351
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و سُئل طبيبُ العرب الْحارِثُ۱ بنُ كَلدَةَ۲ عن إدخال الطعام على الطعام؟۳اِجعل طعامَك كُلَّ يومٍ مَرَّةً و احذَر طعاما دونَ «هضمِ» طعامِ فقال: هو الّذي أهلَكَ البريّةَ و أهلَكَ السِّباعَ في البريّة!۴ فجَعَلَ إدخالَ الطعام على الطعام الّذي لم يَنضَجْ في المعدة و لم يَنزِلْ منها داءً مُهلِكا، و هذا على عادةٍ أكثريّةٍ أجراها اللّه‏ُ تعالى، و قد تَنخَرِم۵ بأصحاب المِعَدِ۶ الناريّة المُلتهبة الّتي تهضم ما أُلقي فيها، و كُلُّه متعلّق بقدرة اللّه‏ جلّتْ عظمتُه.

و رُوي في هذا الحديث أنّ رجلاً جُرِح۷ على عهد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقال: اُدعوا له الطبيبَ. فقال: يا رسول اللّه‏، و هل يُغني الطبيبُ مِن /۳۴۳/ شيء؟ قال النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ۸: نَعَم، ما أنزل اللّه‏ُ مِن داء إلاّ أنزل له شفاءً.۹

و فائدة الحديث: الحثّ على التداوي و التشفّي بالمعالَجَة و مراجَعة الطبّ و أهلِ العلم بذلك و الممارسة.

و راوي الحديث: هلال بن يِساف۱۰.

1.. «ألف» و «ب» : الحرث .

2.. كان أوّل طبيب العرب في الإسلام ، و عاصَرَ في آخر حياته رسولَ اللّه‏ ، و أسلم ، و كان زوج خالة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، و تُوُفِّي سنة ۱۳هـ . راجع : عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء ، ص ۱۶۱ .

3.. و في هذا المعنى يقول بعضهم ـ و أظُنُّه الشيخَ الرئيس ابن سينا ـ :

4.. في المصدر : «هو الذي أفنى البريّة ، و قتل السباع في البريّة» . راجع : عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء ، ص ۱۶۱ ؛ العقد الفريد ، ج ۸ ، ص ۸۵ .

5.. انخَرمَ ثقبُه : انشقَّ . و الانخرام و التخرّم : التشقُّق . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۷۰ خرم .

6.. «ألف» : ينخرم بأصحاب المعدة .

7.. «ب» : خرج .

8.. «ألف» : قال عليه‏السلام .

9.. راجع مصادر الحديث .

10.. «ألف» : بساف . «ب» : بسياف .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
350

على هذه الحالة ـ عبث، جلّ اللّه‏ عنه.

و فائدة الحديث: أنّ اللّه‏ تعالى لا يوفِّق للعلم إلاّ مَن استَصلحه لذلك و كان أهلاً له، و إن استرذله۱ مَنَعَه ذلك و حرّمه عليه، و فيه تعظيم أمر العلماء، و إعلام أنّهم المختصّون بالمزايا الّتي حَرَّمها غيرَهم، و أنّه لا اعتبار بالدنيا و حطامها.

و فائدة الحديث: تعظيم أمر العلم و العلماء، و تشريفهم على من سواهم، و أنّ اللّه‏ تعالى لا يمكِّن منه إلاّ مَن أهَّلَه و استصلحه لذلك.

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۵۲۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَا أَنزَلَ اللّه‏ُ مِن دَاءٍ إِلاَّ أَنزَلَ لَه شِفاءً.۲

«الشِّفاء»: البُرء من الداء، و قد شَفاه اللّه‏ يَشفيه شِفاءً، فهو مصدر سُمِّيَ كماترى، و استَشفيتُ بكذا أي طلبتُ الشفاءَ به۳، و استَشفيتُ به و تَشفّيتُ مِن غيظي، و أشفاه اللّه‏ُ عَسَلاً أي جَعَله يَشفيه.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: كما أنّ الداءَ مِن اللّه‏ تعالى، فكذلك الشفاءُ منه.

بخلافِ ما يَقوله الطبيعيّون مِن أنّ الداءَ مِن الأغذية، و الشفاءَ من الأدوية.

و لئن قيل: إنّ اللّه‏ تعالى قد أجرى العادةَ بأنّه يَستضرّ بعضُ الناس ببعض الأغذية و في بعض الأحوال، فلَعَمري إنّه لصحيح ؛ و لكنّه مِن فِعلِ اللّه‏ تعالى و إن كان تناوُلُ ذلك الطعام السببَ في ذلك!

1.. «ألف» : و كان استرذاله .

2.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۷ ، ح ۵۲۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۴۴۳ ؛ و ج ۴ ، ص ۲۷۸ ؛ صحيح البخاري ، ج ۷ ، ص ۱۱ ؛سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۱۳۷ ، ح ۳۴۳۶ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۴ ، ص ۱۹۷ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۹ ، ص ۳۴۳ .الدعوات ، ص ۱۸۱ ، ح ۴۴۹ ؛ و عنه في بحار الأنوار ، ج ۶۲ ، ص ۶۸ ، ح ۲۱ ؛ و مستدرك الوسائل ، ج ۳ ، ص ۱۲۳ ، ذيل ح ۱۷ .

3.. «ألف» : ـ به .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2446
صفحه از 488
پرینت  ارسال به