185
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

يعني: أنّ الحمّى و شدّة توهّجها۱ على الإنسان ممّا يُحِتّ ذنوبَه، و يخلّصه من خبث المعاصي، و يكفّر عنه سيّئاته، فكأنّه عليه‏السلام جعل اشتعالها۲ على بدنه وفاء۳ ما يستحقّه من العذاب على طريق التشبيه و التمثيل، فإذا استوفى عقابه المستحقّ بقي له الثواب الدائم.

و هذا الحديث قريب المعنى من الّذي يليه، و هو متضمّن لتسلية المؤمن و تصبيره على مزاولة ما /۳۹/ يسوقه اللّه‏ تعالى إلى بدنه تصفيةً له و تطهيرا من الذنوب.

و روي عنه عليه‏السلام: مَن حُمّ ثلاثَ ساعاتٍ فصبر فيها، باهى اللّه‏ُ به ملائكتَه، فقال: ملائكتي، انظروا إلى عبدي و صبرِه على بلائي۴! اكتبوا لعبدي براءةً من النار ـ قال: ـ فيُكتب: بسم اللّه‏ الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ مِن اللّه‏ِ العزيز الحكيم، براءةً من اللّه‏ لعبدِه فلانِ بنِ فلان، أنّي قد آمنتُك من عذابي، و أوجبتُ لك جَنّتي، فادخُلها بسلام.۵

و عن أبي الدَّرداء قال: «ما يَسُرّني مِن وَصَب۶ ليلةٍ حُمْرُ۷ النِّعَم ؛ مرض المؤمن تكفير خطيئته».

و عن الحسن البصري: «إنّ اللّه‏ تعالى يكفِّر عن المؤمن خطاياه كلّها بحمَّى ليلة».۸

و فائدة الحديث: الأمر بالتصبّر و الاستسلام للّه‏ تعالى فيما يؤدّب به من الأمراض و الأسقام، و إعلام أنّها لا يخلو من التطهير و التمحيص فضلاً عمّا فيها من الأعواض و في

1.. قد توهَّجتِ النارُ و وَهَجَت تَوَهَّجُ : توقَّدَت ، و وهَّجتُها أنا . لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۴۰۱ وهج .

2.. «ألف» : استعالها .

3.. «ألف» : وقاء .

4.. «ب» : بلاي .

5.. المعجم الأوسط للطبراني ، ج ۳ ، ص ۲۲۴ ؛ المعجم الكبير للطبراني ، ج ۶ ، ص ۲۷۲ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۴ ، ص ۴۸۲ ،ح ۳۹۳۵۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۵۹ ، ص ۱۰۵ مع اختلاف في اللفظ .

6.. الوَصَب : الوَجَع و المرض ، و شدّة التعب ، و دوام الوجع و لزومه . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۷۹۷ وصب .

7.. الحُمْر : جمع أحمر ، و بعير أحمر : لونه مثل لون الزعفران إذا اُجسد الثوب به ، و قيل : بعير أحمر إذا لم يخالط حمرته شيء . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۱۰ (حمر) .

8.. في شعب الإيمان عن الحسن رفعه قال . . . . شعب الإيمان ، ج ۷ ، ص ۱۶۶ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۳۶۷ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
184

و حسراتٍ غير مُجدية ؛ و أنّه و إن كان قد ألِف الإفراق۱ فيما قبل ذلك، فإنّ الواجب عليه۲ أن يعتقد أنّ حُمَّاه النازلةَ به هي القالعة له۳ عن الأهل و الولد، و المعطِّلة من القوّة و الجَلَد، و أنّها الّتي۴ لا تعود و لا تَرُود۵.

و فائدة الحديث: الاستشعار /۳۸/ من الموت، و الحذر منه، و التوقّع لهجومه، و قلّة الإخلاد إلى الحياة الفانية و الوثوق بها، و سوء الظنّ بأدنى مرض يعتري، و حِسبان أنّه مرض الموت.

و راوي الحديث: الحسن.

و تمامه: و هي۶ سجن اللّه‏ في الأرض ؛۷ يَحبس بها عبده۸ إذا شاء، و يرسله إذا شاء.

۴۶.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الحُمَّى مِن فَيحِ جَهَنَّمَ.۹

«الفَيح»: تصاعد الحَرّ، يقال: فاحت القِدر تَفيح: إذا غَلَتْ۱۰، و اُفحِتُها أنا، و فاحَتِ الشَّجَّةُ۱۱: نفحت بالدم۱۲.

1.. «ألف» : الافتراق .
و أفرَقَ المريضُ و المحموم : بَرَأ ، و لا يكون إلاّ مِن مرض يصيب الإنسانَ مَرَّةً واحدةً كالجُدَريِّ و الحصبة و ما أشبههما . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۳۰۴ فرق .

2.. «ب» : ـ عليه .

3.«ب» : ـ له .

4.. «ألف» : ـ الّتي .

5.. رادَ يَرود إذا جاء و ذهب و لم يطمئن . لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۱۸۸ رود .

6.. «ألف» : + من .

7.. «ألف» : + الّذي .

8.. «ألف» : عنده .

9.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۰ ، ح ۶۰ و ۶۱ ؛ طبّ النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، ص ۲۳ ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ۶ ، ص ۴۴۳ ؛ تفسير نورالثقلين ، ج ۳ ، ص ۳۵۴ ، ح ۱۳۶ ؛ الاُصول الستّة عشر ، ص ۱۵۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۲۵۰ .

10.. «ألف» : غليت .

11.. الشَّجَّة : الجُرح يكون في الوجه و الرأس فلا يكون في غيرهما من الجسم ، و جمعها شِجاج . لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۳۰۴شجج .

12.. «ألف» : الدم .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1888
صفحه از 503
پرینت  ارسال به