97
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

الغرض منه أنّ المسلم ينبغي أن يَسلم المسلمون من جانبه، و هو أيضاً إخبار معناه الأمر، و إلاّ فالإسلام حاشى له أن يرتفع بالأذى، و هذا كما روي: من لم يصلّ صلاة الليل فليس منّا. ليس المعنى أنّه ليس بمسلم، بل يعني أنّه ليس من إخواننا المخلص، و كقوله: لا صَلاة لِجارِ المَسجِدِ إلاّ في المَسجِدِ ؛ و المعنيّ به التشديد، لا أنّ الصلاة في الدور غير مقبولة».

الثاني: نقل أقوال العرفاء و الصوفية.

قال رحمه‏الله:

«... و قال عليّ بن بَكَّار: ذهب الأخيار، فلم يبق إلاّ من يؤر الدرهمين على دينه.

و قال يحيى بن معاذ: إنّ الدرهم عقرب، فإن لم تحسن رُقيتها فلا تأخذه ؛ فإنّها إن لدغتك قَتَلتْك بسمّها...».

الثالث: ذكر بعض أشعاره التي خُلّي ديوانه منها.

و منه قوله: و ممّا جرى على لساني من نظمي:

أنت إلهي و أنت مُستندي

و أنت دون الأنام معتضدي

أنتَ الّذي إن عَثرتُ قلتُ له

يا سيّدي قد عثرتُ خذ بيدي

خذ بيدي قبل أن أقول لِمن

أراه عند النهوض خذ بيدي

الرابع: إفاداته الفلسفية و العقلية.

قال عليه‏السلام عند قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: المَوتُ كفّارةٌ لِكلِّ مُسلمٍ:

«الموت» عبارة عن انتفاء الحياة عن المحلّ، و ليس بذات معلومة، إنّما المرجع فيه إلى النفي. و قال بعضهم: هو معنى يضادّ الحياة. و الكلام فيه يطول.

الخامس: إفاداته اللغوية و الأدبية.

قال:

«... و قد خطّأه أبو منصور الأزهري لفظاً و معنى ؛ أمّا اللفظ فمن حيث جعل الناقة هي الراحلة، قال: ليس الجَمَل عنده راحلةً، و الراحلة عند العرب تكون الجَمَل النجيب و الناقة النجيبة ؛ و أمّا المعنى، فإنّ المعنى أنّه يعزّ فيهم الكامل الفاضل زهداً في الدنيا و رغبةً في الآخرة، هذا معنى كلام الأزهري».


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
96

خدمتي بكفاية مآربي و تقضية مطالبي حتّى تمّ.

و للّه‏ الحمد على آلائه و حُسن بلائه، و استتممتُه بجَوسَقان، و حسبنا اللّه‏ كافياً و مُعيناً، و الحمد للّه‏ ربّ العالمين حمد الشاكرين، و صلّى اللّه‏ على خير خلقه محمّد و آله الطيّبين الطاهرين، و سلَّم تسليماً كثيراً».

و كتابه رحمه‏الله مشحون بالفرائد البهيّة و الفوائد الأدبية و الأشعار الرائقة و الإنشاءات الفائقة، و التحقيقات الحديثية و الفقهية، يعرفها كلّ من سبر غوره. نذكر بعضها اُنموذَجاً:

الأوّل: في تأويل الحديث.

قال عند ذكر قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ اللّهَ جَميلٌ يُحِبُّ الجَمالَ:

«... و ربّما يَختصّ الجمالُ البدنَ أو الفعل، و ربّما يعبَّر بالجمال عمّا يَصلُ إلى غيرك من الخير، و إذا وُصِف اللهُ تعالى بذلك فالمعنيّ به أنّه مُجمِل محسن إلى الخلق يُفيض خيره عليهم، و جَميل بمعنى مُجمِل، كحَكيم بمعنى مُحكِم.

و «يُحِبُّ الجَمالَ»: أي يحبّ أن يَتعاطى الإنسانُ الخيرَ إلى غيره اقتداءً برَبّه تعالى، و قد اُمرنا أن نَتشبّهَ بقدرِ ما يَسعُنا و يَحتمل حالُنا بأفعال اللّه‏ تعالى، و قد تَقدّم هذا المعنى قبلُ، و اُورد الحديثُ الّذي هو: إنَّ للّهِ تِسعَةً و تسعينَ اسماً ؛ مَن أحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ ؛ أي من أطاق سلوكَ سبيلها بقدر ما أقدره اللّه‏ عليه. و الإحصاء: الإطاقة ؛ لقوله تعالى: «عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ» ؛ أي لم تُطيقوه. و قد فسّر هذا الحديثَ الّذي نحن في شرحه بعضُ الناس على ظاهره، و قال: اللّه‏ تعالى يحبّ أن يُرى الجمالُ على عبده من الثياب و اللباس و النعمة... و تمشيةُ هذا يُشكِل، و الأكابر فَسّروه على ما فسّرنا، و هو أولى و أليَقُ بجلاله».

و أيضاً قال عند ذكر قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: المُسلمُ مَن سَلم المُسلمونَ مِن لِسانهِ و يَدهِ:

«المعنى و اللّه‏ أعلم: أنّ المسلم الكامل الإسلام المخلص المتّقي، من سلم المسلمون من فضلة لسانه و تعدّي يده ؛ لا أنّ المسلم إذا أصاب شيئاً من ذلك ارتفع إسلامه، بل

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2188
صفحه از 503
پرینت  ارسال به