319
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

۱۳۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: كَرَمُ المَرءِ دِينُهُ، وَ مُرُوَّتُهُ عَقلُهُ، وَ حَسَبُهُ خُلقُهُ.۱

قد تقدّم القول في الكرم و أنّه عبارة عن الأفعال و الأخلاق المحمودة من السخاء و الرحمة و المعاونة و الخُلق /۹۷/الحسن، فكأنّه قال۲ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ليس الكرم أن يكون متحلّيا بهذه الخصال فحسب ؛ إنّ۳ كرمه دينُه و إسلامه، فإذا كان متديّنا فهو الكريم الصحيح الكرم ؛ لأنّ جميع هذه الأخلاق و الأفعال لا تغنيه من اللّه‏ حتّى يكمِّلها بدينه و إيمانه. و «المُروءة»: الإنسانيّة، و يشدَّد، و قد مَرُؤَ و۴ صار ذا مروّةٍ فهو مريءٌ كمريع، و تَمَرَّأَ: تكلَّف المروّةَ، و قيل: المروءة من المرء، و الرُّجولة۵ من الرجل، و قد تقدّم.

و «العقل»: المعاني الّتي تعقله عن۶ أن تقتحم في القبائح و تَحبِسُه.۷

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ الإنسانيّة و الرجوليّة لا تكفي حتّى يكون الرجُل عاقلاً ؛ فإنّ عقله يهديه إلى المصالح، و يصدّه /۱۰۰/ عن القبائح.

و «الحَسَب»: ما يَعُدّ الإنسانُ من مفاخر آبائه، و قيل: حسبه دينه، و قيل: ماله، و قد حَسُبَ ـ بالضمّ ـ حِسابةً مثل خَطُبَ خَطابةً، و المرجع فيه إلى الحساب.۸

فكأنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يقول: ليس الحسب المعتبر المحسوب في الإنسان إلاّ حُسنُ خلقه ؛ فإنّه۹ إن كان من أهل بيت كريم، لآبائه مفاخر و مآثر، و كان سيّئ الخلق، لم ينفعه صِيت۱۰ آبائه.۱۱

1.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۴۳ ، ح ۱۹۰ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۶۵ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۱۲۳ ؛ و ج ۲ ،ص ۱۶۳ ؛ السنن الكبرى ، ج ۷ ، ص ۱۳۶ ؛ و ج ۱۰ ، ص ۱۹۵ . مجموعة ورّام ، ج ۲ ، ص ۲۲۸ ؛ كشف الغمّة ، ج ۲ ، ص ۱۵۸ و ۲۰۲ مع اختلاف يسير في الثلاثة الأخيرة ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۵ ، ص ۲۰۲ ، ح ۳۴ .

2.. «ب» : ـ قال .

3.. «ألف» : إنّ .

4.. «ب» : ـ و .

5.. «ألف» : كالرجوليّة .

6.. «ب» : ـ عن .

7.. «ألف» : تحتبسه .

8.. اُنظر في الأقوال : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۱۰ حسب .

9.. «ألف» و «ب» : + و .

10.. الصِّيت : الذِّكر ، يقال : ذهب صيتُه في الناس أي ذِكره . و الصِّيت و الصات : الذِّكر الحسن . قال الجوهري : الصِّيت : الذكر الجميل الّذي ينتشر في الناس ، دون القبيح . انظر : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۵۷ ؛ لسان العرب ، ج ۲ . ص ۵۸ (صوت) .

11.. و ما أحسن ما كتب الشيخ تاج الدين عند نسبهم لما ذكر أفعالهم و بين انفصالهم و هو :
يعزّ على أسلافكم يا بني العلي إذا نال من أعراضكم شتم شاتم
بنو لكم مجد الحياة فما لكم أسأتم إلى تلك العظام الرمائم
ترى ألف بان لا يقوم بهادم فكيف ببان خلفه ألف هادم؟
عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب لابن عنبة ، ص ۲۱۳ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
318

رواه أبو موسى الأشعريّ، و روى أَنَس: أنّ رجلاً سأل النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقال: متى الساعة يا رسول اللّه‏؟ قال: ما أعددتَ لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة و لا صدقة و لا صوم ؛ و لكنّي اُحِبّ اللّه‏ و رسوله، قال: أنت مع من أحببت.۱

و روي: أنّ رجلاً دخل على النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقال: يا رسول اللّه‏، ما لي كثير صلاة و لا صوم، إلاّ أنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه‏۲ و أنّك رسوله بالحقّ۳، و اُحبّ هذا الفتى و ولديه ـ يعني أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم‏السلام ـ فقال: المرء مع۴ من أحبّ، المرء مع من أحبّ، المرء مع من أحبّ.۵

و قد فسّر قوله تعالى: «يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ»۶ على هذا.

و في الحديث: يُحشَر كلّ أحد مع من يعبده، حتّى لو أنّ إنسانا عبد حجرا لحُشر۷ معه.۸

و روى أبو ذرّ عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه قال في مرضه: مَن حشره اللّه‏ محبّا لهذا الرجل ـ يعني عليّا عليه‏السلام ـ دخل الجنّة.۹

و فائدة الحديث: إعلام أنّه يُحشر كلّ أحد مع من كان يحبّه و يميل إليه.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن مسعود.

1.. علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۱۳۹ ، ح ۲ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۳۱۲ ، ح ۸۲ ؛ المناقب لابن شهرآشوب ، ج ۲ ، ص ۱۲۳ ؛مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۳۹۲ ؛ و ج ۳ ، ص ۱۰۴ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۳۲۱ .

2.. «ألف» : هو .

3.. «ألف» : الحقّ .

4.. «ألف» : ـ مع .

5.. لم نعثر عليه . نعم روي ما يقرب من هذا بدون «و اُحبّ هذا الفتى و ولديه ـ يعني أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم‏السلامـ » في مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۱۰۴ و ۱۱۰ و ۱۵۹ ؛ صحيح البخاري ، ج ۷ ، ص ۱۱۲ ؛ صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۴۳ .

6.. الإسراء ۱۷ : ۷۱ .

7.. «ألف» : يحشر .

8.. لم نعثر عليه . نعم روي : من أحبّنا كان معنا يوم القيامة ، و لو أنّ رجلاً أحبّ حَجَرا لحشره اللّه‏ معه . راجع : الأماليللصدوق قدس‏سره ، ص ۲۷۸ ، ح ۳۰۸ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‏السلام ، ج ۲ ، ص ۲۶۹ ، ح ۵۸ ؛ روضة الواعظين ، ص ۴۱۷ .

9.. تنبيه الغافلين للمحسن بن كرامة ، ص ۱۷۸ ؛ شرح إحقاق الحقّ ، ج ۲۱ ، ص ۴۰۰ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1670
صفحه از 503
پرینت  ارسال به