171
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و أنّ الحسد أمره شديد، و الحديث متضمّن للنهي عنه.۱

و راوي الحديث: أنس بن مالك.

۳۸۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: خُصَّ البَلاءُ بِمَن عَرَفَ النَّاسَ، وَ عاشَ فيهم مَن لَم يَعرِفهُم.۲

هذا إشارة إلى أنّ الإنسان إذا خالَطَ الناس و داخَلَهم لَزِمَه مِن المُؤَن ما لا يلزمه إذا تَقاعس۳ عنهم و تباعد عن مباسطتهم، و رضي بالخمول و التنزّه ؛ فإنّه إذا فَعَلَ ذلك رَبِحَ مساعَدَتَهم و الدخولَ في أشغالهم و شكايةَ الشاكين و زيارتَهم و عيادةَ مرضاهم و إدانتَهم۴ و الخوضَ /۲۶۰/ فيما يخوضون فيه.

و قال الباقر أو غيره من أهل البيت عليهم‏السلام: اجتَهِدْ أن تَعرِفَ الناسَ و لا يَعرفوك.۵

و في كلام بعض خلفاء بني العبّاس و قد سَأَلَ أصحابَه: أيُّ الناس أطيَبُ عَيشا؟ قالوا: أمير المؤمنين. قال: ما فعلتم شيئا. ثمّ قالوا: الوزير. قال: لا ؛ و لكن من لم يَعرفنا و لم نَعرِفه۶.۷

و قد قيل: كثرة المعارف مَعجَزة ؛ و ذلك أنّه إذا كثرت معارفه عجز عن أداء حقوقهم ؛ فإمّا أن يقوم بها فيُجحِف بنفسه و ماله، و إمّا أن يَتغافل عنها فيُمقَت، فالأولى أن يَعتزل و يُقبِل على ما خُلِقَ له حتّى إذا أدركه الوعدُ الموعودُ فَرِحَ و استَأنس به و لم تَتُقْ۸ نفسُه

1.. أورد المجلسي رحمه‏الله تمامَ شرح هذه الرواية و الحكاية من أوّله إلى آخره ، في البحار نقلاً عن ضوء الشهاب . راجع :بحارالأنوار ، ج ۷۰ ، ص ۲۵۷ ـ ۲۶۱ .

2.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۳ ، ح ۵۸۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۶۰۳ ، ح ۳۹۱۰ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۱۵۴ ،ح ۵۹۳۷ ؛ فيض القدير ، ج ۳ ، ص ۵۸۵ ، ح ۳۹۱۰ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۳۷۷ ، ح ۱۲۱۱ .

3.. قَعَسَ و تَقاعَسَ و اقعَنسَسَ : تَأَخَّرَ و رَجَعَ إلى خَلْفٍ . لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۱۷۷ قعس .

4.. أدانَ فلانٌ الناسَ أعطاهم الدَّينَ و أقْرَضَهم . لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۱۶۸ دين .

5.. تحف العقول ، ص ۲۱۷ عن أمير المؤمنين عليه‏السلام هكذا : لا عليك إذا عرّفك دينه لا تعرف الناس و لا يعرفوك .

6.. «ألف» : من لم نعرفه و لا يعرفنا .

7.. لم نعثر عليه .

8.. «ألف» : لم يلق .
و تاقَتْ نَفْسي إلى الشيء تَتوق تَوقا و تُؤوقا : نَزَعَتْ و اشتاقَت ، و تاقَتِ الشيءَ كتاقت إليه . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۳۳ توق .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
170

قال: أراك لي عاصيا، و ما أرضى حتَّى تَفعلَ ما أهوى. قال: أمَّا إذ صحَّ عزمُك على ذلك فشأنَك و ما هَويتَ، أصبِرُ إليه بالكُرْهِ لا بالرِّضا! فَشَكَره على ذلك، و عَمَدَ إلى سِكِّينٍ فَشَحَذَها و دَفَعَها إليه، و أشهَدَ على نفْسِه أنَّه دَبَّره، و دفع إليه مِن ثلث ماله ثلاثةَ ألفِ درهمٍ، و قالَ: إذا فَعَلْتَ ذلك فخُذْ في أيِّ بلاد اللّه‏ِ شئتَ.

فعَزَمَ الغلامُ على طاعَةِ المولى بعد التمنُّع و الالتواء، فلمّا كان في آخِر ليلةٍ مِن عمره قال له: تأهَّبْ لِما أمرتُك به ؛ فإنِّي موقِظك في آخِر الليل. فلمَّا كان في وجه السَّحَر قام و أيقَظَ الغلامَ فقام مَذعورا، و أعطاه المُدْيَةَ۱، فجاء حتّى تَسَوَّرَ۲ حائطَ جارِه برفقٍ، فاضطَجَعَ على سَطحِه، و استقبَلَ القبلةَ ببَدَنِه، و قال للغلام: ها و عجِّلْ. فتَرَكَ السكِّينَ على حَلْقِه، و أفرى أوداجَه، و رَجَعَ إلى مَضجعِه، و خَلاَّه يَتَشحَّطُ في دمه، فَلمّا أصبَحَ أهلُه خَفِيَ عليهم خَبَرُه، فلمّا كان في آخِر النهار أصابوه على سطحِ جارِه مقتولاً، فاُخِذَ جارُه، و أحضَروا وجوهَ المحلَّةِ ليَنظُروا إلى الصورةِ، و رَفَعوه و حَبَسوه و كَتَبوا بَخَبَرِه إلى الهادي، فأحضَرَه، فأنكَرَ أن يكون له عِلم بذلك، و كان الرجُلُ من أهلِ الصلاحِ، فأَمَرَ بحَبْسِه، و مَضى الغلامُ إلى أصبَهانَ، و كان هناك رجُلٌ مِن أولياءِ المَحبْوسِ و قرابتِه، و كانَ يتولَّى العطاءَ للجُند بأصبَهانَ فرَأى الغلامَ و كان به عارفا، فسَأَلَه عن أمرِ مولاَه و قد كان وَقَعَ الخَبَرُ إليه، فأخْبَرَه الغُلامُ حَرفا حَرفا، فأشهَدَ على مَقاتِله جَماعةً، و حَمَلَه إلى مدينة السلام، /۲۳۶/ و بلغ الخبرُ الهادي، فأحضَرَ الغلامَ فَقَصَّ أمرَه كُلَّه، فتَعَجَّبَ الهادي مِن ذلك، و أمر بإطلاق الرجُل المحبوسِ و إطلاقِ الغلامِ أيضا.۳

و فائدة الحديث: إعلام أنّ الفقر من أصعب الأشياء، و مكابدته من أهول الاُمور،

1.. المُديَة و المِديَة : الشَّفرة ، و بالفارسية : كارد و تيغ بزرگ ، چاقوي آشپزخانه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۲۷۳ ؛ فرهنگ أبجدي عربي فارسي ، ج ۱ ، ص ۸۰۰ مدي .

2.. سُرْتُ الحائطَ و تسوَّرتُه إذا عَلَوتَه ، و تَسَوَّرَ الحائِطَ : تَسَلَّقَه ، و تَسَوَّرَ الحائطَ : هَجَمَ مثل اللصّ . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۸۶ سور .

3.. هذه القصّة لم ترد في «ألف» .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2547
صفحه از 488
پرینت  ارسال به