127
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

فقد نصَح.۱

و قال ابن عرفة: توبة نصوح: خالصة، و المناصحة: المصافاة و المخالصة، و النُّصح۲ لأخيك المؤمن: أن تريد له ما تريد لنفسك.۳

و لمّا كانت النصيحة ـ و هي إرادة الخير لأخيك ـ خُلقا من أخلاق الديانة، و ركنا وثيقا من /۱۳/ أركانه، جعلها الدين كلّه.

و هذا كقوله: الحجّ عرفة.۴ و لا خلاف أنّ للحجّ أركانا غير الوقوف لا يَتمّ الحجّ بدونها، إلاّ أنّه لمّا كان الوقوف بعرفات ركنا قويّا جعله الحجّ كلّه ؛ لأنّ معظم اُمور الحجّ ذلك، كذلك لمّا كانت النصيحة معظم أخلاق الدين جعلها الدين كلّه، على أنّ النصيحة ـ على۵ ما رواه تميم الداري أنّها للّه‏ و لكتابه و لرسوله و لأئمّة المسلمين و لعامّتهم ـ مشتملة على الدين كلّه ؛ لأنّ النصيحة للّه‏ إخلاص العمل له و الأخذ بأوامره /۱۱/و نواهيه، و النصح لكتابه أن يتلوه حقّ تلاوته و ينزل عند أحكامه، و نصيحة الرسول حبّه و حبّ أولاده و اُسرته و تعظيم سنّته، و نصيحة الأئمّة طاعتهم و اتّباعهم، و نصيحة العامّة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و أن تريد لكلّ واحد منهم ما تريد لنفسك ؛ فعلى هذا الوجه لا يحتاج إلى عذر.

و يمكن حمل النصيحة على معنى الوعظ لأخيك المؤمن، و أنّها من أحسن أخلاق الإيمان.

و فائدة الحديث: الحثّ على المناصحة لأخيك، و إضمار الخير له، و كفّه عن القبيح

1.. نقل عنه الجوهري في الصحاح ، ج۱ ، ص ۴۱۱ نصح .

2.. «ألف» : «المناصحة» بدل «المخالصة و النصح» .

3.. نفس المصدر .

4.. عوالي اللآلي ، ج ۲ ، ص ۹۳ ، ح ۲۴۷ ؛ و ص ۲۳۶ ، ح ۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۳۰۹ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۰۰۳ ؛ سنن الترمذي ، ج ۲ ، ص ۱۸۸ ، ح ۸۹۰ .

5.. «ب» : ـ على .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
126

رسول اللّه‏؟ فقال: للّه‏ و لكتابه و لرسوله و لأئمّة المسلمين و لعامّتهم.۱

«الدِّين»: العادة و الشأن ؛ قال المثقب۲:

تقول إذا دَرأتُ لها وَضيني

أ هذا دينه أبدا و ديني۳

و الدِّين: الجزاء و المكافاة، و الدين: الطاعة، و منه الدين الّذي هو الإسلام. و أصل «النُّصح» هو۴ الخياطة، و الناصح: الخيّاط، و النِّصاح: الخَيط، و النِّصاح: الإبرة، و التوبة النصوح: الّتي تَنصح و تَخيط ما خرقه الذنب.

و قال أبو زيد: نصحته أي صدقته، و توبة نصوح: صادقة.۵

و قال النبيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَن اغتاب خَرَقَ، و من استغفر رَفَأَ۶.۷

و نَصحتُ فلانا۸: وعظته، فانتصَحَني أي عَدَّني ناصحا و قَبِل نصيحتي، و رجل ناصح الجيب أي نقيُّ القلب.

و قال الأصمعي: الناصح: الخالص من العسل و غيره، مثل الناصع، و كلُّ شيء خلَص

1.. مسند الحميدي ، ج ۲ ، ص ۳۶۹ ؛ كتاب السنّة لابن أبي عاصم ، ص ۵۰۶ ، ح ۱۰۹۱ و ۱۰۹۳ ؛ السنن الكبرى للنسائي ،ج ۴ ، ص ۴۳۳ ، ح ۷۸۲۳ ؛ علل الدارقطني ، ج ۱۰ ، ص ۱۱۵ .

2.. هو المثقب العبدي . و في «ألف» : المثعب .

3.. ديوانه ، ص ۲۸ ـ ۴۳ ؛ طبقات فحول الشعراء ، ج ۱ ، ص ۲۷۴ ؛ الكامل في اللغة والأدب ، ج ۱ ، ص ۲۷۰ ؛ الاشتقاق ،ص ۳۹۸ ؛ الزاهر في معاني كلمات الناس ، ص ۲۰۶ ؛ الموشّح للمرزباني ، ص ۳۸۴ ؛ كتاب الصناعتين ، ص ۱۱۵ ؛ الأمالي للقالي ، ص ۵۳۵ ؛ الاقتضاب في شرح أدب الكتاب ، ج ۲ ، ص ۶۹۴ ؛ شرح أدب الكتاب ، ص ۳۴۷ .

4.. «ألف» : ـ هو .

5.. اُنظر : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۴۱۱ نصح .

6.. رَفَأَ الثوبَ : لامَ خَرْقَه و ضَمَّ بعضَه إلى بعض و أصلح ما وَهى منه . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۸۷ رفأ .

7.. الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۱۲ ؛ كنز العمّال ، ج ۸ ، ص ۵۰۷ ، ح ۲۳۶۳ ؛ الصحاح ، ج ۱ ، ص ۵۳ ؛ لسان العرب ، ج ۱ ،ص ۸۷ رفأ .

8.. «نصحتُ فلانا» من كلام العرب ؛ لكنّ تعديتَه باللام أفصح، و به نزل الكتاب العزيز . عبد الستّار .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2005
صفحه از 503
پرینت  ارسال به