209
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و كذلك قوله عليه‏السلام: «و أقِلَّ من الذنوب حتّى لا يصعُب عليك أمر الموت» نهيٌ عن جميع الذنوب ؛ و إنّما قال /۲۸۰/ ذلك لأنّ الّذي احتَقَبَ الأوزار و أسلَفَ الآصار۱ لا يريد أن يموتَ فيَقْدَمَ عليها، بل يريد أن يتأخّر ليَعتذر مِن عيوبه، و يَستغفرَ مِن ذنوبه، و بخلاف ذلك المؤمنُ الخفيفُ الحاذِ۲ النقيُّ العِرْضِ الطاهرُ الكتابِ ؛ فإنّه يَنتظر الموتَ، و لا يصعُب عليه أمرُه.

ثمّ نَصَحَ بالتثبّت في الاستيلاد فقال: «و انظر في أيّ نصاب و أصل تضع الولد» أي النطفةَ الّتي يُخلَق منها الولد ؛ و عَلَّلَ ذلك فقال: «فإنّ العرق دسّاس» ؛ يعني أنّ العرق السيّئ يُخفي المساوئ في نفسه، و ذِكر العرق مَجاز۳ و اتّساعٌ و إشارةٌ إلى النُّزوع، و الوَلَد إذا حَصَلَ مِن نُطفتَيِ الأبِ و الاُمّ، و تَرَبَّى في رحمها، فإنّه لا بدّ أن يَرتضخ بعضَ ما فيها، و يَأخذَ نصيبا منها بحقّ التكوّن من مائها و الارتكاض في الرحِمِ و الولادة، فأمر عليه‏السلام بالاستنجاب۴ ؛ لئلاّ يَنزعَ عِرقٌ سيّئٌ منه إلى والدته فيُبطِن الشرَّ و يُخفي السوء. و أتى ببناء المبالغة فقال: «دسّاس» إخبارا منه عليه‏السلام أنّ هذا الأمرَ صحيح و النزوعَ شديد. و يجوز أن يكون /۲۵۷/معنى دسّاس أنّ العِرق السيِّئ يُخفي نفسَه في الوَلد، ثمّ إذا كَبِرَ ظهرتْ آثاره، و هذا مَثَلٌ.۵

و فائدة الحديث: الأمر بإحراز النفْس من رِقّ الدَّين، و التعفّف من الذنوب، و التخيُّر للاستيلاد حتّى لا يَنزعَ في الوَلَدِ عِرقٌ سيّئٌ إلى والدته.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن عمر، قال: سمعتُ رسولَ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يوصِّي رجلاً و يقول له ذلك.

1.. الإصر و جمعه آصار : العهد الثقيل . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۲ أصر .

2.. الحاذ وزان الباب : موضع اللَّبد من ظَهر الفَرَسِ و هو وسطه ، و منه قيل : «رجٌّ خفيف الحاذ» ، كما يقال : «خفيف الظَّهر» على الاستعارة . المصباح المنير : ج ۲ ، ص ۱۵۵ حوذ .

3.. «ب» : المجاز .

4.. أي طلب النجيب .

5.. «ألف» : ـ و يجوز أن يكون معنى دسّاس . . . و هذا مثل .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
208

بن أحمد الفُرهودي۱: ما كُتِبَ قَرَّ، و ما حُفِظ فَرَّ.

و راوي الحديث: أنس بن مالك.

۴۰۹.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أَقِلَّ مِنَ الدَّينِ تَعْشُ حُرّاً، وَ أَقِلَّ /۲۵۶/ مِنَ الذُّنُوبِ يَهُنْ عَلَيكَ المَوتُ، وَ انظُر في أَيِّ نِصابٍ تَضَعُ وَلَدَكَ ؛ فَإِنَّ العِرقَ دَسَّاسٌ.۲

«النِّصاب» و المَنصِب: الأصل. و «الدَّسّ»: إدخال الشيء في الشيء مع إكراه، و دَسَستُ الشيءَ في التراب: أخفَيتُه فيه، و الدسيسُ: إخفاء المكر، و الدَّسّاسة: حيّة تُخفِي نفسَها في التراب، و دَسستُ البعيرَ: هَنَأتُ۳ مَساعِرَه۴ ـ أي آباطَه ـ بالقَطِران۵، و في المثل: ليس الهِناء بالدسِّ۶ ؛ أي: ينبغي أن يُطلَى سائرُ بدنه.

و هذا الحديث يَحتوي على موعظة عظيمة، فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أقِلَّ من۷ الدَّين الّذي هو هَمٌّ بالليل و مَذَلَّةٌ بالنهار، تَعِشْ حُرّا لا سبيلَ لأحد عليك فيجاذبَك و يطالبك و يُنَغِّص العيش عليك ؛ لتَبقى حرّا لم تَمَلَّكْكَ المَساوئ.

و ليس ذِكرُ الإقلال أمرا بالاستدانة القريبة، بل هو نهيٌ عنها ما استَطعتَ.

1.. و يقال فيه : الفَراهيديُّ أيضا ، و الأَوَّل هو المُطَّرِد في النسبة ، و الثاني هو الشائع ، و هم بَطنٌ مِن الأَزْد القحطانيّة . عبدالستّار .

2.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۷۰ ، ح ۶۳۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۲۰۲ ، ح ۱۳۵۸ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۵ ، ص ۸۵۵ ،ح ۴۳۴۰۰ ؛ تذكرة الموضوعات ، ص ۱۲۷ ؛ الكامل ، ج ۶ ، ص ۱۷۹ ؛ فيض القدير ، ج ۲ ، ص ۹۲ ، ح ۱۳۵۸ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۱۶۳ ، ح ۴۹۱ ؛ العهود المحمّديّة ، ص ۷۴۶ .

3.. هنأتُ البعيرَ : طَلَيتُه بالهِناء و هو القطران . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۹۶۵ هنأ .

4.. مَساعِر البعير : آباطه و أرفاغه حيث يَستعِر فيه الجَرَب ، و بالفارسية : بَغَل و شانه‏هاى شتر . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۶۶ سعر ؛ فرهنگ أبجدي عربي فارسي ، ج ۱ ، ص ۸۱۴ (المساعر) .

5.. القَطْران و القَطِران : عصارة الأبهَل و الأرز و نحوهما يُطبَخ فيتحلب منه ثم تُهنأ به الإبل ، و بالفارسية : مادّه روغنى كه از بعضي درخت‏ها مانند كاج و سرو بدست ميآيد . انظر : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۱۰۵ قطر ؛ فرهنگ أبجدي عربي فارسي ، ج ۱ ، ص ۷۰۰ (قطران) .

6.. «ألف» : بالدين .

7.. «ألف» : عن .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2508
صفحه از 488
پرینت  ارسال به