نأكلها و نَتَّسع فيها كما نريد، كأنّا باقون بعدهم أبد الآباد، بخلاف الآباء و الأجداد، نَسينا المواعظَ البالغةَ، و أَمِنّا المُهلكاتِ الدامغة.
ثمّ دعا بالجَنّة لِمَن شَغَلَه عيبُ نفسِه عن عيبِ غيرِه، و أنفَقَ مِن حلالٍ اقتناه مِن وجهِه، و صاحَبَ أهلَ العِلم ليَكُفُّوه عن القبيح، و يَدُلّوه على الحَسَن، و جانَبَ العصاةَ كراهةً لهم و لِفِعلهم۱، و كراهةَ أن يَرتضخ۲ مَن صاحَبَهم منهم بعضَ ما هم فيه۳، و انكسرت شهواتُه، فذَلّ لعزّة۴ ربّه، و خالَقَ الخَلقَ بحُسن الخُلق و السيرة المحمودة، و أعطى ما فَضَلَ عن نفسه و أهله الفقراءَ و المستحِقّين، /۲۷۰/ و أمسكَ ما فَضل من كلامه فتَرك الفضول، و اقتَصَرَ على ما لا بدّ له منه، و لَزِمَ السنّةَ النبويّةَ، و لم يَتعدَّها إلى بِدعةٍ مستحدَثةٍ في الدِّين.
و فائدة الحديث: التقريع و الملامة و الوعظ المؤدّي إلى الاستقامة و تعليم مكارم الأخلاق الجارية على طيب الأعراق.
و راوي الحديث: أنس بن مالك، /۲۴۸/ قال: وَعَظَنا رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآله على ناقته الجَذعاء۵ فقال: أيّها الناس... إلى آخر هذا الكلام.
۳۹۷.قوله صلىاللهعليهوآله: طُوبَى لِمَن طابَ كَسْبُهُ، وَ صَلَحَتْ سَريرَتُهُ، و كَرُمَت عَلانِيَتُهُ، وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، طُوبى لِمَن عَمِلَ بِعِلمِهِ.۶
هذا الكلام مثل الّذي تقدّمه في الدعاء إلى الخير و الموعظة الحسنة. و «السريرة» هي
1.. «ألف» : ـ و لفعلهم .
2.. «ألف» : يرتضح .
و ارتضخ : نزع إلى العَجَم في ألفاظ من ألفاظهم . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۱۹ رضخ .
3.. «ألف» : + و لفعلهم .
4.«ألف» : فدلّ العزّة .
5.. يقال للإبل في السنة الخامسة : أجذَع ، و للبقرة في هذا السنّ : جَذعاء . انظر : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۱۹۴ جذع .
6.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۶۰ ، ح ۶۱۵ ؛ المعجم الكبير ، ج ۵ ، ص ۷۲ ، ح ۴۶۱۶ ؛ مسند الشاميّين ، ج ۲ ، ص ۵۷ ، ح ۹۱۲ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۱۸۲ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۵۸ ، ص ۳۴۹ و ۳۵۳ . تحف العقول ، ص ۳۰ مع الاختلاف فيه ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۲۵ ، ح ۳۲ ؛ جامع أحاديث الشيعة ، ج ۱۷ ، ص ۱۴۴ ، ح ۳۰ (و في الأخيرين عن تحف العقول) .