33
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و راوي الحديث: أمير المؤمنين عليه‏السلام.

۲۶۸.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن أَيقَنَ بِالخَلَفِ جادَ بِالعَطِيَّةِ.۱

هذا مَثَلٌ يضربه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فيقول: إذا أيقن الإنسان أنّ ما ينفقه يُثمِر له خيرا و يُنمي له مالاً، كان أقربَ إلى الإنفاق ؛ أ لم تر إلى التاجر الّذي يُنفِق رأسَ ماله في بضاعةٍ يشتريها و يحملها بنفسه العزيزة، و يَتحمّل مشاقَّ البرّ و البحر و كَرْبَ الهواجر و الأسحار۲، و يُكابِد الشَّظَف۳ و السَّهَر حتّى يزيد في رأس ماله، كُلُّ ذلك ثقةً منه بالزيادة و النماء ؟

و «الخَلَف» هو ما يَخلُف الشيءَ و يقوم مقامه، فالتجارة المربحة هي۴ الّتي يكون المعامَل فيها ربّ العزّة ـ تبارك و تعالى ـ الّذي خزائنه لا تنقص، و بحره لا يُغَضْغَض، و فوائده تنمى و تزيد و تزكو، فلا تبيد.

فيقول عليه‏السلام: إنّ العبد إذا أيقن أنّ ما ينفقه في سبيل اللّه‏ يربِّيه اللّه‏ له فيعود إليه مضاعَفا أضعافا، كان /۱۹۳/ أقربَ إلى الإنفاق، و أبعَدَ من الإمساك.

و قد روي عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ اللّه‏ يعطي عبدَه المؤمن بالحسنة ألفَ ألفِ حسنة.۵

و قال أبو هريرة: لا بل۶ سمعتُ رسولَ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: يعطيه ألفَي ألفِ حسنةٍ، ثمّ تلا: «إِنَّ اللّه‏َ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَ يُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرا عَظِيما»۷، [فقال:]فإذا قال اللّه

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۳۳ ، ح ۳۶۶ ؛ الفتوحات المكّيّة ، ج ۴ ، ص ۱۴۸ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۶ ، ص ۱۱۸ ، ح ۴۴۱۲۴ ؛كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۲۳۱ ، ح ۲۳۹۸ ، و ص ۳۱۰ ، ح ۲۷۸۴ . الكافي ، ج ۴ ، ص ۲ ، ح ۴ ؛ الفقيه ، ج ۴ ، ص ۴۱۶ ، ح ۵۹۰۴ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۵۳۲ ، ح ۹ ؛ الخصال ، ص ۶۲۱ ؛ عيون أخبار الإمام الرضا عليه‏السلام ، ج ۱ ، ص ۵۹ ، ح ۲۰۴ .

2.. «ألف» : الأشجار .

3.. الشَّظَف : يُبس العيش و شدّته و الضِّيق فيه . انظر : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۱۷۶ شظف .

4.. «ب» : ـ هي .

5.. مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۵۲۱ ؛ تخريج الحديث و الآثار للزيلعي ، ج ۱ ، ص ۳۲۰ ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۳ ، ص ۳۱۰ .

6.. «ألف» : ـ لا بل .

7.. النساء ۴ : ۴۰ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
32

و «الزَّرع» أيضا: المزروع، /۱۹۲/ و يقال للصبيّ: زَرَعَه اللّه‏ُ أي أنبتَه و جَبَره و أصلح شأنه، و ازدَرَعَ فلانٌ أي احتَرَثَ. و «الحَصْد»: قطعُ الزرع يقول: حصدتُ الزرعَ أحصُده حَصْدا فهو محصود و حَصيد و حَصَدٌ، و المِحصَد: المِنجَل۱، و أحصَدَ الزرعُ۲ و استَحصَدَ: بلغ أن يُحصَد، و هذا زمان الحَصاد.

و «الرَّغْبة» هي الإرادة مصدر رَغِبتُ فيه أرغَبُ رَغْبةً و رَغْبا، و ارتَغبتُ فيه، ثمّ يوصَف ما يُرغَب فيه بالرَّغبة و تسميةً بالمصدر، و الرَّغيبة۳: العطاء الكثير، و الجمع رَغائب، و أصل «ر غ ب»: السَّعة يقول: حوضٌ رَغيب، و سِقاء۴ رغيب، و فَرَسٌ رغيب العَدْو، و الرَّغبة كأنّها سعة في الإرادة، و يقال: الرَّغْب و الرُّغبى.

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن يَزرع الخير و المحبوب /۱۷۸/ يَحصد ما يُرغب فيه أو يَحصد الرغبة فيه ؛ لأنّ صاحب الخير مرغوبٌ فيه محبوب، و مَن يَزرع شرّا يَحصد في العاقبة ندامةً و حسرةً، و هذا يتمشّى في الدنيا و الآخرة ؛ فإنّ۵ الخَيِّرَ يحبّه اللّه‏ تعالى، و يحبّه الناس، و جزاء خيره على الرصَد له ؛ و الشِّرِّير يبغضه اللّه‏ تعالى، و يبغضه خلقه ؛ لما ينساق۶ إليهم من شرّه.

و فائدة الحديث: أنّ صاحب الخير مرغوبٌ فيه، ثانٍ۷ مِن عنانه، متمكّن من سلطانه ؛ و صاحب الشرِّ مرغوب عنه، نادم على ما أسلَفَه، متحسّر على ما خلّفه.

1.. النَّجْل : القطع ، و منه قيل للحديدة ذات الأسنان : مِنجَل . و المِنجَل : ما يُحصَد به . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۴۷ نجل .

2.. «ب» : + الزرع .

3.. «ألف» : الرغبة .

4.. السِّقاء : ظرف الماء من الجلد ، و يُجمَع على أسقية . لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۳۹۲ سقي .

5.. «ألف» : و إنّ .

6.. انساقَت و تَساوقَت الإبلُ تَساوقا إذا تَتابعت . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۶۶ سوق .

7.. «ألف» : تان وهو تصحيفٌ ظاهر .
و ثَنَيتُ الشيءَ ثَنْيا : عَطَفتُه . لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۱۵ ثني .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2574
صفحه از 488
پرینت  ارسال به