249
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

و روى أنس عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إذا نودي بالصلاة، فتحت أبواب السماء، و استجيب الدعاء.۱

فللأذان هذه المنزلة الرفيعة، و الإقامة أقلّ درجات الاستعداد للصلاة، و لا تخلو من تحرّي الإخلاص و الانقطاع إلى اللّه‏ تعالى، و إذا وقع الدعاء بين طرفي دعوة الحقّ و الإخلاص فلا بدّ له من الإجابة.

و فائدة الحديث: الحثّ على الدعاء و الاستكثار منه فيما بين الأذان و الإقامة ؛ لتكون بالإجابة۲ أولى و بالإطلاب۳ أحرى.

و راوي الحديث: أنس بن مالك.

۸۸.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: كَسبُ الحَلالِ فَريضَةٌ بَعدَ الفَريضَةِ.۴

«الكسب»: اتّخاذ۵ الفعل طلبا للمنفعة أو دفعا للمضرّة، و أصله الجمع، يقال: كَسَبَ شيئا و اكتسبه، /۶۸/ و فلان طَيِّبُ الكسب و المَكسبة بوزن المغفرة، و طيّبُ الكِسبة بالكسر،

1.. مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۳۴۲ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۲ ، ص ۴ ؛ مسند أبي داود ، ص ۲۸۲ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۷ ، ص ۱۱۹ ،ح ۴۰۷۲ .

2.. «ألف» : الإجابة .

3.. الطَّلِبَةُ : الحاجة ، و إطلابُها : إنجازُها و قضاؤها ، و أطلَبَه : أعطاه ما طلب . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۵۶۰ طلب .

4.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۰۴ ، ح ۱۲۱ و ۱۲۲ ؛ السنن الكبرى ، ج ۱ ، ص ۱۲۸ و فيه : طلب كسب الحلال ؛ المعجمالكبير ، ج ۱۰ ، ص ۷۴ ، ح ۹۹۹۳ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۳۲ ، ح ۵۲۷۱ . روضة الواعظين ، ص ۴۵۷ (و فيه أيضا : طلب كسب الحلال) ؛ فقه القرآن للراوندي ، ج ۲ ، ص ۳۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۰۰ ، ص ۱۷ ، ح ۷۹ .

5.. «ألف» : إيجاد .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
248

فلانا أي صِحتُ به، و الدعوة المَرّة، و أصل الدعاء دعاو۱ إلاّ أنّ الواو لمّا وقعت طرفا قُلبت همزةً /۶۶/كقولك: كساء، و من الياء رداء. و «الأذان»: الإعلام۲ و هو فَعال من آذنته إيذانا، و الأذان و الإيذان و الأَذِين بمعنى واحد، و قد أذّن أذانا، و المئذنة: المنارة، و الأذين أيضا: الكفيل، و قيل: الأذين: المكان يَصل إليه الأذان من كلّ ناحية، و أذَّنتُه و آذنتُه بمعنى، و المؤذِّن: كُلُّ مَن تكلّم بشيء نداءً، و قال تعالى: «فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ»۳، «وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ»۴. و إقامة الصلاة: إدامتها و توفية شرائطها، و لم يَأمر اللّه‏ تعالى عباده بالصلاة حيثما أمر و لا مدح بها إلاّ بلفظ «الإقامة» تنبيها [على۵] أنّ الغرض منها توفية شروطها لا الإتيان بهيئاتها نحو قوله تعالى: «أَقِيمُوا الصَّلاَةَ»۶، «وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ».۷

و قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ الدعاء بين الأذان و الإقامة لا يُرَدُّ. و ذلك لمكان الأذان و حرمته، و أنّه دعوة الحقّ و التذكير بجلال اللّه‏ تبارك و تعالى، و هو شعار الملّة، و نداء سوق الشريعة، و جمال بلاد الإسلام، و الدليل على الصلاة الّتي هي عماد الدين، و قد سمعتَ ما جَرّ فقدانُ۸ الأذان على أهل الرِّدّة۹.۱۰

1.. لكنَّها إذا لم تَقَعْ من هذا اللفظ طرفا وَجَبَ الإِبقاء عليها ، فيقال مثلاً : الفِئَةُ الفلانية تَبُثُّ الدَّعاواتِ الكاذبة و واحدتها : «الدَّعاوة»، و لا يقال : الدعايات في الجمع ، و الدعاية في المفَرد ، و هو من الغَلَط الفاحش و الخطأ الشائع حتّى على ألسنة أعلام الاُدباء و الكتّاب . عبد الستّار .

2.. «ألف» : إعلام .

3.. الأعراف ۷ : ۴۴ .

4.. الحجّ ۲۲ : ۲۷ .

5.. ما بين المعقوفتين إضافة ؛ لاقتضاء السياق إيّاها .

6.. الأنعام ۶ : ۷۲ .

7.. النساء ۴ : ۱۶۲ .

8.. الفقدانُ : بضَمّ الفاء و كسرها .

9.. الرِّدَّة ، بكسر الراء المُهملة ، و المشهور على الألسنة فَتحُها .

10.. يمكن أن يكون هذا أشارةً إلى ما في جريان أهل الردة من أنّ ميزان الإسلام الأذان كما في رسالة أبي بكر إلى قبائلالمرتدّين حيث قال :
و قد بلغني رجوع مَن رجع منكم عن دينه بعد أن أقَرَّ بالإسلام و عمل به ، اغترارا باللّه‏ ، و جهالةً بأمره . . . ، و إنّي بَعثت إليكم فلانا في جيش من المهاجرين و الأنصار و التابعين بإحسان ، و أمرته ألاّ يقاتل أحدا و لا يقتله حتى يدعوه إلى داعية اللّه‏ ، فمن استجاب له و أقرَّ و كفَّ و عمل صالحا قبل منه و أعانه عليه ، و من أبى أمرت أن يقاتله على ذلك ، ثم لا يبقى على أحد منهم قدر عليه ، و أن يحرقهم بالنار ، و يقتلهم كلَّ قتلة ، و أن يسبى النساء و الذراري ، و لا يقبل من أحد إلاّ الإسلام ، فمن اتَّبعه فهو خير له ، و من تركه فلن يعجز اللّه‏ ، و قد أمرت أن يقرأ كتابي في كل مجمع لكم . و الداعية الأذان ، فإذا أذَّن المسلمون فأذّنوا كُفُّوا عنهم ، و إن لم يؤذِّنوا عاجلوهم ، و ان أذّنوا اسألوهم ما عليهم ، فإن أبوا عاجلوهم ، و إن أقرُّوا قبل منهم ، و حملهم على ما ينبغي لهم . . . تاريخ الطبري ، ج ۳ ، ص ۲۵۲ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2101
صفحه از 503
پرینت  ارسال به