فلتَبْكِه البواكي.
و فائدة الحديث: التحذير من الدنيا الغدّارة، و الأمرُ بالطاعة فيها و التشمير قبل قدوم الفناء و الرحلة إلى دار البقاء.
و راوي الحديث: ابنُ عائشة، عن أبيه، في خطبة للنبيّ صلىاللهعليهوآله.
۴۸۱.قوله صلىاللهعليهوآله: كُونُوا في الدُّنيا أَضيافاً، وَ اتَّخِذوا المَساجِدَ بُيُوتاً، وَ عَوِّدُوا قُلُوبُكُمُ الرِّقَّةَ، وَ أَكثِرُوا التَّفَكُّرَ وَ البُكاءَ، لا تَختَلِفَنَّ بِكُمُ الأَهواءُ.۱
هذا الحديث كالّذي قبله في الوعظ، يقول صلىاللهعليهوآله وسلم: كونوا في الدنيا كالأضياف ؛ فإنّ الضيف يَأكل في دار المُضيفِ أكلَهُ۲، ثمّ يَحْمِل ثِقلَه، و لا يُقيم في دار الضيافة إلاّ رَيْثَما۳ يَأكل ما يقدَّم إليه، ثمّ يَخرُج.
يقول عليهالسلام: أنتم في ضيافة اللّه تعالى في هذه الدعوة الفانية، فكُلوا منها ما قُدِّم إليكم فيها، و اشتَغِلوا بما نُدِبتم إليه، و لا تَتوسّعوا ؛ فإنّ الضيف لا يَتوسَّع في دار من يُضيفه.۴
«و اتّخِذوا المساجدَ بيوتا» ؛ أي تَفَرَّغوا مِن هموم الدنيا، و أقبِلوا على العبادة في المساجد. و إنّما خَصَّ المساجدَ لأنّ العبادة فيها أفضل، و حليف المسجد إلى الخير أقرب، و في الطاعة أرغب، و مِن اللّه تعالى أرهب.
/۲۹۹/ ثمّ قال عليهالسلام: «و عَوِّدوا قلوبَكم الرِّقَّةَ» أي لا تَتَقاسوا۵ و لا تتجاسَوا۶ ؛ بل
1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۲۶ ، ح ۷۳۱ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۹۸ ، ح ۶۴۳۳ ؛ كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۱۳۵ ،ح ۲۰۲۳ . كنز الفوائد ، ص ۱۶۰ ؛ أعلام الدين ، ص ۱۴۶ و ۳۶۵ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۰ ، ص ۸۱ ، ح ۴۳ . و في جميع المصادر : «لا تختلفن» .
2.. «ألف» : أكْلَةً .
3.ريثما : قدر ما . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ ريث .
4.. «ألف» : لا يوسّع في دار مُضيفه .
5.«ألف» : لا تناسوا .
6.. جَسى : ضِدُّ لَطَفَ ، و جَسى الرجُلُ جَسْوا و جُسُوّا : صَلُبَ . و جَسَأَ الشيءُ أيضا : صَلُبَ و خَشُنَ ، و جُسِئَت الأرضُ من الجَسْء : و هو جلد الخشن الّذي يشبه الحصا الصغار . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۴۸ جسأ ؛ و ج ۱۴ ، ص ۱۴۱ (جسو) .