447
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

ذلك السلطان هو القاهر، و السَّلاطة تسمّى سلطانا، و الحُجَّة تسمّى سلطانا. و «الظِّلّ» أصله: عدم أشعّة الشمس، و هو أعمّ من الفَيء، و يقال: ظِلُّ الليل، و الفَيْءُ: ما كانت عليه الشمسُ ثمّ زالت، و لفظ الفيء يُنبِئ عن ذلك، و يُعَبَّر بالظِّلّ عن المناعة۱ و العزّ و الرفاهة، يقال: أظَلَّني فلانٌ أي جَعَلَني في ظِلِّه و مَنَعَتِه، و فلان في ظلٍّ ظليل أي طِيبٍ من العَيش، و قال تعالى: «وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً».

و معنى الحديث: أنَّ الحاكم القاهر مثل ظلِّ اللّه‏ و مَنَعَتِه۲ الّذي يأوي المظلومون إليه فيَستجيرون به و يتعيّشون۳ في كنفه، فيؤويهم و ينصرهم و يُعينهم و يَجبُرهم، و هو غياثهم الّذي يَفزَعون إليه و ملاذهم الّذي يتوكّلون عليه، و هو المَلِك العادل الّذي يَنصر الدين و يُؤوي المسلمين، فالإسلام منه على بال، و الجور من خيبته مُؤذِن بالزِّيال، و لا يَعني به الظَّلَمةَ المتحكِّمين المتسلِّطين على أعناق الرجال، المتجمِّلين بالفِسقِ و الفُجور، الشرّابين للخُمور۴ ؛ فإنّهم يحتاجون إلى من يُؤوي عليهم المسلمين، و يَكُفّ أيديهم عن المظلومين.

و قال بعض أصحاب الإشارات۵: إنّ المعنى فيه أنّ السلطان يحاكي صورة فعل اللّه‏ في المَعدَلة و النَّصَفة، فإنّه يَنصر المظلوم و يؤويه، و يَقهر الظالمَ و يقصيه۶، فكأنّه ظِلُّ اللّه‏ المحاكي لأفعاله۷ كما يقع ظلّ الشيء إلى الأرض و الماءِ مثل صاحب الظلّ.

1.. «ألف» : يعبَّر عن الظِّلِّ بالمنعة .

2.. «ألف» : ـ و فلان في ظلٍّ . . . و منعته .

3.. «ألف» : يعيشون .

4.. «ألف» : ـ المتجمِّلين . . . للخمور .

5.. لم نعثر عليه .

6.. «ألف» : يُقضيه .

7.. «ألف» : أفعاله .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
446

الفعل يلابس المفعول كما يلابس الفاعل، فكأنّهما يمتدّانه۱ من طرفيه، و يجوز أن يكون المعنى أنّ أهل المعروف في الدنيا يُشَفَّعون في الآخرة في إخوانهم من المؤمنين المحتاجين إلى الشفاعة، و كلا الوجهين حسن مجوَّز.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ مَن وُفّق في الدنيا للمعروف و الخير كان مخصوصا بالخير بالآخرة لنفسه۲ و لغيره.

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۲۲۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الخازِنُ الأَمينُ الَّذي يُعطي كَما أُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ أَحَدُ المُتَصَدِّقِينَ.۳

و قد تقدّم الكلام في أفراد حروف هذا الحديث.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ۴ الخير الّذي يصل إلى المستحقّ تنتشر۵ بركته ؛ فالمعطي الَّذي يَأمر به، و الخازن الذي يَصِل على يده، و المحبُّ المُريد لذلك، والحاثُّ عليه كُلُّهم شركاء للمعطي۶، و الخازن الّذي يصل الخير من يده إلى يد المستحقّ /۱۴۷/له خصوص بهذا الخير مِن قِبل أنّه هو كالسبب لملابسته له، فهو أحد المتصدّقين. و قال: «طيّبةً به نفسُه» حثّا على طيب النفس بمال غير الخازن ؛ و هو أنّ أبخل الباخلين مَن بَخِل بمالِ غيره! و لَعَمري إنّها لمَنزِلةٌ عليّةٌ و حَسَنةٌ سنيّةٌ و موهبةٌ هنيّةٌ ؛ يكون المالُ مِن كِيسِ غيرك، و تُصيب من الثواب في كيسك مِن غير إنفاق و لا غرامة.

و فائدة الحديث: الحثّ على الأمانة و التصوّن و طيب النفس في فعل الخيرات.

و راوي الحديث: أبو موسى.

۲۲۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: السُّلطانُ ظِلُّ اللّه‏ِ في الأَرضِ يَأوي إِلَيهِ۷ كُلُّ مَظلومٍ.۸

/۱۵۸/ «السَّلاطة»: القَهْر، و قد سَلَّط اللّه‏ُ فلانا فتَسَلَّطَ عليهم، و السُّلْطَة اسم منه، و مِن

1.. «ب» : يبتدانه .

2.. «ألف» : في نفسه .

3.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۰۰ ، ح ۳۰۲ و ۳۰۳ ؛ صحيح البخاري ، ج ۳ ، ص ۴۸ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۳۹۴ ؛ سننالنسائي ، ج ۵ ، ص ۸۰ ؛ السنن الكبرى ، ج ۲ ، ص ۴۱ ، ح ۲۳۴۱ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۳۷۲ ، ح ۱۱۹۱ .

4.. «ألف» : ـ إنَّ .

5.«ألف» : ينشر .

6.«ألف» : كالمعطي .

7.. «ألف» : ـ إليه .

8.مسند الشهاب، ج ۱، ص ۲۰۱، ح ۳۰۴؛ الكامل لابن عدي ، ج ۳، ص ۳۶۱؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۶۹ ، ح ۴۸۱۶ ؛ كنز العمّال ، ج ۶، ص ۴، ح ۱۴۵۸۱؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۴۵۶ ، ح ۱۴۸۷ . الأمالي للطوسي ، ص ۶۳۴ ، ح ۹ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۲۹۳ ، ح ۱۷۶ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۵۴۶ مع اختلاف يسير فيه .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1810
صفحه از 503
پرینت  ارسال به