479
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

لو كان عُمرُ الفتى حسابا

لكان في شَيبِه فذلك۱

و قال:

سلامٌ على سَير القِلاصِ مع الرَّكْب

سلامٌ على شُرب المدامة و الشَّرْب

سلامُ فَتًى لم يَبْقَ منه بقيّةٌ

سوى نظرِ العينينِ أو شهوةِ القلب۲

و في كلام العرب: الشيبُ و كُلُّ عيبٍ! فالأجملُ بالشَّيخ۳ أن يخشع و يعتذر لما مضى ؛ فإنّ بقيّة عمر المرء لا قيمة لها، بها يُدرِك ما فات، فعليه بالبكاء و الخضوع و الانقطاع و الخُنوع۴.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ الشيخ لا تَفتُر شهوتُه و لا تَنقُصُ۵ رغبته لمكان شيخوخيّته و سقوط قوّته، و الإشارة فيه إلى نهيه عنه و الامتناع منه.

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۲۴۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أَربَعَةٌ يُبغِضُهُمُ اللّه‏ُ تَعالَى: البيَّاعُ الحَلاّفُ، وَ الفَقيرُ المُختَالُ، و الشَّيخُ الزَّاني، وَ الإِمامُ الجائِرُ.۶

أخبر صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّ اللّه‏ تعالى يبغض هؤلاء الأربعة ؛ أوّلهم: البيّاع الحلاّف الّذي يَبيع محقَّرا لا قَدْرَ له و لا قيمة، فلمكان شعيرة أو حَبَّة يَلتَبِسُها يبتذل۷ اسمَ اللّه‏ تعالى ؛ تنفيقا لِسِلعته،

1.. البيتان لمنصور الفقيه ، اُنظر : بهجة المجالس ، ج ۳ ، ص ۲۱۹ ؛ الظرائف و اللطائف ، ص ۳۶۶ .

2.. البيتان لإسحاق الموصلي ، اُنظر : التذكرة الحمدونية ، ج ۶ ، ص ۱۴ ؛ الكامل في اللغة و الأدب ، ج ۱ ، ص ۵۵۰ .

3.. «ألف» : بالشيب .

4.. الخُنوع : الخضوع و الذُّلّ . لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۷۹ خنع .

5.. «ألف» : تنتقص .

6.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۱۳ ، ح ۳۲۴ ؛ سنن النسائي ، ج ۵ ، ص ۸۶ ؛ السنن الكبرى ، ج ۲ ، ص ۴۶ ، ح ۲۳۵۷ ؛ و ج ۴ ،ص ۲۶۹ ، ح ۷۱۳۹ ؛ صحيح ابن حبّان ، ج ۱۲ ، ص ۳۶۹ ، ح ۵۵۵۶ . عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۲۳۶۳ ، ح ۵۱ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۳ ، ص ۲۷۳ ، ح ۱۵۳۳۲ ؛ جامع أحاديث الشيعة ، ج ۱۸ ، ص ۴۰ ، ح ۲۶۳ و فيهما عن عوالي اللآلي .

7.. «ألف» : يكسيهما يتبدّل .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
478

و كثرة المال ؛ و لَعَمري إنّ كلاًّ منهما مشتَهًى ؛ أمّا الحياة فهي أصل اللذَّات، و لولاها لما حصل الالتذاذ بشيء من الملاذّ.

و أمّا المال فهو معشوق بني آدم الّذي يطوفون عليه و ينساقون إليه و يَبرُكون۱ لديه، فالشيخُ شابٌّ في هذين ؛ أي راغب فيهما، لم يَتقاعد به طولَ العُمر عن الرغبة فيهما.

و الغرض المقصود من قول النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله نهيُ المشايخ عن الرغبة في الدنيا و طول الحياة ؛ فإنّ الشيخوخة لو عَرَضَتْ للشجر و الحجر و الحشيش لكانت مؤذِنةً بزواله و مُعلِمةً باضمحلاله.

و رُوي: أنّ شهر بن حَوشَب تَلَبَّسَ ذاتَ يومٍ ليَدخل على بعض الملوك، فنظر في المرآة فرأى شيبةً، فأخذه بيده، ثمّ خَلَعَ لباسَه، و نَقَضَ عمامتَه، و جَعَلَ يقول: السلطان بعد الشَّيب؟! السلطان بعد الشيب؟!۲

و حُكي عن يونس بن حبيب قال: قال رُؤبةُ بنُ العَجّاج: حتّى متى تسألني عن هذه الأباطيل، و اُزوِّقها۳ لك؟! أ ما ترى الشيبَ قد بَلَّعَ۴ في لحيتك؟!۵ أي ظهر.

/۱۷۴/ و في كلامهم: الشَّيبُ و كُلُّ عيب!

و قال الشاعر:

مَن شابَ قد مات و هو حيٌّ

يمشي على الأرض مشيَ هالكْ

1.. «ألف» : ينزلون .
و بَرَك البعيرُ : استناخ ، ألقى بَرْكَه بالأرض و هو صدره ، و كُلُّ شيء ثبت و أقام فقد بَرَكَ . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۳۹۷ برك .

2.. كتاب العمر و الشيب لابن أبي الدنيا ، ص ۷۱ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۲۳ ، ص ۲۲۳ ؛ تهذيب الكمال للمزي ، ج ۱۲ ،ص ۵۸۷ .

3.. زَوَّق الكلامَ و الكتاب : حَسَّنَه و قَوَّمَه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۵۰ زوق .

4.. «ألف» : بلَّغ .
بَلَّعَ فيه الشيبُ تبليعا : بَدا و ظَهَر . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۲۰ بلع .

5.. تاريخ مدينة دمشق ، ج ۱۸ ، ص ۲۲۳ ؛ وفيات الأعيان ، ج ۷ ، ص ۲۴۵ ؛ غريب الحديث ، ج ۲ ، ص ۳۴۲ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1783
صفحه از 503
پرینت  ارسال به