145
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

و قال النبيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما مِن خطيئةٍ أعظَمَ عندَ اللّه‏ بعدَ الكبائرِ مِن أن يَموتَ الرَّجُلُ و عليه أموالُ الناس دَينا في عنقِه، لا يوجَد لها۱ قضاءٌ.۲

و يجوز أن يكون عليه‏السلام قد۳ شبّه المظلمة بالدين، و كنّى به عنها، و جعلها شينا للدِّين، و هي لَعَمري كذلك.

و فائدة الحديث: النهي عن الاستدانة ما استطاع، و الأمر بقضائه إذا قدر عليه من دون إخلاد إلى التواني و التقصير، و عن التلطّخ بمظالم العباد.

و راوي الحديث: معاذ بن جبل.

۲۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: التَّدبيرُ نِصفُ العَيشِ.۴

«التدبير»: التأمّل في عاقبة الأمر و ما يؤول إليه، و اشتقاقه من الدُّبر لأنّه نظرٌ في أدبار الأمر و عواقبه. و «النصف» أحد جزأي الكمال. و «العيش»: الحياة، و قد عاش مَعاشا و معيشا.

يقول عليه‏السلام: تدبير الإنسان أمرَه و ترتيبُه و استقباله من جهته و تأتّيه له من طريقه نصف تعيُّشه ؛ يعني أنّه ليس التعيُّش۵ موقوفا على كثرة المال و وفور ذات اليد، بل إصلاح المعاش و الترتيبُ الحَسَنُ له شطره و نصفه، فكم من موسِرٍ مُكثر آلت به الحال إلى الإعسار و التكفّف۶، و لم يؤتَ /۲۰/ إلاّ من جهة التقصير و التخلّف، و مِن معسر

1.. «ألف» : «له» خلافا للمصادر .

2.. راجع : تفسير الثعلبي ، ج ۲ ، ص ۲۸۹ .

3.. «ألف» : ـ قد .

4.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۵۴ ، ح ۳۲ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۵۲۱ ، ح ۳۳۹۹ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۴۹ ، ح ۵۴۳۵ ؛تحف العقول ، ص ۴۰۳ ؛ و عنه في بحار الأنوار ، ج ۷۵ ، ص ۳۲۶ ، ح ۴ .

5.. «ألف» : العيش .

6.. استَكَفَّ و تكفَّفَ إذا أخذ ببطن كفّه ، أو سأل كفّا من الطعام أو ما يكفّ الجوعَ ، و تكفَّفَ الشيءَ : طلبه بكفّه و تَكَفَّفَه . انظر : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۳۰۳ كفف .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
144

التقاضي و الإسماع و التشديد و الحبس و القهر و الغضيضة۱، هذا في الدنيا ؛ فإن بقي في ذمّته، و ورد الآخرة، و لم يَقْضه، فلا بدّ من استيفاء أعواض منه تُقابل الحقوق الثابتة في ذمّته. و لتفصيل ذلك موضع غير هذا، /۱۹/فكأنّه نهيٌ عن الدَّين ما استطاع و أطاق، و أمرٌ بقضائه على الفور و الاجتهاد في ذلك، و إنّما لا يسوغ الادّيان للمسرفين و المستغنين عنه ؛ فأمّا عند الاضطرار فلا بأس به، و لم يزل الأنبياء عليهم‏السلام و الأوصياء و الأئمّة و الصلحاء يستدينون ؛ لأنّهم كانوا أرباب مُروءات۲ و كرم، و لم يكن لهم أموال۳ ارتبطوها و اعتقدوها۴، فلم يكن لهم بدٌّ من الاستدانة.

و قد قيل: الدَّين هَمٌّ باللَّيل، و مَذَلَّةٌ بالنهار.۵

/۲۱/ و لم يزل الأئمّة و الأكابر يستعيذون من الدين ؛ هذا عليّ بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام يقول في دعاء له: اللّهمّ إنّي أسألك العافيةَ۶ مِن دَينٍ يَخلُق به۷ وجهي، و يَتشعّب۸له ذهني، و يَطول بممارَسَتِه۹ شغلي، و أعُوذ بك مِن همّ الدَّين و فكرِه، و شغلِ الدَّين و سَهَرِه.۱۰

1.. «ألف» : الغضيضة .
الغَضيضة و الغضاضة ج عضائض ، و المغضَّة ج مَغاضّ : الذلّه و المنقصة . و من معاني الغَضاضة : الانكسار . انظر : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۱۹۸ و المنجد في اللغة غضض .

2.. «ألف» : مروّات .

3.. «ألف» : أحوال .

4.. «ألف» : أعقدوها .
اعتَقَدَ ضيعةً و مالاً : اقتناهما . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۲۹۹ عقد .

5.. ورد في الأحاديث عن الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله و أهل بيته عليهم‏السلام : «إيّاكم و الدين ؛ فإنّه همّ بالليل ، و ذلّ بالنهار» . اُنظر : الفقيه ، ج ۳ ،ص ۱۸۲ ، ح ۳۶۸۱ ؛ علل الشرائع ، ج ۲ ، ص ۵۲۷ ، ح ۱ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۴۵۱ ، ح ۲۹۲۵ ؛ كنز العمّال ، ج ۶ ، ص ۲۳۱ ، ح ۱۵۴۷۹ ؛ و ص ۲۳۲ ، ح ۱۵۴۸۳ .

6.. «ألف» : «أعوذ بك» بدل «أسألك العافية» .

7.. «ألف» : له .

8.. «ألف» : يشعّب . «ب» : ينشعب . كلاهما خلافا للمصادر .

9.. «ب» : للممارسته .

10.. الصحيفة السجّاديّة ، ص ۱۵۴ ، الدعاء ۳۰ مع اختلاف يسير في اللفظ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1732
صفحه از 503
پرینت  ارسال به