195
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

و عن أبي اُمامة أنّه قال: «أشَدُّ الناس تكذيبا لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله اليهود [وأنَّه أقبل إليه ناسٌ من أحبارهم ف۱] قالوا: يا محمّد، أيّ البقاع خير، و أيّ البقاع شرّ؟ فسكت، فقال۲: أسأل صاحبي جبرئيل عليه‏السلام. فسكت مليّا ثمّ جاءه جبرئيل فأخبره و سأله، فقال: ما المسؤول بأعلم من السائل، و لكنّي۳ أسأل ربّي. ثمّ هبط فقال: يا محمّد۴، لقد دنوت من اللّه‏ دنوّا ما دنوت مثله قطّ، فكان بيني و بينه سبعون ألف حجاب من نور ؛ إنّ شرّ بقاع الأرض۵ أسواقها، و خير البقاع المساجد. ثمّ جاءه جبرئيل عليه‏السلام فقال: يا محمّد، إنّ للّه‏ ملائكةً سيّاحين في الأرض، ليسوا بالحفظة الّذين وُكّلوا بأعمالهم، يَغدون بألوية و رايات، فيركزونها على أبواب المساجد، فيَكتبون الناسَ على قدر منازلهم أوّل داخل و آخر خارج».۶

و سئل ابن عبّاس رضى‏الله‏عنه عن النوم في المسجد؟ [فقال]: أمّا أن تتّخذه مَقيلاً فلا، و أمّا أن تستريح۷ إليه ساعةً فلا بأس۸ ؛ و إذا كانت المساجد بيوت الأتقياء، فالواجب أن لا يجري فيها ما لا يشبه أفعالهم و أقوالهم، و أن تنزّه عن المباحات فضلاً عن الفواحش و الغيبة و البهتان و اللغو و الهذر و التوزيعات و التقسيطات على الناس.

و روي أنّ رجلاً كلّم خلف۹ بن أيّوب۱۰ و هو في المسجد، فقام و أخرج رأسه من

1.. أضفنا ما بين المعقوفتين من المصدر .

2.. «ب» : و قال .

3.. «ب» : و لكن .

4.. «ب» : ـ يا محمّد .

5.. «ب» : البقاع .

6.. كنز العمّال ، ج ۴ ، ص ۱۳۸ ، ح ۹۹۰۴ .

7.. «ألف» : يتّخذه . . . يستريح .

8.. الكنى جزء من التاريخ الكبير للبخاري ، ص ۱۶ .

9.. «ألف» : خالد .

10.. أبو سعيد خلف بن أيّوب العامري البلخي ، مفتي بلخ و خراسان تُوُفِّي سنة ۲۲۰ ، من تصانيفه الاختيارات في الفقه . المنتظم في تاريخ الاُمم و الملوك ، ج ۱۱ ، ص ۵۸ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
194

ما لا يُرتضى و لا يُحمد ؛ حياءً من الخلق، و استنكافا و تذمُّما، و مراقبةً لجانب اللّه‏ تعالى، و محافظةً على أمره و نهيه، و إذا كان كذلك فإنّ حياءه لم يأت إلاّ بكلِّ خير۱ و بِرٍّ.

و فائدة الحديث: تعريف أمر۲ الحياء، و أنّ كلّ ما يقتضيه و يوجبه خير لا شرّ فيه.

و راوي الحديث: عِمران بن حُصَين.

۵۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: المَسجِدُ بَيتُ /۴۲/ كُلِّ تَقيٍّ.۳

أصل السجود: التطامن و التذلّل، و «المسجد»: موضع السجود، و أصل هذا البناء إذا كان مِن فَعَلَ يفعُل أن يكون بالفتح ـ اسما كان أو مصدرا ـ إلاّ أحرفا اُلزمت۴ كسر العين كالمسجِد و المطلِع و المغرب و المسقط و المفرق و المجزر۵ و المسكن و المرفق و المنبت و المنسك، فجعلوا الكسر فيهنّ۶ علامةً للاسم، و قد يفتح ؛ و إذا كان مِن فَعَلَ يفعِل فالموضع بالكسر و المصدرُ بالفتح فرقا بينهما، تقول: نَزَلَ منزلاً، و هذا منزله.

و معنى الحديث: أنّ المساجد منازل الأتقياء يأوون إليها و يسكنون فيها، حتّى أنّها لكثرة سكناهم۷ إيّاها كالبيوت الّتي هي مساكنهم و مساقط رؤوسهم.

روى /۴۳/ عامر الجهني عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال: مَن خرج من بيته إلى المسجد كُتب له بكلّ خطوة يخطوها عشر حسنات، و القاعد في المسجد يَنتظر الصلاة كالقانت، و يُكتب من المصلّين حتّى يَرجع إلى بيته.۸

1.. «ألف» : فإنَّ حياءه بكلّ خير لا يأتي إلاّ بخير .

2.. «ب» : ـ أمر .

3.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۷ و ۷۸ ، ح ۷۲ و ۷۳ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۱۱ ، ص ۹۷ ؛ المعجم الكبير ، ج ۶ ، ص ۲۵۵ ؛كنز العمّال ، ج ۷ ، ص ۵۸ ، ح ۲۰۳۴۹ .

4.. «ألف» : لزمت .

5.«ب» : مزجر .

6.. «ب» : فيه .

7.. «ألف» : سكّانهم .

8.. مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۱۵۹ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۳ ، ص ۲۸۶ ، ح ۱۷۴۷ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱ ، ص ۲۱۵ ، ح ۵۸۳ ؛ تاريخبغداد ، ج ۲ ، ص ۲۲۶ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2087
صفحه از 503
پرینت  ارسال به