167
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

فهذا ما علّقناه على شيخنا أبي الحسن النحوي رحمه‏الله.

و معنى الحديث و اللّه‏ أعلم: أنّه إشارة /۲۵۹/ إلى أنّ الفقير يُسِفُّ۱ إلى المآكل الدنيّة و المطاعم الوبيّة، و إذا وَجَد أولادَه يَتضوّرون۲ من الجوع و العُري، و رأى نفسه لا تَقدِر على تقويم أَوَدهم۳ و إصلاح حالهم و التنفيس۴ عنهم، كان بالحَريّ أن يَسرق و يخون و يغصب و ينهب، و يَستحلّ أموالَ الناس، و يَقطع الطريقَ، و يقتل المسلمَ، أو يخدم بعض الظَّلَمة، فيَأكل ممّا يغصبه و يظلمه، و هذا كلّه مِن أفعال مَن لا يُحاسِب نفسَه، و لا يؤمِن بيوم الحساب، فهو قريب إلى۵ أن يكون كافرا بَحتا، و في الأثر: عَجِبتُ لِمن له عيال، و ليس له مال، كيف لا يَخرج على الناس بالسيف؟!۶

و قوله عليه‏السلام: «كاد الحسد أن يغلب القدر»، المعنى أنّ للحسد تأثيرا قويّا في النظر في إزالة النعمة عن المحسود، أو التمنّي لذلك ؛ /۲۳۴/فإنّه۷ ربّما يَحمله حسدُه على قتل المحسود و إهلاك ماله و إبطال معاشه، فكأنّه سعيٌ في غلبة المقدور ؛ لأنّ اللّه‏ تعالى قد قَدّر للمحسود الخيرَ و النعمة، و هو يَسعى في إزالة ذلك عنه! و قيل: الحسد مُنصِف ؛ لأنّه يَبدأ بصاحبه.۸ و قيل: الحسود لا يسود.۹ و قيل: الحسد يأكل

1.. أسَفَّ الطائرُ و السحابةُ و غيرهما : دَنا من الأرض ، و أسفَّ الفَحلُ : أمال رأسَه للعَضيض ، و أسفّ إلى مَداقّ الاُمور و ألائمها : دنا . راجع : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۱۵۴ سفف .

2.. التضوُّر : التَّلَوِّي و الصياح مِن وَجَعِ الضرب أو الجوع ، و هو يتلعلع من الجوع أي يتضوّر . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۹۴ ضور .

3.. «ب» : أولادهم .
و الأَوَد : العِوَج ، و الثقاف هو تقويم المعوج . لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۷۵ أود .

4.. نَفَّسَ اللّه‏ُ عنه كُربته أي فَرَّجها ، و نفَّس اللّه‏ُ عنك : فَرَّج و وسّع . لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۲۳۷ نفس .

5.. «ألف» : ـ إلى .

6.لم نعثر عليه .

7.. «ألف» : و أنّه .

8.. و منه المَثَل السائر : «قاتَلَ اللّه‏ُ الحسدَ ما أَعدَلَه! بدَأَ بصاحبه فَقَتَله» المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه‏السلامأيضا . و من الكلام المرويّ عن أمير المؤمنين عليه‏السلام كما يقول ابن أبي الحديد في شرحه : «للّه‏ِ دَرُّ الحسد ما أعدله! بدأ بصاحبه فقتله» . راجع : التذكرة الحمدونية ، ج ۲ ، ص ۱۸۲ ؛ شرح نهج البلاغة ، ج ۱ ، ص ۳۱۶ .

9.. غرر الحكم ، ج ۱ ، ص ۳۴ ، ح ۱۰۶۰ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۲ ، ص ۲۱ عن الإمام عليّ عليه‏السلام ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۳۵۹ (عن كلمات بعض السلف) ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۳ ، ص ۶۳ (رواه عن ذي النون المصري) .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
166

و فائدة الحديث: إعلام أنّه تعالى لا يَرزُقُ عبدَه المتوكّل إلاّ من حيث لا يعلم، و النهي عن الإكباب على الدنيا خوف الرزق ؛ فإنّه سيصل على وجه لا يَعلم المرزوقُ به.

و راوي الحديث: جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائه عليهم‏السلام.

۳۷۹.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: كادَ الفَقرُ أَن يَكُونَ كُفراً، وَ كادَ الحَسَدُ أَن يَغلِبَ القَدَرَ.۱

«كادَ» و عسى كلاهما من أفعال المقاربة، و كاد مشبَّهة بعسى، و عسى مشبَّهة۲ بلعلّ فلذلك لم يَتصرَّف۳ لأنّه مشبَّه بحرف، و الحرف لا يتصرّف، و كاد أشدّ مقاربةً من عسى ؛ و إنّما لم يَأتِ من عسى الفعل المضارع لأنّ فيه معنى الطمع، و الطمع لا يَصِحّ إلاّ في المستقبل، فلو بُنِيَ منه المضارع لصَلَحَ للحال و الاستقبال معا، و الطمع لا يصحّ في الحال، فلذلك اقتُصر فيه على الماضي، و عسى تَرفع الاسمَ و تَنصِب الخبر، إلاّ أنّ خبره لا يكون إلاّ فعلاً مضارعا يدخله أن، و كذلك كاد يَرفع الاسمَ و ينصب الخبر، و مِن شرط كاد أن لا يدخل على خبره «أن» كقولك: كاد زيد، و قال تعالى: «وَ إِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ»۴ و «كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدا»۵، و هذا إذا كان للحال، فإن كان للاستقبال شُبّه بعسى فاُدخل على خبره أن، كما قال:

قد كاد مِن طول البِلى أن يَمصَحا۶

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۲ و ۳۴۳ ، ح ۵۸۶ و ۵۸۷ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۷ ، ص ۱۷ ؛ و ج ۱۰ ، ص ۴۵ ؛ كتاب الدعاءللطبراني ، ص ۳۲۰ ، ح ۱۰۴۸ ؛ الكامل ، ج ۷ ، ص ۲۳۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۶۶ ، ح ۶۱۹۹ ؛ كنز العمّال ، ج ۶ ، ص ۴۹۲ ، ح ۱۶۶۸۲ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۳۰۷ ، ح ۴ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۳۷۱ ، ح ۶ ؛ الخصال ، ج ۱۲ ، ص ۴۰ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۴۰ ، ح ۴۰ ؛ و ج ۲ ، ص ۷۱ ، ح ۱۸۴ .

2.. «ألف» : ـ بعسى ، و عسى مشبَّهة .

3.. «ألف» : لا تنصرف .

4.. القلم ۶۸ : ۵۱ .

5.. الجنّ ۷۲ : ۱۹ .

6.. هذا من الرجز لرؤبة بن العجّاج ، اُنظر : أدب الكاتب ، ص ۴۱۹ ؛ الكامل في اللغة والأدب ، ج ۱ ، ص ۱۶۲ ؛ المقتضب ،ج ۳ ، ص ۶۳ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2426
صفحه از 488
پرینت  ارسال به