313
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

و روي: أنّ بعض العمّال حاسب يوما نفسه فقال: «عمري ستّون سنةً، و قد كُتب عليّ مذ خمسٍ و أربعين۱ سنةً، فلو كنتُ أعصي اللّه‏ في كلّ يوم من ذلك معصيةً واحدةً لكان كذا و كذا، فكيف و ما من يوم إلاّ و قد اكتسبت فيه من۲ الخطايا ما لا يحصيه إلاّ اللّه‏! و كيف لم أكتسب۳ و خطراتي و حركاتي و سكناتي و لمحاتي كلّها خطايا و ذنوب؟! فوا وَيلاه، ثمّ وا ويلاه!» ثمَّ شَهِقَ شَهْقَةً كانت روحه فيها، فسُمع /۹۷/ هاتف يقول: يا لها مِن رَكضة۴ إلى الفردوس الأعلى!۵

ثمّ قال عليه‏السلام: و العاجز مَن أتبع نفسَه هواها، و تمنّى على اللّه‏.

«العَجْز»: أصله التأخّر عن الشيء و حصوله عند عجُزه۶ أي مؤخَّره، و هو في العرف اسم للقصور و ليس بمعنى، بل هو عبارة عن فقدان القدرة، و «العاجز»: من لا يقدر على ما يصحّ أن يكون قادرا عليه، هذا هو الصحيح، و قيل:۷ هو ضدّ القدرة. و هو معنى، و يسمّى عاجزا مَن۸ لا تتمشّى اُموره، و لا تحصل أغراضه.

و ممّا نسب إلى أمير المؤمنين عليه‏السلام:

و كم عاجزٍ يُدعا جليلاً۹ لغَشْمه۱۰

و لو كُلِّف۱۱ التقوى لَكَلَّتْ مَضارِبُهْ

1.. «ألف» و «ب» : أربعون .

2.«ألف» : كسبت من .

3.. «ب» : ـ لم أكتسب .

4.. الرَّكض : مَشيُ الإنسان برجْلَيه معا ، و الرَّكضة : الدَّفعة و الحركة ، و رَكَضَ الدَّابةَ : ضرَب جَنبَيها برجْله ، و قد رَكَضَ الرجُلُ إذا فَرَّ و عَدا ، و رَكَضَ الطائرُ : أسرَعَ في طيرانه ، أو حَرَّك جناحيه في الطيران . انظر : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۱۵۸ ـ ۱۶۰ ركض .

5.. لم نعثر عليه .

6.. عَجْز الشيء و عِجْزه و عُجْزه و عَجُزه و عَجِزه : آخِره . انظر : لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۷۰ عجز .

7.. اُنظر : المفردات للراغب ، ص ۳۲۲ عجز .

8.«ألف» : ـ من .

9.. «ألف» : ـ جليدا .

10.. الغَشْم : الظُّلم و الغَصب . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۴۳۸ غشم .

11.. «ألف» : كلّت .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
312

/۹۴/ ثمّ دانتْ بعدُ الربابُ و كانتكعذابٍ۱ عقوبةُ الأقوال۲

أي ذَلَّتْ له و طاعت، و يَحتمل الحديث وجها آخر و هو أن يكون دان بمعنى أقرض۳، تقول: دِنتُ الرجُلَ أدينه أي أقرضته فهو مَدين و مديون، و دانَ يَدين أيضا استقرض و صار عليه دَين، و رجُل مديون إذا كثُر ما عليه من الدين، و مِديانٌ يَستقرض۴ كثيرا، و أدان إذا باع۵ بدَين فصار له دَين على حريفه، و أدان استقرض ؛ فعلى الوجه الأوّل يكون معنى الحديث: الكيّس مَن أذَلَّ نفسه للّه‏۶ ؛ فإنّ الذُّلّ له غاية العزّ، فرَدَعَها عن الشهوات، و زجرها عن الموبقات، و عمل ليوم القيامة ما يغنيه۷«يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئا»۸، «يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئا»۹.

و على المعنى۱۰ الثاني يكون المعنى۱۱: الكيّس من أقرض نفسه شيئا ليوم فاقته ؛ يعني أعطى مسكينا، أو آسى فقيرا، أو آثر مستحقّا على نفسه ببعض فضول أمواله۱۲. و قيل: دان بمعنى حاسب، و يوم الدين قيل يوم الحساب ؛ أي الكيّس من يحاسب۱۳ نفسه، و لا۱۴ يكتسب المعاصي حتّى تتراكم و ترين۱۵ على قلبه، و هو إذا حاسب نفسه كان أدنى إلى ارتداعه و انزجاره.

1.. «ألف» : لعداتٍ .

2.. اُنظر : جمهرة أشعار العرب ، ص ۱۶۵ ؛ الزاهر في معاني كلمات الناس ، ص ۲۰۶ ؛ الأمالي لأبي عليّ القالي ، ص ۵۳۵ .

3.. «ألف» : أقترض .

4.«ألف» : + عليه .

5.. «ألف» : + عليه .

6.. «ألف» : ـ للّه‏ .

7.. «ب» : يغيثه .

8.. الدخان ۴۴ : ۴۱ .

9.. الانفطار ۸۲ : ۱۹ .

10.. «ب» : ـ المعنى .

11.. «ألف» : ـ المعنى .

12.. «ألف» : أقواله .

13.. «ألف» : حاسب .

14.. «ألف» : فلا .

15.. «ألف» : . . . المعاصي فتراكم فترين .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2180
صفحه از 503
پرینت  ارسال به