415
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

البِطالَةُ تُقسِي القَلبَ.۱

«الزُّهد في الشيء»: الرغبة عنه. و «الدنيا»: صفة هذه الدار الفانية الّتي نحن فيها، و قد صارت اسما لها۲، و وزنها فُعلى من الدنوّ كأنّها تأنيث أدنى، و جمعها دُنًى مثل الكُبرى و الكُبَر، و الصغرى و الصُّغَر، و النسب إليها دُنْياويّ، و يقال: دُنْيَويٌّ و دُنَييٌّ، و قد تقدّم ذكر الهمّ و الحزن و اشتقاقهما.

و «البِطالة»: التعطّل و التفرّغ و الكسل، و قد بَطَلَ۳ ـ بالفتح ـ بَطالةً [و بِطالةً]فهو بَطّال، و بَطّلتُه حكمت ببطالته. و «القَسوَة»: الجفاء و غلظُ القلب من قولك: حَجَرٌ قاسٍ، و المقاساة: المعالجة من ذلك، و درهم قسيٌّ صُلب رَديّ.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: /۱۴۳/ إنّ مَن زهد في الدنيا ؛ فلم تَنزع نفسُه إلى حطامها، و لم يطمح ببصره۴ إلى حلالها فضلاً عن حرامها، و لم ينظر إلى زخرفها، و لم يمل إلى زبرجها، و تورّع من الرواح و الغدوّ إلى اكتساب العدوّ۵، و تعطّل من الحَلّ و التَّرحال و المجاهدة في تحصيل المال، و اشتغل عنها بعبادة اللّه‏ تعالى و الإقبال على أمره و نهيه و التزام أحكام الشريعة النبويّة،۶ استراح من همّها و حزنها، و فرغ من لأوائها و محنها ؛ و بالعكس من ذلك: الرغبة فيها تَجُرُّ عليه الكوارث۷ و الشواغل، و تصدّه عمّا خُلق له من العبادة المؤدّية إلى سعادة الأبد و النعيم المخلَّد.

ثمّ قال عليه‏السلام: «و البطالة تقسي القلب». و لَعَمري إنّه لكذلك ؛ لأنّ المشتغل عن الطاعة و الارتسام۸ و التَّباعة۹، و المودِّع نفسَه عن جَرّ۱۰ العبادة، و القصدِ إلى اللّه‏ تعالى بالوِفادة۱۱،

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۸۸ ، ح ۲۷۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۳۵ ، ح ۴۵۹۶ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۱۸۲ ، ح ۶۰۶۲ ؛فيض القدير ، ج ۴ ، ص ۹۷ ، ح ۴۵۹۶ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۴۴۱ ، ح ۱۴۲۵ .

2.. «ألف» : ـ و قد صارت اسما لها .

3.. «ألف» : يقال .

4.. «ألف» : لم تطمح بصره .

5.. «ألف» : ـ اكتساب العدوّ .

6.. «ألف» : + و .

7.. الكَوارث جمع كارِث ؛ كَرَثَه الأمرُ : ساءه و اشتدّ عليه و بلغ منه المشقّة . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۸۰ كرث .

8.. ارتَسَم الرجُل : كبَّر و دعا ، و الارتسام : التكبير و التعوُّذ . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۲۴۲ رسم .

9.. التَّباعة : اسم الشيء الذي لك فيه بغية شبه ظلامة و نحو ذلك . لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۳۰ تبع .

10.. «ألف» : حرّ .

11.. وَفَدَ فلان يَفِدُ وِفادةً: إذا خرج إلى ملك أو أمير ، و وَفَدَ عليه و إليه : قدِم . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۶۴ وفد .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
414

و «الحُزْن» [و الحَزَن]: خشونة في الصدر لحلول۱ ما لا تريد، أو۲ لامتناع ما تريد، و الحَزْن۳: الغليظ الخشن من الأرض، يقال: حَزِنَ و حَزَنتُه و أحزنته.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله تسليةً للعبد فيما يصيبه في دار الدنيا من نقص الأموال و الأنفس و الثمرات و الأمراض و الأسقام۴ و الأوجاع و القُحوط و المَجاوع الّتي مِن قِبل اللّه‏ تعالى: إنّ العبد إذا عَلم أنّ۵ ذلك كلّه من تقدير رَبٍّ عليم يضع الاُمورَ مواضعها، و يَعلم من ذلك ما يخفى وجهه علينا، لا يظلم و لا يحيف و لا يجور و لا يميل و سلّم و استسلم و أذعن و صبر محتسبا، و علم أنّه حُكم مَن لا يُعترض في فعله، و لا يجور في قَدَره، و لا يُسأل عن فعله۶ إذ هو على وجه الصواب و الصلاح ؛ زال همّه، و راح حزنه، و طاب قلبه، و حصل له فراغ ممّا۷ يشغله و يوزّع خاطره.

و فائدة الحديث: تسلية العبد عمّا يصيبه من القضاء المعلوم و القدر المحتوم، و أنّه إذا عَلم أنّه من اللّه‏ تعالى العالِم بمكاسر۸ أحوالنا و أفعالنا زال همّه و حزنه.

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۲۰۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الزُّهدُ في الدُّنيا يُرِيحُ۹ القَلبَ وَ البدَنَ،۱۰ وَ الرَّغبَةُ في الدُّنيا تُكثِرُ الهَمَّ وَ الحُزنَ، وَ

1.. «ألف» : بحلول .

2.. «ب» : و .

3.. «حَزَنَ الخَطبُ فلانا» هو لغةُ قُريش ، و «أَحْزنَ فلانا» لغةُ بني تميم بن مُرِّ بن اُدّ بن طابخة ، و قد قُرئ بها . عبد الستّار .

4.. «ألف» : الأسفار .

5.«ب» : ـ أنّ .

6.. «ألف» : عمله .

7.«ألف» : ما .

8.. جمعُ المَكْسِر ، بكسر السين المهملة ، و هو المَخبَر ، و فحوى الكلام : العالِم بأسرار أحوالنا المُطَّلِع على دَخائِلها . عبدالستّار .

9.. «ألف» : ربح .

10.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۸۸ ، ح ۲۷۸ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۲۸۶ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۱۷۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۳۴ ، ح ۴۵۹۴ و ۴۵۹۵ و ۴۵۹۶ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۱۸۲ ، ح ۶۰۶۰ و ۶۰۶۱ و ۶۰۶۲ و في كلّها مع اختلاف يسير في اللفظ ، و فيها : «يريح» لا «ربح» .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1959
صفحه از 503
پرینت  ارسال به