163
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: المتحدّث بنعمة المنعم و إن لم يقصد به شكرُه ؛ فإنّ تحدُّثه بها في حيّز الشكر، و صورته صورته ؛ لأنّ الشكر يكون بالقلب اعتقادا و باللسان إيرادا، فإذا ذكر فقد شكر، و كفاك حثّا على التحدّث بالنعم قوله تعالى: «وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»۱.

و فائدة الحديث: الأمر بالاعتراف و الاعتداد بنِعَم المنعم و التحدّث بها و ذكرها۲ و نشرها، و الحكم بأنّ ذكرها شكرها.

و راوي الحديث: النعمان بن بشير.

۳۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: انتظارُ الفَرَجِ بالصَّبرِ عِبادَةٌ.۳

«الانتظار»: التوقّع. و «الفَرَج»: التفصّي /۲۹/ و التخلّص من الهمّ، و أصل الفرج: الشقّ. و «الصبر»: ممانعة الجزع بالسكون و الثبات. و «العبادة»: نهاية ما يَقدر العبد عليه من العبوديّة و الخضوع لمعبوده. يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: انتظار الفرج و توقّعه و معالجة الجزع بالصبر و التثبّت نوع من العبادة ؛ لأنّه تعرّض للثواب الجزيل المتجاوز حدّ الحصر و الإحصاء كما قال تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ»۴، فضلاً عن الأعواض الّتي يعوّضها على ما يناله من الآلام.

و هذا الكلام ورد۵ مورد الحثِّ على التصبّر و التمسّك بالرضا۶ و الاستسلام لأمر اللّه‏ تعالى و إن كانت فيه كراهة۷ النفوس و ضيق الصدر، و بيان أنّ الاعتصام بالصبر و الامتناع

1.. الضحى ۹۳ : ۱۱ .

2.. «ألف» : شكرها .

3.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۶۲ و ۶۳ ، ح ۴۶ و ۴۷ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۳ ، ص ۲۵۶ ، ح ۵۳۵۶ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ،ص ۴۱۷ ، ح ۲۷۱۸ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۲۷۲ ، ح ۶۵۰۷ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۴۰۵ ، ح ۵۵ و فيه : - «بالصبر» ؛ الدعوات ، ص ۴۱ ، ح ۱۰۱ ؛ نهج السعادة ، ج ۷ ، ص ۲۸۵ ، ح ۱۵۲ .

4.. الزمر ۳۹ : ۱۰ .

5.. «ب» : وارد .

6.. «ألف» : و الرضا .

7.. «ب» : كراهية .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
162

دفع ضرر في احتباس حقّه عنه و هو غنيّ موسر؟! و ما أبعَدَ تصوّر الاستحقاق فيه!

و «المسألة»: السؤال، يقال: سَأَلَه يسأله مسألةً و سؤالاً. و «نار» أي مُؤَدٍّ إلى دخول النار، فكأنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ينهى الغنيّ عن أن يتعرّض للسؤال ؛ فإنّ السؤال عن ظَهر غنًى غَمْط۱ لنعمة اللّه‏ تعالى، و تكثّر من غير وجهه، مع ما فيه من المذلّة و إراقة ماء الوجه و استبشاع۲ الناس له و كراهتهم إيّاه و إزرائهم به۳، ثمّ إنّه آخر كسب الرجل كما ورد في الحديث،۴ و لا يَحلّ إلاّ عن حاجة شديدة و ضرورة حافزة.

و قد روي في حدّ الغنى أنّه «ملك أربعين درهما فما فوقها».۵

و فائدة الحديث: النهي عن المماطلة بالدَّين إذا كان المُدان قادرا على أدائه غير عاجز عن قضائه، و عن مسألة الغنيّ الواجد طلبا للمكاثرة و المنافسة.

و راوي الحديث: عِمران بن حُصَين.

۳۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: التَّحَدُّثُ بِالنِّعَمِ شُكْرٌ.۶

«التحدّث» كالتحديث. و «الشكر»: اعتراف بالنعمة مع القصد إلى تعظيم المنعم، و ينقسم الشكر إلى القول و الفعل ؛ فأمّا الأوّل فقد يكون للّه‏ تعالى /۲۹/ و للخلق أيضا، و أمّا الثاني فهو كالعبادة لا يكون إلاّ للّه‏ تعالى.

1.. الغَمْط : الاحتقار و الاستصغار . انظر : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۳۶۴ غمط .

2.. البَشَع : تضايق الحلق بطعام خشن . البَشِع : الخشن من الطعام و اللباس و الكلام . استَبشَع الشيءَ أي عَدَّه بشِعا . لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۱۱ بشع .

3.. أزرى به إزراءً : قَصّر به و حقَّره و هوَّنه . لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۳۵۶ زرى .

4.. راجع : الأدب المفرد للبخاري ، ص ۸۴ ، ح ۳۶۶ ؛ الاستذكار لابن عبد البرّ ، ج ۷ ، ص ۳۵۱ ؛ التمهيد لابن عبد البرّ ، ج ۲۳ ، ص ۱۲۴ .

5.. شرح معاني الآثار لأحمد بن محمّد بن سلمة ، ج ۴ ، ص ۳۷۳ ؛ التمهيد لابن عبد البرّ ، ج ۴ ، ص ۹۷ ؛ تفسير الآلوسي ،ج ۱۰ ، ص ۱۲۰ .

6.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۶۱ ، ح ۴۴ و ۴۵ ؛ الشكر للّه‏ لابن أبي الدنيا ، ص ۹۵ ، ح ۶۳ و فيه : «شكرها» بدل «شكر» ؛تفسير مجمع البيان ، ج ۱ ، ص ۱۸۴ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۲۰ ، ص ۱۰۲ ؛ تفسير الثعالبي ، ج ۲ ، ص ۶ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1729
صفحه از 503
پرینت  ارسال به