465
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

كأنّه يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: العذاب كُلُّ العذاب ـ أي العذابُ الشديد ـ مُعَدٌّ لمن تَرَكَ عياله بخير ؛ أي أبقى لهم مالاً مِن وجهٍ حرّمه اللّه‏ عليه، /۱۵۵/فجَمَعه و كَدَّ فيه /۱۶۷/ نفسَه، و أتعَبَ بدنَه، و شَغَلَ خاطرَه، و استَفرَغ وُكدَه، و جَهَدَ جُهدَه، و أطالَ يومَه، و أطار نومه ؛ حتّى اشتَرى به الشقاوةَ الأبديّة و المَذلّة السرمديّة، فعِيالُه المخلِّفون يَرتعون فيه، و يُنفقونه طِلقا حلالاً، و يَكسبون به خيرَ الدنيا و الآخرة، و الكادُّ الكاسب يُعرَض على النار غُدُوّا و عشيّا، و يَقدَم على ربّه يوم القيامة، و قد قَتَلَ هذا، و غَصَبَ ذاك، و كذب على هذا، و سعى على ذاك ؛ إلى أمثال ذلك ممّا يَفتخر به أبناءُ زماننا هذا، و يَنسبون مَن يتعاطى ذلك۱ إلى الكَيْس و النجابة، و مَن يَتحاماه إلى الغَرارة و الغفلة و قلّة المعرفة باُمور الدنيا، و لقد قال لي في بعض هذه الأيّام إنسان من المتصرّفين: إنّك قليل البصر باُمور الدنيا، فقلتُ: إنّي أعرِفها غايةَ العرفان ؛ و لكن أربأ۲ بنفسي عن تَعاطيها، فخذ علَيَّ: ما التصرُّفُ و ما البراعةُ۳ في اُمور الدنيا الّتي تُجَهِّلني فيها۴ إلاّ۵ أن تَغصبَ۶ كلّ ما تقدر عليه، و لا يكونَ كلامك إلاّ كذبا، و تَسعى بكلّ مَن قدرتَ۷ عليه حتّى يذهب بيتُه۸، و تُضَرِّبَ۹ بينَ كُلِّ اثنين يَعرفانك۱۰ أو تَعرِفُهما، و تجمع و لا تبالي مِن أين اجتمع، و تحقدَ و تحسدَ و تشرب و تزنيَ و لا تصلّيَ و لا تصومَ و لا تؤمنَ باللّه‏ِ و لا بيوم الحساب! أ فأَعْرِفُ۱۱ اُمورَ الدنيا أم لا؟! فَتَشَوَّرَ۱۲ سامَحَه اللّه‏.

1.. «ب» : يتعطّى ذاك .

2.. رَبَأتُ بكَ عن كذا و كذا أربَأُ رَبْأً : رَفعتُك . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۸۲ ربأ .

3.. بَرَعَ و بَرُعَ يبرُع بَراعَةً : تَمَّ في كُلِّ فضيلة و جمال ، و فاقَ أصحابَه في العلم و غيره . لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۸ برع .

4.. العبارة هكذا في المخطوطتين .

5.. «ألف» و «ب» : «هو» ، فصحّحنا العبارة هكذا .

6.. «ألف» : تغضب .

7.. «ألف» : تقدر .

8.. «ألف» : ثلثه .

9.. التضريب : التحريص للشجاع في الحرب ، و التضريب بين القوم الإغراء . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۵۴۸ و ۵۵۱ ضرب .

10.. «ألف» : بعرفانك .

11.. «ألف» : أ و أعرف .

12.. «ألف» : فتشوَّ و .
و شَوَّرتَ الرجُلَ و بالرجل فتَشَوَّرَ إذا خجَّلتَه فخَجِلَ . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۳۶ شور .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
464

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: شرّ الناس من قامت عليه القيامة و هو حيٌّ بعدُ ؛ و ذلك أنّ في آخر الزمان عند إظلال القيامة يَرتفع التكليف، و يُغلَق باب التوبة ؛ لأنّ تلك الحالة مثل حالة البَأس۱«لاَ يَنفَعُ نَفْسا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ»۲ ؛ لأنّها شبيهة بحالة النزع ؛ لأنّ في تلك المدّة يصير الشكّ إيقانا و الظنّ عِيانا، و يزلُّ زمام الاختيار عن يد المختار، و يَرهق۳ إلى وهلة الاضطرار، فشَرُّ الناس مَن تقوم القيامة الحقيقيّة عليه ؛ لأنّه ممّن ارتفع تكليفُه و لم يؤمِن بعدُ.

و فائدة الحديث: تعريف أنّ القيامة تقوم على شرّ الناس، و أنّ التكليف ينقطع إذا ظهر عنوان القيامة، و لاحتْ تباشيرُ الحسرة و الندامة.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن حدّاد.

۲۳۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الوَيلُ كُلُّ الوَيلِ لِمَن تَرَكَ عِيالَهُ بِخَيرٍ، و قَدِمَ عَلى رَبِّهِ بِشَرٍّ.۴

قد تَقدَّمَ الكلام في «الويل»، و أنّها كلمةُ قُبوح و عذاب.

و قال عطاء۵ بن يسار: الويل وادٍ في جهنّم لو اُرسلَتْ فيه الجبال لَماعَتْ۶، نعوذ باللّه‏ منه.۷

و قيل: الويل جُبٌّ في جهنّم.۸

1.. «ألف» : الناس .

2.. الأنعام ۶ : ۱۵۸ .

3.. رَهِقَ فلانٌ فلانا : تَبِعَه فقارَبَ أن يَلحقه ، و رَهِقَه : غَشِيَهِ ، و يقال : رجُلٌ فيه رَهَقٌ إذا كان يَخِفُّ إلى الشرّ و يَغشاه . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۲۹ رهق .

4.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۰۷ ، ح ۳۱۴ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۷۲۴ ، ح ۹۶۹۳ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۳ ، ص ۳۸۵ ،ح ۶۸۶۵ ؛ لسان الميزان ، ج ۴ ، ص ۴۶۹ ، ح ۱۴۶۲ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۴۴۹ ، ح ۷۳۹۰ ؛ كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۳۴۶ ، ح ۲۹۷۷ .

5.. «ألف» : عطّار .

6.. ماعَ الشيءُ و الصُّفر و الفضّة يَميعُ و تَمَيَّعَ : ذاب و سال ، و ماع الدمُ و الشراب و نحوه مَيعا : جرى على وجه الأرض جريا منبسطا في هينة . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۳۴۴ ميع .

7.. اُنظر : عمدة القاري ، ج ۲ ، ص ۹ ؛ تفسير غريب القرآن للطريحي ، ص ۴۸۵ ؛ الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۴۶ .

8.. اُنظر : عمدة القاري ، ج ۲ ، ص ۹ و ۱۰ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1995
صفحه از 503
پرینت  ارسال به