۱۶۲.قوله صلىاللهعليهوآله: الصِّيامُ نِصفُ الصَّبرِ، وَ عَلى كُلِّ شَيءٍ زَكاةٌ، وَ زَكاةُ الجَسَدِ الصِّيامُ.۱
أصل۲ «الصوم»: الإمساك، و لذلك يقال للفرس صائم إذا وقف عن السير، و مَصام الفرس: موقفه، إلاّ أنّ الشرع حَبَسَه على إمساك مخصوص في زمان مخصوص عن۳ أشياء مخصوصة، فالصوم۴ هو الإمساك بنيّة مِن قَبل الفجر إلى غروب الشمس من المَطاعم و المشارب و المناكح و ما يجري مجراها۵ من المفطِّرات.
و «الصبر»: حبس النفس عمّا تنازع إليه. و «الزكاة» أصلها النموّ و الزيادة، يقال: زَكا الزرعُ يزكو إذا نمى و التَفَّ، و الزكاة الشرعيّة ما يُخرجه الإنسان من حقّ اللّه تعالى في المال، و قيل لها الزكاة تقوّلاً بزكاء المال أو تزكية النفس أو بمجموعها ؛ فإنّ الخبرين فيها لا يتنافيان، و قد رَفع صلىاللهعليهوآله من شأن الصوم، و جعله۶ نصف الصبر مطلقا، فكأنّه يقول صلىاللهعليهوآله: من صام بما اُمر، و صامت جوارحه، فكأنّما أتى بنصف العبادة الّتي /۱۱۳/ هي الصبر على الطاعة و عن الشهوات. ثمّ حَثّ عليه فقال: على كلّ شيء زكاة، و زكاة الجسد الصيام، و هذا التعظيم للصوم إنّما هو لمكان أنّه هو العبادة الّتي هي بمَعزِلٍ مِن شوب الرياء و السمعة، و ما أقلَّ مَن يتداخلها من ذلك ؛ لأنّه سرٌّ بين العبد و ربّه، لا يطّلع عليه غيرهما، و لذلك قال عزّ و علا: الصوم لي، و أنا أجزي به.۷
و قال عليهالسلام: إنّ اللّه تعالى فَرَضَ عليكم زكاةَ جاهِكم كما فرض عليكم زكاة مالكم.۸
و روي عن بِشرٍ الحافي۹ أنّه كان يقول: يا صاحب الحديث، أدِّ زكاة الحديث. قيل: و
1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۶۲ ، ح ۲۲۹ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۲۶۰ ؛ و ج ۵ ، ص ۳۶۳ ؛ سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۱۶۷ . عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۱۱۵ ، ح ۳۲ و في الأربعة الأخيرة : «الصوم» بدل «الصيام» ، و ص ۱۱۵ ، ح ۳۳ ؛ مسكّن الفؤاد ، ص ۴۶ (مع اختلاف يسير فيه) .
2.۷ . مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۶۲ ، ح ۲۲۹ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۵۵ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۲ ، ص ۲۴۰ ؛ تاريخ بغداد ، ج ۸ ، ص ۱۴۸ . الفقيه ، ج ۴ ، ص ۴۱۶ ، ح ۵۹۰۴ .
3.. «ألف» : على .
4.. «ألف» : و الصوم .
5.. «ألف» : مجراه .
6.. «ألف» : جعل .
7.. الكافي ، ج ۴ ، ص ۶۳ ، ح ۶ ؛ من لا يحضره الفقيه ، ج ۲ ، ص ۷۵ ، ح ۱۷۷۳ .
8.. تفسير القمّي ، ج ۱ ، ص ۱۵۲ ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ۳ ، ص ۱۸۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۶ ، ص ۳۸۱ ، ح ۲۱۸۱۶ .
9.. بِشر بن الحارث الحافيُّ المتوفَّى سنة ۲۲۷ هـ ، أصله من خراسان ، و كان من كبار الزُّهّاد ، مُعاصِرا لأحمد بن حنبل ، و مات قبله ، و قد عاش حصورا ، فما جاءَ في روضات الجنّات مِن ذِكر مَن يُدعى بـ «سِبط بِشرٍ الحافي» ليس بصحيح ، و قد تُوفِّي في بغداد ، و دفن في الجانب الغربي من بغداد في مقبرة باب حرب ، ثمّ دُفن بعده فيها أحمد بن حنبل إمام الحنابلة ، و عرفت أيضا فيما بعد بمقبرة الإمام أحمد ، و أَلَّف العلاّمةُ الحنبليُّ ابن الجوزيّ البغداديّ رسالةً في فضل مقبرة أحمد سمّاها : تقريب السبيل الأبعد في فضل مقبرة الإمام أحمد ، و ذكر فيها من دعوى الكرامات ما لا يكاد يُقبَل و لا يُعقل ، فماذا يقول الوهّابيون و هم أتباع المذهب الحنبلي فيما يزعمون؟!!! و القبر المعروف بقبر الشيخ بشّار في محلّة الشيخ بشّار الحالية ليس لِبِشرٍ الحافيّ كما وَهم بعضهم، و إنّما هو لفقيهٍ زاهدٍ حنبليٍّ، و ليس بِشرٌ الحافي من الشيعة على التحقيق . عبد الستّار .