339
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

عنه، فبانَ بهذا سَعَةُ نِطاق۱ الصبر و عموم فائدته و حسن عائدته۲، و قد مَدَحَ اللّه‏ُ تعالى الصابرين فقال: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ»۳، و قال تعالى: «وَ الَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ»۴ الآية، و قال تعالى: «وَ بَشِّرْ الصَّابِرِينَ»۵، و الصبر نوعان: صبرٌ على مَشَقَّة، و صبرٌ عن مُحَرَّم، و في كِلَيهما فَضْلٌ عظيم و ثوابٌ جسيم، و مَجال الصبر واسع، و التمسّك به نافع.

و قال الشاعر:

و لو شِئتُ أن أبكِي۶ دَما لبَكَيتُهُ

عليه و لكنْ ساحةُ الصبرِ أَوسَعُ۷

و فائدة الحديث: تعظيم شأن الصبر، و إجلالُ قدره، و الإعلامُ بأنّ۸ الاعتداد به و التمسّك بعروته من أجلّ النعيم.

و راوي الحديث: أبو سعيدٍ الخُدريّ.

۵۱۵.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَا خالَطَتِ /۳۳۸/ الصَّدَقَةُ مَالاً إِلاَّ أَهْلَكَتْهُ.۹

«الصَّدَقَة» هاهنا عبارة عن الزكاة الواجبة في المال، و قد يكون الصدقة غير الزكاة من

1.. النِّطاق و المِنطَق و المِنطَقة : كلّ ما شدّ به وسطه ، و النِّطاق أيضا : شبه إزار فيه تِكَّة كانت المرأة تَنتطق به ، و هو أن تلبس المرأة ثوبها ، ثمّ تشدّ وسطها بشيء و ترفع وسط ثوبها و ترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال ؛ لئلاّ تَعثُر في ذيلها . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۳۵۵ نطق .

2.. العائدة : الصلة و المعروف ، و جمعه عوائد . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۲۱۹ عود .

3.. الزمر ۳۹ : ۱۰ .

4.. الرعد ۱۳ : ۲۲ .

5.. البقرة ۲ : ۱۵۵ .

6.. سكَّنَ الياء لمراعاة الوزن ، و الأصل «أن أبكىَ» بالنَّصب . عبد الستّار .

7.. الشعر لأبي يعقوب الخريمي ، و هو بيت من قصيدته ، اُصيب بمصيبة في ابنه ، و كان يميل إليه ، فرثاه فقالها . و قيل : قالهافي مولاه خُرَيم بن عامر بن عمارة ، لا في ابنه . راجع : تاريخ مدينة دمشق ، ج ۸ ، ص ۲۰۱ .

8.. «ألف» : إعلامُ أنَّ .

9.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۰ ، ح ۷۸۱ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۱۵۹ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۳ ، ص ۶۴ ؛ الجامعالصغير ، ج ۲ ، ص ۴۹۴ ، ح ۷۸۹۸ ؛ كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۳۰۱ ، ح ۲۷۲۹ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
338

۵۱۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَا آمَنَ بِالقُرآنِ مَنِ استَحَلَّ مَحارِمَهُ.۱

يشير صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى أنّ المؤمن بالشيء نازلٌ تحت حُكمه، متوقِّع مراسمَ إشارته، لا يَستحِلُّ له خِلافا، و لا يستبيح له شقاقا۲، فالمؤمن بالقرآن المصدِّق بأنّه وحي اللّه‏ تعالى الّذي بَيَّنَ فيه الحلالَ و الحرامَ و القضايا و الأحكام ؛ لا يَستحلّ ما أَفتى بتحريمه، و لا يجوِّز الإقدامَ على ما حَدَّ دونه و حَظَرَ۳ عليه، فمَنْ فَعَلَ ذلك و استَهانَ بمحارمه كان كمَنْ لم يؤمِنْ به و لم يُصَدِّقْ۴ بنزوله من عند اللّه‏ تعالى.

و فائدة الحديث: الحثّ على التزام أحكام القرآن مِن تحليل حلالِه و تحريمِ حرامه.

و راوي الحديث: صُهَيْبٌ.

۵۱۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَا رُزِقَ العَبدُ رِزقاً أَوسَعَ عَلَيهِ مِنَ الصَّبرِ.۵

أصل «الرزق»: العطاء، و هو مالُك۶ تَنتفع به، و لم يَكُنْ لغيرك المنع منه، و الرَّزَقات: أطماع الجُند، الواحدة رَزْقَةٌ، و ارتَزَقَ الجُندُ أي طَلبوا أرزاقَهم، و قد رَزَقَه اللّه‏ُ تعالى يَرزُقه رِزْقا. و أصل «الصبر»: إمساك معه صعوبة.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما أعطى اللّه‏ُ تعالى عبدا إعطاءً أوسَعَ و أنفع و أجدى و أمتع و أرَدّ و أمنَع۷ من الصبر ؛ فإنّه إن كان في ضِيقٍ وسّعَه عليه، و إن كان مبتلًى سلاّه، و إن كان محزونا فَرَّجَ

1.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۷ ، ح ۷۷۵ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۲۵۲ ؛ المغني لابن قدامة ، ج ۷ ، ص ۵۷۸ ؛ مجمع الزوائد ،ج ۱ ، ص ۱۷۷ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۷ ، ص ۱۹۳ ، ح ۷ ؛ كنز الفوائد للكراجكي ، ص ۱۶۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۸۹ ، ص ۱۸۵ ، ح ۲۳ .

2.. «ألف» : شفافا .

3.. «ألف» : ما حدّد فيه و حضر .

4.. «ألف» : لم يتصدّق .

5.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۹ ، ح ۷۷۹ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۴۷ و فيه «أوسع له» بدل «أوسع عليه» ؛ كنز العمّال ، ج ۶ ،ص ۶۲۲ ، ح ۱۷۱۲۴ (ضمن حديث آخر) .

6.. «ب» : + إن .

7.. «ألف» : أمنع و أرَدّ و أمتع .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2270
صفحه از 488
پرینت  ارسال به