يعني: أنّ الحمّى و شدّة توهّجها۱ على الإنسان ممّا يُحِتّ ذنوبَه، و يخلّصه من خبث المعاصي، و يكفّر عنه سيّئاته، فكأنّه عليهالسلام جعل اشتعالها۲ على بدنه وفاء۳ ما يستحقّه من العذاب على طريق التشبيه و التمثيل، فإذا استوفى عقابه المستحقّ بقي له الثواب الدائم.
و هذا الحديث قريب المعنى من الّذي يليه، و هو متضمّن لتسلية المؤمن و تصبيره على مزاولة ما /۳۹/ يسوقه اللّه تعالى إلى بدنه تصفيةً له و تطهيرا من الذنوب.
و روي عنه عليهالسلام: مَن حُمّ ثلاثَ ساعاتٍ فصبر فيها، باهى اللّهُ به ملائكتَه، فقال: ملائكتي، انظروا إلى عبدي و صبرِه على بلائي۴! اكتبوا لعبدي براءةً من النار ـ قال: ـ فيُكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ مِن اللّهِ العزيز الحكيم، براءةً من اللّه لعبدِه فلانِ بنِ فلان، أنّي قد آمنتُك من عذابي، و أوجبتُ لك جَنّتي، فادخُلها بسلام.۵
و عن أبي الدَّرداء قال: «ما يَسُرّني مِن وَصَب۶ ليلةٍ حُمْرُ۷ النِّعَم ؛ مرض المؤمن تكفير خطيئته».
و عن الحسن البصري: «إنّ اللّه تعالى يكفِّر عن المؤمن خطاياه كلّها بحمَّى ليلة».۸
و فائدة الحديث: الأمر بالتصبّر و الاستسلام للّه تعالى فيما يؤدّب به من الأمراض و الأسقام، و إعلام أنّها لا يخلو من التطهير و التمحيص فضلاً عمّا فيها من الأعواض و في
1.. قد توهَّجتِ النارُ و وَهَجَت تَوَهَّجُ : توقَّدَت ، و وهَّجتُها أنا . لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۴۰۱ وهج .
2.. «ألف» : استعالها .
3.. «ألف» : وقاء .
4.. «ب» : بلاي .
5.. المعجم الأوسط للطبراني ، ج ۳ ، ص ۲۲۴ ؛ المعجم الكبير للطبراني ، ج ۶ ، ص ۲۷۲ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۴ ، ص ۴۸۲ ،ح ۳۹۳۵۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۵۹ ، ص ۱۰۵ مع اختلاف في اللفظ .
6.. الوَصَب : الوَجَع و المرض ، و شدّة التعب ، و دوام الوجع و لزومه . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۷۹۷ وصب .
7.. الحُمْر : جمع أحمر ، و بعير أحمر : لونه مثل لون الزعفران إذا اُجسد الثوب به ، و قيل : بعير أحمر إذا لم يخالط حمرته شيء . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۱۰ (حمر) .
8.. في شعب الإيمان عن الحسن رفعه قال . . . . شعب الإيمان ، ج ۷ ، ص ۱۶۶ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۳۶۷ .