173
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

مجنون لا يشاوِر عقلَه، و مضعوف لا يراجعُ لبَّه، و قد قال حسّان بن ثابت الأنصاري:

إنّ شَرْخَ۱ الشباب و الشَّعرَ الأسود

ما لم يُعاص كان جنونا۲

و يروى أنّ عمر بن الخطّاب كان يتمثّل بهذا البيت على المنبر كثيرا.

و قال بعض الحدثان۳:

لم أقل للشباب في دَعَة الل

ه و في ستره غَداةَ تَولّى

زائر زارنا أقام قليلاً

سَوَّدَ الصُّحفَ بالذُّنوب و وَلّى۴

و لبعض أهل العصر:

لا جزى اللّه‏ شبابي صالحا

إنّه سوّد صحفي و انقضى

أ تراه نفض الصبغ على

صحفي ثمّ تولّى و مضى

سوّد الصحفَ و ما أقنعه

فأعاد الرأسَ مِنّي أبيضا۵

و فائدة الحديث: تعريف أنّ الشباب مطيّة الجهل، و تشبيهه۶ بالجنون الّذي لا يملك الرجل معه زمام الاختيار، فيَتراءى له القبيحُ بصورة الحسن، و المنكر بهيئة المعروف، و تحذير العاقل من اتّباع ما يتقاضاه الشباب من تمكين الشيطان من عنانه ليصرفه كيف يشاء.۷

1.. «ألف»: «شرح» خلافا للمصادر . شرخُ الأمر و الشبابِ : أوّله . لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۲۹ شرخ .

2.. الأمالي لابن الشجري ، ج۲ ، ص۴۴ ؛ الحيوان للجاحظ ، ج۳ ، ص۵۵ ، ح ۶۰۴ ؛ ديوان حسان بن ثابت الأنصاري ، ج۱ ،ص۲۳۶ ؛ العقد الفريد ، ج۲ ، ص۳۶۳ ؛ الكامل في اللغة و الأدب ، ج۲ ، ص۱۰۵ ؛ كتاب الصناعتين ، ص۱۹۵ ؛ مقامات الزمخشري ، ص۱۸۴ ؛ جامع البيان للطبري ، ج ۱۰ ، ص ۱۵۸ ؛ البرهان للزركشي ، ج ۳ ، ص ۱۲۷ .

3.. «ب» : المحدثين .

4.. الكشكول للبحراني ، ج۳ ، ص۲۵۰ ؛ كشكول البهائي ، ج۱ ، ص۱۷۵ ؛ محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء ،ج۲ ، ص۳۵۶ ؛ الأنساب للسمعاني ، ج ۴ ، ص ۱۴۸ ؛ يتيمة الدهر للثعالبي ، ج ۴ ، ص ۹۰ .

5.. لم نعثر عليه في مظانّه .

6.. «ألف» : تشبهه .

7.. «ب» : شاء .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
172

و الجمع شُعَب. و «الجُنون» عبارة عن زوال العقل، و المجنون: الّذي به رَيٌّ۱ من الجِنّ على ما تسامحت به العرب في عباراتها، و عبّرت به عن اعتقاداتها، ثمّ قيل لكلّ مَن اختلّ عقله: مجنون، و لكلّ۲ ما تجاوز حدَّ الاعتدال: مجنون، حتّى قالوا: نخلة مجنونة أي طويلة، و قال شاعرهم:

يا رَبِّ أرسِلْ خارِفَ المساكين

عَجاجةً مَسبلةَ العَثانين

تَحدُرُ ما في السُّحُق المجانين۳

و نبات مجنون: طويل.

و قال ابن أحمر:

/۳۳/ تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري

و جُنَّ الخازِبازِ به جُنونا۴

و يقال: جُنَّ الرجُل فهو مجنون، و قد أجنّه اللّه‏، و قولهم: «ما أجنّ فلانا!» شاذّ ؛ لأنّه لا يقال مِن المضروب: ما أضرَبَه! و لا من المسلوب۵ ما أسلبه! و إنّما يُبنى ذلك من اسم الفاعل في الأكثر الأشهر، و لا يبنى من اسم المفعول إلاّ شاذّا.

شبّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الشباب بطائفة من الجنون ؛ و ذلك لما يستحسنه الشابُّ۶ من ركوب رأسه فيما لا يَحسن و لا يجمل۷ و يُقدِم عليه من المناكير لا يردعه رادع و لا يزجره زاجر، فكأنّه

1.. رَوى الحبلَ رَيّا فارتوى : فَتَلَه ، و رَوِيَ من الماء و من اللبن رَيّا ضدّ عطش . انظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۳۴۵ روي .

2.. «ألف» : كلّ .

3.. الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۹۳ ؛ لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۹۲ جنن مع اختلاف .

4.. حياة الحيوان الكبرى ، ج۱ ، ص۴۰۵ ؛ الحيوان للجاحظ ، ج۳ ، ص۵۶ ؛ خزانة الأدب و لب لباب لسان العرب ، ج۱۲ ،ص ۱۶۳ ؛ سوائر الأمثال علي أفعل ، ص۴۰۱ ؛ كتاب الأزمنة و الأمكنة ، ص۳۴۸ ؛ كتاب النبات ، ص۶۷ ؛ المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر ، ج۱ ، ص۱۸۶ ؛ مجمع الأمثال للميداني ، ج۱ ، ص۲۵۸ ؛ الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۹۳ جنن ؛ لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۱۲۳ (فقأ) ؛ ج ۱۳ ، ص ۹۲ (جنن) .

5.. «ألف» : + و .

6.. «ألف» : الشباب .

7.. «ألف» : لا يحمل .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2147
صفحه از 503
پرینت  ارسال به