381
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و تغيُّره، و وَهيِ۱ نَحيزته۲، و وَهنِ جِبِلَّته، فيقول: إنّ الآدميَّ و إن كان حليما قد أَدّب نفسَه بأدب اللّه‏ تعالى فبَرَعَ۳، و استَمع إلى أوامره فسَمِعَ ؛ فإنّ نفْسَه الأمّارةَ ربّما تَنزِع به إلى الطبيعة البشريّة فتَعثُر و إن كانت تَفيء بعد ذلك ؛ و ذلك لأنّ النفس توّاقة إلى ضدّ الحلم، متقاضيةٌ۴ جزاءَ السفيه بمثل سَفَهه، فإذا تَركتْ ذلك فبالجَهد و الجِدّ و مكابدة الطاعة، و المطبوعُ أقربُ إلى الكون من المكدود و المَجهود، و يكون مِن باب قولهم: لكلّ جوادٍ كبوةٌ۵، و لكلّ صارمٍ نَبْوَة۶. و يجوز أن تكون العثرةُ المَرّةَ الواحدةَ من العثور الّذي هو الاطّلاع و العلم، فيكون المعنى: لا حليمَ إلاّ ذو اطّلاع، و قد ذكر أبو سليمان الخطّابيّ فيه وجها أنا ذاكره بلفظه، قال: إنّ الحليم۷ لا يوصف بالحِلم حتّى يَركب الاُمورَ ويجرّبها۸، فيَعثُر مَرّةً بعد اُخرى، و يستبين مواضعَ الخطأ فيجتنبها، و هكذا: لا حكيم إلاّ ذو تجربة.۹

قال: و العامّة تذهب إلى أنّ الحليم لا يَسلَم مِن أن توجَد منه عثرةٌ، و لا يجوز أن يوصَف الحكيمُ بكثرة العثرات و النَّزَقات۱۰ و التهافت۱۱ و الزلاّت ؛ لأنّه بالسُّخْف أولى

1.. «ألف» : هي .
و الوَهي : الشقّ في الشيء ، و الضعف ، و التخرُّق . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۴۱۷ وهي .

2.. النحيزة : الطبيعة . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۴۱۵ نحز .

3.. بَرَعَ يبرُع بُروعا و بَراعةً و بَرُعَ فهو بارعٌ : تَمَّ في كلّ فضيلة و جمال ، و فاق أصحابه في العلم و غيره . لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۸ برع .

4.. «ألف» : . . . النفس نوّاقة إلى ضدّ الحكم متعاضية .

5.. أي لكل فرسٍ جيِّدٍ عَثرٌ أو سقوط للوجه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۲۱۳ كبو .

6.. أي لكل سيف قاطعٍ كَلٌّ و عدم قطع ، و نَبا السيفُ عن الضَّريبة نبوا و نَبوةً : كَلَّ و لم يَحِك فيها ، و نبا حَدُّ السيف إذا لم يقطع . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۳۳۵ صرم ؛ و ج ۱۵ ، ص ۳۰۱ (نبو) .

7.. «ألف» : الحكيم .

8.. «ألف» : فيجرِّبها .

9.. لم نعثر عليه ، نعم قال ابن الأثير ما يقرب من هذا في النهاية ، ج ۷ ، ص ۱۹۰ عثر .

10.. «ألف» : الزقّات .
و النَّزَق : خفّة في كلّ أمر ، و عجلة في جهل و حمق . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۳۵۲ نزق .

11.. التَّهافت : التساقط قطعةً بعد قطعة ، و كذا الهَفْت . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۰۴ هفت .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
380

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الدعاء يَرُدّ القضاءَ النازل، و البِرُّ يَزيد في العمر.

و روي: إنّ البلاءَ و الدعاءَ يَتعالَجان۱ ما بين السماء و الأرض إلى يوم القيامة.۲

و وجهُ ذلك أنّ اللّه‏ تعالى يَقضي على بعضِ العباد قضاءَ سَوءٍ مرضا أو موتا أو غير ذلك، و يَقضي أيضا أنّه إن دعا اللّه‏َ تعالى و استَدفَعَ بدعائه مَنَعَه ذلك، فهو يَنساق مِن قضاءٍ إلى قضاء، و كذلك حديث زيادة العمر ؛ يكون اللّه‏ تعالى قد كَتَبَ لبعض عباده عمرا و قد سبق أيضا في سابق علمه أنّه إن تصدّق أو فَعَلَ بعض الطاعات زاد في عمره. و أصل هذا أنّ علم اللّه‏ تعالى لا يَجعل الشيءَ على وجهٍ، بلى۳ يَعلمه كما هو، فكأنّ اللّه‏َ تعالى يَعلم أنّه إن لم يَتصدّق توفّاه، و إن تصدّق وفّاه، و كلاهما علمُ اللّه‏ تعالى، و قد تقدّم مشروحا.

و فائدة الحديث: الحثّ على الدعاء و استدفاع البلاء به۴، و على البِرّ زيادةً لطلب العمر ؛ فإنّ ذلك كُلَّه بيد اللّه‏ ؛ «يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ»۵، و «يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ»۶.

و راوي الحديث: ثوبان مولى رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

۵۴۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لاَ حَليمَ إِلاَّ ذُو عَثرَةٍ۷، وَ لاَ حَكيمَ إِلاَّ ذُو تَجرِبَةٍ.۸

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما من حليم إلاّ و تَحِين /۳۵۶/ له عثرةٌ ؛ و ذلك لضعف الآدميّ و سَخافةِ قُواه

1.. في الكافي : «ليترافقان» . و في كتاب الدعاء : «اِنَّ الدعاءَ و البلاء ليعتلجان» .

2.. الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۶۹ ؛ كتاب الدعاء للطبراني ، ص ۳۱ ، ح ۳۳ .

3.. هكذا في المخطوطتين .

4.«ألف» : ـ به .

5.. آل عمران ۳ : ۴۰ ؛ الحج (۲۲) : ۱۸ .

6.. المائدة ۵ : ۱ .

7.. «ألف» : عسرة .

8.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۷ و ۳۸ ، ح ۸۳۴ و ۸۳۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۸ و ۶۹ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۲۵۵ ،ح ۲۱۰۲ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۴ ، ص ۲۹۳ ؛ صحيح ابن حبّان ، ج ۱ ، ص ۴۲۲ ، ح ۱۹۲ . الأمالي للطوسي ، ص ۵۸۹ ، ح ۱۰ ؛ الخصال ، ص ۳۴ ، ح ۳ ؛ معاني الأخبار ، ص ۳۶۷ ، ح ۱ مع الاختلاف في الأخيرين .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2390
صفحه از 488
پرینت  ارسال به