459
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و فائدة الحديث: النهي عن الخلوة مع النساء ؛ فإنّها لا تُفضي إلى الصواب.

و راوي الحديث: عمر بن الخطّاب، قال: كان هذا الكلام في خطبة له صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

۶۱۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لاَ تُرضِيَنَّ أَحَداً بِسَخَطِ اللّه‏، وَلاَ تَحْمَدَنَّ أحَداً عَلى فَضلِ اللّه‏، وَلاَ تَذُمَّنَّ أحَداً عَلى مَا لَمْ يُؤتِكَ اللّه‏ُ ؛ فَإِنَّ رِزقَ اللّه‏ِ لاَ يَسُوقُهُ إِلَيكَ۱ حِرصُ حَريصٍ، وَلاَ يَرُدُّهُ عَنكَ كَراهِيَةُ كارِهٍ.۲

هذه مكارم الأخلاق يُعَلِّمها صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الناسَ فيقول عليه‏السلام: لم يَبلغ قدرُ أحد أن يُتحرّى رضاه بسخط اللّه‏ تعالى، و كيف يُسخَطُ۳ المُنعِمُ الّذي منه اُصول النعم من الحياة و القدرة و العلم و الشهوة و التوفيق و نصب الأدلّة و الإمهال إلى غير ذلك من النعم؟ ـ كما قال تعالى: «وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّه‏ِ لاَ تُحْصُوهَا»۴ ـ لمكان رضى مخلوق مِثلك لا يَقدِرُ على موتٍ و لا حياة، تقتله الشَّرَقُة۵ و تُميته الغصّة، لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرّا، فضلاً /۳۹۰/ عن غيره، فلا و اللّه‏ لا يرخِّصُ العقلُ و لا يُفتي بجواز ذلك ؛ لكنَّ البصائرَ كُمْه، و الأسماع صُمٌّ، و القلوب غلف.

ثمّ يقول عليه‏السلام: «و لا تَحمَدَنّ أحدا على فضل اللّه‏» الواصل إليك ؛ فإنّه و إن وصل على يده، فهو كالسبب و الحَمّال الّذي يَحمِل إليك، و المُنعِم هو اللّه‏ُ جَلَّتْ عَظَمَتُه.

ثمّ قال عليه‏السلام: «و لا تَذُمَّنَّ أحدا على ما لم يؤتك اللّه‏»، و اعلم حقيقةً أنّه هو /۳۵۳/الّذي يعطي إن أعطى، و يَمنع إن مَنَع ؛ و الناسُ أسبابٌ، و بيده خزائن السماوات و الأرض.

ثمّ قال عليه‏السلام: «فإنّ رزقَ اللّه‏ لا يَسُوقه إليك حرصُ حريص»، فلو۶ حَرَصَ الخَلقُ كلّهم۷

1.. «ألف» : ـ إليك .

2.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۹۱ ، ح ۹۴۷ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۴ ، ص ۷۱ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۰ ، ص ۲۱۶ ، ح ۱۰۵۱۴ ؛الأربعون الصغرى للبيهقي ، ص ۸۲ ، ح ۶۶ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۱ ، ص ۲۰۲ . العهود المحمّديّة ، ص ۷۴۲ . مع اختلاف يسير في الجميع عدا الأوّل .

3.. في «ألف» : ـ اللّه‏ تعالى ، و كيف يُسخَط .

4.. إبراهيم ۱۴ : ۳۴ .

5.. شَرِقَ الرجُل شَرَقا إذا دخل الماءُ حَلقَه فشَرِقَ أي نَشِبَ . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۷۸ شرق .

6.. «ألف» : و لو .

7.. «ب» : ـ كلّهم .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
458

و۱ في كلام لهم: «إنّ من العصمة أن لا تَجِدَ»۲، فإذا۳ خلا بها و كلّمتْه و أجابها و استولى الشيطانُ عليه مع الشهوة الغالبة، و تَظاهَرا على عقله المانع، كان أقرَبَ مِن وقوع المعصية و حصول الفضيحة.

و عن مسروقٍ، قال: قال إبليس: ثلاثٌ اُباشِرُهنّ بنَفْسي، لا أَكِلُهنّ إلى شيطان: لا يخلو رجُل بامرأة إلاّ دعا كُلُّ إِربٍ منها إِربا منه، و لا يكون حكمٌ بين اثنين إلاّ كان صَغْوِي مع الظالم حتّى أستنزل الحاكمَ، و لا يكون بين اثنين شيء إلاّ دخلتُ في مَناخرهما. فقال اللّه‏ تعالى: و عزّتي و جلالي لا يَفعَل ذلك أحدٌ منهم ثمّ يَستغفر لي إلاّ غَفَرتُ له. قال: فَرنَّ إبليسُ رَنَّةً و۴ قال: ما صَنَعَ بي بَعدَ اللعن شيئا أشَدَّ مِن هذا.۵

و قال بكر بن خُنَيس: لمّا خُلِقَت المرأةُ نظر إليها إبليسُ فقال: أنت سُؤلي، و موضع سرّي، و نصف جندي، و سهمي الّذي أرمي به فلا اُخطِئ، و إذا خاصَمَتِ المرأةُ زوجَها في البيت قام في كلّ زاوية مِن زوايا البيت شيطانٌ يَصْفِق و يقول: فَرَّحَ اللّه‏ُ مَن فرّحني!۶ حتّى إذا اصطَلَحا خَرَجوا عُميانا يُنادونَ و يقولون: أذهَبَ اللّه‏ُ نورَ مَن ذَهَبَ۷ بنورنا.۸

و قال خالد بن مَعدانَ: إنّ عرش الرحمن لَيَهتَزُّ۹ عند افتراق الزوجين،۱۰ و يقال: إنّ فرحةَ إبليسَ إذا فَرّق بين المتحابَّين في اللّه‏ كفَرْحَتِه حين أخرَج آدمَ من الجنّة.۱۱

1.. «ألف» : ـ و .

2.ربيع الأبرار للزمخشري ، ج ۳ ، ص ۴۱۱ .

3.. «ألف» : و إذا .

4.. «ألف» : ـ و .

5.. لم نعثر عليه إلاّ في روح الأحباب لأبي الفتوح الرازي المخطوط .

6.. «ب» : فرحتي .

7.. «ألف» : أذهب .

8.. لم نعثر عليه ، نعم نسب إلى القيل إلى قوله : «لا اُخطئ» مع تفاوت يسير في فيض القدير ، ج ۵ ، ص ۵۵۶ ، وروي في روحالأحباب لأبي الفتوح الرازي المخطوط .

9.. «ألف» : يهتزّ .

10.. لم نعثر عليه إلاّ في روح الأحباب لأبي الفتوح الرازي المخطوط .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2534
صفحه از 488
پرینت  ارسال به