467
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

و مربوبه الّذي يُعطيه اُصولَ النِعَم مِن الحياة و الشهوة و النَّفرة، و يرزقه و لا يَحبِس عنه رَواضعَ۱ النعم و موادَّ الرزق، فمتى يَرضى أن يَظلم عبدٌ مثلَه في العبوديّة ؛ فقد جَمَعَتهما العبوديّة، و أوجَبَت المماثلةَ بينهما.

فأمّا العقائد و الديانات فإنّه لا تعلُّقَ لها بالظلم و العدل، و اعتَبرْ بالشاهد: هل يرضى مَلِكٌ مِن ملوك بني آدم أن يكون له مملوك فيَظلمه غيره، و يَهضِمه و يَسلُبه نعمتَه، و هو في حَوز۲ الملك و تحت قدرته، فيَسكت عنه و لا يَدفع عنه ظلمه؟! فما لا يرضاه ابنُ آدم كيف يرضاه الخالق عزّ و علا؟

و قوله تعالى: «وَ مَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ»۳ فإنّه ليس من قبيل هذا الدعاء ؛ لأنّه في النار نعوذ باللّه‏ منها، و إن حَملتَ الفجورَ على الفسق سهُل الأمرُ، و تخلَّصَ من الاعتراض.

و فائدة الحديث: الزجرُ عن الظلم، و تخويف الظالم بأنّ اللّه‏ تعالى يسمع دعاء المظلوم و إن كان فاجرا.

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۲۳۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ثَلاثُ دَعَواتٍ مُستَجاباتٌ۴ لا شَكَّ فيهِنَّ: دَعوَةُ المَظلومُ، وَ دَعوَةُ المُسافِرِ، وَ دَعوَةُ الوالِدِ عَلَى وَلَدِه.۵

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ هذه الدعوات الثلاث۶ مستجاباتٌ لا شكّ فيهنّ، منها دعوة المظلوم ؛ لما

1.. الرواضع : ما نبت من أسنان الصبيّ ثمّ سقط في عهد الرضاع ، يقال منه : سقطت رواضعه . و قيل : الرواضع : ستٌّ من أعلى الفم و ستّ من أسفله . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۱۲۸ رضع .

2.. «ألف» : حرز .

3.. الرعد ۱۳ : ۱۴ .

4.. «ب» : مستجابة .

5.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۰۸ ، ح ۳۱۶ ؛ الأدب المفرد للبخاري ، ص ۱۰۶ ، ح ۲۲۳ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۲۵۸ و ۳۴۸و ۵۱۷ و ۵۲۳ ؛ سنن أبي داود ، ج ۱ ، ص ۳۴۳ ، ح ۱۵۳۶ . فضائل الأشهر الثلاثة ، ص ۱۴۳ ، ح ۱۵۷ ؛ الدعوات للراوندي ، ص ۳۰ ، ح ۵۹ ؛ النوادر للراوندي ، ص ۹۳ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۲۷۵ .

6.. «ألف» : الثلاث الدعوات .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
466

و فائدة الحديث: تخويف مَن اكتسب مالاً مِن غير حِلّه ليتركه على عياله، و النهي عن ذلك.

و راوي الحديث: ابن عمر.

۲۳۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: دَعوَةُ المَظلومِ مُستَجابَةٌ، وَ إِنْ كانَ فاجِراً فَفُجورُهُ عَلى نَفْسِهِ.۱

قد تَقَدَّمَ القول على «الفجور»، و أنّه في الأصل: شَقُّ السِّتر و صَدْع۲ الديانة، و ربّما يُستعمل بمعنى الكذب كقوله تعالى: «لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ»۳ على ما قيل، و اللّه‏ أعلم بمراده، و أكثرُ ما جاء في القرآن الفُجور بمعنى الكفر، و لا شكّ أنّ كلّ كفر فجور و زيادة.

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ دعاء المظلوم مستجاب، و كم قد رأينا و شاهدنا دعاءهم و قد استجيب، و قد جاء في الحديث: الظلم البَحت يَبتُر العمرَ۴ ؛ و ذلك لأنّ المظلوم العاجز المقهور يعجز عن كلّ مستمسَك، و يُسدّ عليه المنافذ، فيَلجأ إلى اللّه‏ تعالى، و ينقطع إليه، فيدعوه من حرقة قلبه، فيستجيب ـ عزّ و علا ـ دعاءه، و يَسمع نداءه، و يقهر ظالمه، و يكفّ عاديته، و يكلّ أظفاره، و يسلبه قوته عليه.

و قوله عليه‏السلام: «و إن كان فاجرا ففجوره على نفسه» معناه أنّه على الجملة يُقرّ باللّه‏ِ تعالى، و يَعلم أنّه خالقه، و لا يوجد من الكفّار على أنواعهم من ينكر الخالق رأسا إلاّ الدهريّة ؛ /۱۶۸/ فإنّه إذا۵ اشتكى إلى ربّه سَمِع ظلامته، و أولَى الظالمَ ملامته و المظلوم سلامته، فيقول: إنّ الفجور لا يَحجب الدعاءَ و لا يمنع الإجابة ؛ و ذلك /۱۵۶/أنّه على الجُملة عبدُه

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۰۸ ، ح ۳۱۵ ؛ صحيح البخاري ، ج ۴ ، ص ۳۳ و فيه إلى قوله : مستجابة ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ،ص ۳۶۷ ؛ مسند أبي داود الطيالسي ، ص ۳۰۶ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۷ ، ص ۵۹ ، ح ۵ . الكافي ، ج ۸ ، ص ۹ ، ح ۱ ؛ تحف العقول ، ص ۳۱۵ (و فيهما إلى قوله : مستجابة) ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۳۱۱ ، ح ۶۲۸ (مع اختلاف يسير فيه) .

2.. الصَّدْعُ : الشَّقُّ في الشيء الصُّلْبِ كالزجاجة و الحائط و غيرهما . لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۱۹۴ صدع .

3.. القيامة ۷۵ : ۵ .

4.. لم نعثر عليه ؛ و في الحديث : «عقوق الوالدين يبتر العمر» . نزهة الناظر ، ص ۳۷ ، ح ۱۱۵ .

5.. «ألف» : «فإذا» بدل «فإنّه إذا» .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1713
صفحه از 503
پرینت  ارسال به