225
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و الأولى في الهديّة أن يُعاضَ عنها ؛ و استُدلّ على ذلك بأنّ أعرابيّا أهدى إلى النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فأثابه عليها فلم يَرضَ به، فقال عليه‏السلام: لقد هَممتُ ألاّ أتّهب إلاّ مِن قُرَشيّ أو دوسيّ أو ثقفيّ.۱ كأنّه عليه‏السلام حضره رجلان من ثقيف و دوس فاستمالهما بذلك.

و قيل: إنّ الهدايا على ثلاثة أوجُه: فهي لِمن دونكَ بِرٌّ و ثواب، و لِمَن فوقَك رغبةٌ و طِلاب، و لمن هو مِثلُك تودُّدٌ و اقتراب.۲

و روي: أنّ اُمّ حكيم الخُزاعيّةَ قالت: يا رسولَ اللّه‏، أ تَكره الهديّةَ؟ فقال: ما أقبَحَ ردَّ الهديّة! و لو اُهدِيَ إليّ ذراعٌ لقَبِلتُ، و لو دُعيتُ إلى كُراعٍ۳ لأجَبتُ۴.

و روي: أنّ كُراعا اسم۵ موضع. و المعنى: إنّي لو دُعيتُ إلى هذا الموضع لتَجَشَّمتُ المسافةَ طلبا لِرِضا المُضِيف.

و قال عليه‏السلام: مَن شَفَعَ لأحدٍ شفاعةً فأهدى له هديّةً فقَبِلَها، فقد أتى عظيما من الربا.۶

و روي في الحديث: مَن اُهديتْ إليه هديّةٌ و جلساؤُه عنده، فهم فيه شركاء.۷

و روي: الهدايا مشتركة۸. و نَظَمَه الصاحبُ الجليل أبو القاسم إسماعيل بن عَبّاد بن عبّاس /۲۸۸/ الطالقاني۹ رحمه‏اللهفقال:

1.. مسند أحمد، ج ۱، ص ۲۹۵؛ و ج ۲، ص ۲۴۷ و ۲۹۲؛ سنن الترمذي، ج ۵، ص ۳۸۷، ح ۴۰۳۸ و ۴۰۳۹؛ سنن النسائي، ج ۶، ص ۲۸۰؛ مسند الحميدي، ج ۲، ص ۴۵۳.

2.. لم نعثر على قائله .

3.. الكُراع من البقر و الغنم : بمنزلة الوظيف من الخيل و الإبل و الحمر ، و هو مستدقّ الساق العاري من اللحم . انظر : لسانالعرب ، ج ۸ ، ص ۳۰۷ كرع .

4.. السرائر لابن إدريس ، ج ۳ ، ص ۱۷۷ ؛ فتح الباري ، ج ۹ ، ص ۲۱۳ ؛ عمدة القاري ، ج ۱۳ ، ص ۱۲۸ .

5.. «ألف» : ـ اسم .

6.. مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۲۶۱ ؛ كنز العمّال ، ج ۶ ، ص ۱۱۲ ، ح ۱۵۰۷۰ .

7.. المعجم الأوسط للطبراني ، ج ۳ ، ص ۵۳ .

8.. لطائف اللطف للثعالبي ، ص ۲۹ ؛ المحاظرات والمحاورات للسيوطي ، ص ۴۱۵ .

9.. في المخطوطتين : التالاني!


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
224

استَمجَدَ۱ المرخُ و العَفارُ.۲

و«إقالة العَثرة»: التجاوز عنها، و أصلُها مِن إقالة البيع و هو فسخُه، يقول: استَقَلْتُه۳ البيعَ فأقالنيه، و قِلتُه البيعَ لِغيّة، و إقالة العثرة كأنّها فسخُ سخطٍ تَنشأ للمُقيل مِن عثرة المستقيل، و أصل إقالة البيع من التقيُّل۴ و هو الاتِّباع و النزوع بالشَّبَه، و المعنى أنّه عاد المِلك إلى المتقابلَين إلى ما كان قبل المعاقَدَة، و تكون إقالةُ العثرة على هذا /۲۶۵/ أنّه صار المُقيل إلى ما كان عليه قبلُ.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: تَهادَوا ليَستأنسَ بعضُكم ببعض، و يَستقرَّ في قلوبكم محبّةُ بعضِكم لبعض۵ ؛ و ذلك لأنّ القلوب مجبولةٌ على حبّ المُحسِن و بالعكس، و التهادي نوع مِن حُسن الخُلق ؛ به تَتألّف القلوب، و يَحصل التعاضدُ المطلوب، و كان النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يَقبل الهديّة، و يعوِّض عنها ؛ لئلاّ يكون لأحد عليه يد.

و استدلّ سلمان الفارسي ـ رحمة اللّه‏ عليه ـ على نبوّته بأن قَبِل الهديّةَ و أكل منها، و صَرَفَ الصدقةَ إلى أصحابه المهاجرين، و لم يَمَسَّها ؛ و ذلك لأنّ الصدقة أوساخ الناس لا تَصلَح له و لا لأهل بيته الطاهرين،۶ و كان بعض أساقفة۷ النصارى قد دلّه على ذلك،

1.. استمجد : استفضل أي : استكثرا من النار كأنّهما أخذا من النار ما هو حسبهما فصلحا للاقتداح بهما ، و يقال : لأنهمايُسرِعان الوَرْيَ فشبها بمن يُكثِر من العطاء طلبا للمجد . و المرخ من شجر النار معروف ، شجر كثير الوَرْي سريعه ، و المرخ و العَفار شجرتان فيهما نار ليس في غيرهما من الشجر . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۳۹۶ مجد و ج ۳ ، ص ۵۳ (مرخ) و ج ۴ ، ص ۵۸۹ (عفر) .

2.. و راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۷ ، ص ۲۰۲ ؛ تاج العروس ، ج ۴ ، ص ۳۱۱ مرخ .

3.. «ألف» : استقلت .

4.. يقال : تَقَيَّلَ فلانٌ أباه و تقيَّضَه تقيُّلاً : إذا أشبَهَه و نَزَعَ إليه في الشَّبَه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۵۷۸ ؛ القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۶۰۵ قيل .

5.. «ب» : ببعض .

6.. راجع : دعائم الإسلام ، ج ۱ ، ص ۲۵۹ ؛ المناقب لابن شهر آشوب ، ج ۱ ، ص ۳۷۵ ؛ فتح الباري ، ج ۳ ، ص ۲۸۰ ؛ الاستيعاب ، ج ۲ ، ص ۴۹۰ .

7.. «ب» : أساقف .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2595
صفحه از 488
پرینت  ارسال به