ ، ح ۸۱۷ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2605
صفحه از 488
پرینت  ارسال به