فجعلهم اُمناء على خلقه ؛ يقوّمونهم إذا زاغوا، و يُرشدونهم إذا ضلّوا، و يعلّمونهم إذا جهلوا، و يتحرّون رشدهم إذا استشاروهم، و يعظونهم إذا أذنبوا، و يَنعَشونهم۱ إذا نكبوا، و إذا كانوا اُمناء على الخلق فيا ويحهم إذا خانوهم و لم ينصحوهم، أو أرَوهم الباطل بصورة الحقّ، و الحقّ بصوره الباطل ؛ مراقبةً لأغراضهم و محافظةً على نظام اُمورهم.
بل ليت شعري ماذا يقول عالِم السوء غدا إذا وقف بين يدي الملك الجبّار العزيز القهّار الّذي استرعاه أمرهم و علّمه نفعهم و ضرّهم؟! أم ماذا يصنع العامّيُّ المسكين إذا قلّده و هو عاجز أن يميّز بينه و بين غيره، مغترٌّ بظاهره الجميل، غافل عن باطنه الدخيل؟!
و قيل: إنّ۲ معنى الحديث: أنّ العلماء إنّما يكونون علماء إذا كانوا اُمناء.۳
و روي /۶۴/ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال: أخاف على اُمّتي: العالم الفاجر، و الجاهل الناسك.۴ب و ذلك لأنّ العالم الفاجر يَنفر عنه الناسُ لفجوره، و الجاهل الناسك يتبعونه لزهده.
و قال أمير المؤمنين عليهالسلام: قَصَمَ ظهري رجلان: مُحِقٌّ فاسق، و مبطل ناسك، هذا ينفِّر عن حقّه بفسقه، و ذاك يدعو إلى باطله بنسكه.۵
/۶۳/ و فائدة الحديث: الحثّ على إكرام العلماء و تعظيمهم و تبجيلهم، أو وعظ العلماء بالأمانة و الديانة و التثبّت و تحقيق الحقّ و إبطال الباطل.
و راوي الحديث: أنس بن مالك.
۸۳.قوله صلىاللهعليهوآله: مَخافَةُ اللّهِ رَأْسُ كُلِّ حِكمَةٍ.۶
1.. نَعَشَه اللّهُ و أنعَشَه : رَفَعَه ، و نَعَشَه أي رفَعَه و جبره ، و نَعَشَه اللّه و أنعَشَه : سدّ فقره . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۳۵۵ نعش .
2.. «ب» : ـ إنّ .
3.. لم نعثر على قائله .
4.. اُنظر : عيون الحكم والمواعظ ، ص ۱۸۱ .
5.. الخصال ، ص ۶۹ ، ح ۱۰۳ ؛ روضة الواعظين ، ص ۶ ؛ معدن الجواهر ، ص ۲۶ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۲۴۸ ؛ فيض القدير ،ج ۶ ، ص ۳۷۹ ؛ تفسير الرازي ، ج ۳ ، ص ۴۷ مع اختلاف لفظيّ بين المصادر .
6.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۰۰ ، ح ۱۱۶ و ۱۱۷ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۸ ، ص ۱۶۲ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۳۳ ، ص ۱۷۹ و ۱۸۱ ؛ و ج ۵۱ ، ص ۲۴۰ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۲۴۵ ، ح ۱۶۰۹ ؛ و ص ۶۷۰ ، ح ۴۳۶۱ ؛ الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۷۶ ، ح ۵۷۶۶ ؛ تفسير القمّي ، ج ۱ ، ص ۲۹۰ ؛ الخصال ، ص ۱۱۱ ، ح ۸۳ ؛ الاختصاص ، ص ۳۴۲ ؛ كنز الفوائد ، ص ۹۷ .