425
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

و الحديث و إن كان خاصّا، فإنّ معناه على العموم، يذمّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله البخل و يشبّهه بالداء العَياء الّذي لا دواء له، فيقول: أيّ داء أصعب منه؟ و كيف۱ لا يكون كذلك، و هو جامع لمساوئ العيوب؟!

و قال أمير المؤمنين عليه‏السلام: البخيل مستعجل للفقر ؛ يعيش في الدنيا عيش الفقراء، و يحاسَب في الآخرة حساب الأغنياء.۲

و في كلامهم: البخل فقر حاضر.۳

و على الحقيقة فالعقل لا يرخِّص في البخل، و أن يَكُدَّ الإنسان نفسه، و يُنفِق عمره في جمع۴ المال، يَركُم بعضَه على بعض، و لعلّه لا يُخرِج منه حقَّ اللّه‏ تعالى و لا حقّ المستحقّ، فيعيش شقيّا ملوما، و يَقدم على ربّه ألوَمَ و أشقى، و يورثه من لا يقبل له منّةً و لا يشكره۵ ؛ بل ربّما لا يترحّم عليه، فيُسعِد۶ نفسَه بما شقي به مورِثه۷.

و قال أمير المؤمنين عليه‏السلام لوَلده الحسن عليه‏السلام: لا تُخلِّفَنَّ وراءَك شيئا من الدنيا ؛ فإنّك تُخلِّفه۸لأحَد رَجُلَين: إمّا رجل عمل فيه بطاعة اللّه‏۹ فيسعد بما شقيت به، و إمّا رجل عمل فيه بمعصية

1.. «ألف» : و لذلك .

2.. المناقب للخوارزمي ، ص ۳۷۶ .

3.. زهر الآداب وثمر الألباب للقيرواني ، ج ۲ ، ص ۴۴۸ .

4.. «ألف» : جميع .

5.. يقال : شَكَرَهُ ، و شَكَرَ لَهُ ، و هو باللام أفصح ، و مِثله : نَصَحَهُ ، وَ نَصَحَ لَه . عبد الستّار .

6.. «ألف» : تسعد .

7.. «ألف» : يورثه .

8.. «ألف» : تخلّه .

9.. «ب» : + تعالى .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
424

لا يسقط۱ حقّه ؛ فإنّه لا اعتبار بفروسيّته، و لعلّه محتاج.

و فائدة الحديث: الحثّ على إجابة السؤال و الإحسان إلى السائل.

و راوي الحديث: الحسين بن عليّ عليهماالسلام.

۲۰۸.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أَيُّ دَاءٍ أَدوَأُ مِنَ البُخلِ؟۲

«الداء» تركيبه من دوأ، فلا بدّ من همز قوله عليه‏السلام «أدوَأ» إلاّ أن يخفّف فيقول أدوا، و الأصل الهمز، و الداء: الوَجَع، و الجمع الأدواء، و داءَ يَدَاءُ داءً أي مَرِضَ، و الفاعل دائي۳، و قد دِئتَ يا رجل۴، و أداءَ أيضا مَرِض فهو مُديءٌ۵، و أداءَه غيرُه: أمرَضَه ؛ يتعدّى و لا يتعدّى.

و روي في سبب هذا الحديث أنّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال لبني ساعدة: مَن سيّدكم؟ قالوا: جدّ بن قيس، و إنّا لَنَزُنُّهُ۶ بشيء من البخل، فقال عليه‏السلام: و أيّ داء أدوأ من البخل؟! بل سيّدكم الأبيض الجعد عمرو بن الجَموح۷.۸

1.. «ألف» : لا يسقطنّ .

2.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۹۲ ، ح ۲۸۶ و ۲۸۷ ؛ الأدب المفرد للبخاري ، ص ۷۱ ، ح ۲۹۹ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۳ ،ص ۲۱۹ ؛ و ج ۴ ، ص ۱۶۳ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۸ ، ص ۳۷۳ ؛ الاستيعاب ، ج ۳ ، ص ۱۱۷۱ ، ح ۱۹۰۳ . الكافي ، ج ۴ ، ص ۴۴ ، ح ۳ ؛ الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۷۹ ، ح ۵۷۹۹ ؛ فقه الرضا عليه‏السلام ، ص ۲۷۷ .

3.. هكذا في «ألف» و «ب» : «داءي» ، و «داءٍ» أيضا صحيح .

4.. «ألف» : دئيت بالرجل .

5.. «ألف» : مُديٌّ .

6.. ذكرناه من الاستيعاب ، و هو الصحيح ، لا ما ورد في المخطوطتين هكذا : «ألف» : الترمه . «ب» : لنزفهه .
لنَزُنّه بالبخل أي نتّهمه به . انظر : لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۲۰۰ زنن .

7.. عمرو بن الجموح كان شيخا كبيرا و ذا مالٍ كثير ، فقال : يا رسول اللّه‏، بماذا أتصدّق؟ و على من أتصدّق؟ فأنزل اللّه‏ آية«يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْخَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» . و كان أنصاريا ، و استُشهد يوم اُحد مع عبد اللّه‏ بن عمر ، و هما الأنصاريّان ثم السلميّان ، كانا قد حفر السيلُ قبرهما بعد ستّ و أربعين سنة ، و كان قبرهما ممّا يلي السيل ، و كانا في قبر واحد ، فحُفر عنهما ليغيّرا من مكانهما ، فوُجد لم يتغيّرا ، كأنّهما ما تا بالأمس . انظر : كتاب الموطّأ لمالك ، ج ۲ ، ص ۴۷۰ ؛ مجمع البيان ، ج ۲ ، ص ۷۰ .

8.. الكافي ، ج۴ ، ص۴۵ ، ح۳ فيه مع اختلاف ؛ الاستيعاب لابن عبد البرّ ، ج۳ ، ص۱۱۷۰ ؛ كنز العمّال ، ج۱۴ ، ص۸۶ ، ح ۳۸۰۱۰ (و فيهما مع اختلاف في اللفظ) .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1750
صفحه از 503
پرینت  ارسال به