117
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

يقال: وَعَدْتُه خيرا، و أوعدته شرّا. فإذا قالوا: أوعدته، اختصّ بالمكروه و خلص له، قال:

و إنّي إذا أوعدته أو وعدته

لَمُخلِفٌ إيعادي و مُنجِز موعدي۱

و أصل «العِدَة» وِعدة، فِعلة من الوعد، و مثله زِنَة و جِهة، و هذه الواو لا تجتمع مع الهاء في المصادر، فأمّا في الأسماء فنَعَم كقولك: وِلْدَة في جمع وَلَد.

شبّه عليه‏السلام العدة بالعطيّة ؛ لأنّ الموعود يُهَشُّ إليها۲، و۳ تَسكن نفسه بمكانها، و يثق بها ؛ فكأنّها عطيّة حَصَلَتْ لديه، و فائدة وصلت إليه.

و روى الحسن البصري: أنّ رجلاً سأل النبيَّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فقال: «ما أصبتَ /۶/عندنا شيئا»، فقال: يا رسول اللّه‏، عِدني؟ قال: فإنّ العِدَةَ عطيّة!۴

و قال عليه‏السلام: الوأي۵ مِثلُ الدَّين أو أفضَلُ منه.۶

و روي عن عبد اللّه‏ بن أبي الحمساء۷ قال: بايعت النبيَّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قبل أن يُبعث، فبقيتْ له بقيّة، فوعدتُه أن آتيه بها في مكانه، فنسيت، ثمّ ذكرت /۹/ بعد ثلاث فإذا هو في مكانه! فقال: يا فتى، لقد شَقَقتَ عَلَيَّ، أنا هاهنا منذ ثلاث!۸ فانظر إلى كرمه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

1.. البيت لعامر بن الطفيل بن مالك العامري ابن عمّ لبيد الشاعر . انظر : ديوان عامر بن الطفيل ، ص ۵۸ ؛ البصائر و الذخائر ،ص ۱۷۷ ؛ بهجة المجالس و اُنس المجالس ، ج ۲ ، ص ۴۹۵ و فيها «وإن أوعدته» بدل «إذا أوعدته» ؛ جمهرة أنساب العرب ، ص ۲۸۵ ؛ يتيمة الدهر ، ج ۲ ، ص ۱۵۷ ؛ مقامات الحريري ، ص ۳۰۰ ؛ جواهر الآداب و ذخائر الشعراء ، ج ۱ ، ص ۴۵۹ ؛ خريدة القصر و جريدة العصر ، ج ۳ ، ص ۱۵۱ .

2.. هَشَّ للشيء يَهِشُّ : سُرَّ به و فَرِحَ . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۳۶۵ هشش .

3.. «ألف» : الموعود بها من النهار .

4.. راجع : كشف الخفاء للعجلوني، ج۲، ص۵۷؛ المعجم الأوسط، ج۲، ص۲۰۹؛ مكارم الأخلاق، للخرائطي، ج۱، ص۲۰۲.

5.. الوَأي : الوعد ، يقال منه : وَأَيتُه وَأْيا . الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۱۸ وأي .

6.. كتاب الصمت و آداب اللسان لابن أبي الدنيا ، ص ۲۳۵ ، ح ۴۵۴ رواه بسنده عن ابن لهيعة عن الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله . و راجعأيضا : جامع السعادات للنراقي ، ج ۲ ، ص ۲۵۸ .

7.. «ألف» و «ب» : «الحمشاء» و هو تصحيف .

8.. السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۱۰ ، ص ۱۹۸ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴ ، ص ۵۳ ، كتاب الصمت و آداب اللسان لابن أبي الدنيا ، ص ۲۳۶ ، ح ۴۵۷ مع اختلاف يسير في اللفظ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
116

و فائدة الحديث: الأمر بأداء الأمانة، و اجتناب الخيانة، و مناصحة الأخ المستشير، و هدايته إلى الطريقة المُثلى۱ و الجهة الحسنى ؛ و الأمر بالتثبّت في اختيار المشير المناصح الّذي تُؤمَن خيانته، و تُستكفى۲ كفايته، و لا يَدّخر عنك نصيحةً، و لا يُضمِر لك فضيحةً.

و قد نظم بعض المتأخّرين الخصال الّتي يجب أن تكون في المستشار، فقال:

خصائص مَن تُشاوره ثلاث

فخذ منها جميعا بالوثيقة

وِداد خالص و وفور عقل

و معرفة بحالك في الحقيقة

فمَن حَصَلتْ له هذي۳ المعاني

فتابعْ رأيَه و الزَمْ طريقَه۴

و قد أمر اللّه‏ تعالى نبيّه عليه‏السلام بالمشورة فقال: «وَ شَاوِرْهُمْ»۵، و مدح قوما فقال: «وَ أَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ»۶.

و راوي الحديث: الحسن۷ عن سَمُرة بن جندب رضى‏الله‏عنه.

و تمام الحديث: فإن شاء أشار، و إن شاء سكت، فإن أشار فليشر بما لو نزل۸ به فعله.

۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: العِدَةُ عَطيَّةٌ.۹

و في رواية: عِدَةُ المؤمنِ كأخذٍ باليد.۱۰

1.. الأمثَل و المُثلى : الأفضل . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۱۳ مثل .

2.. «ألف» : يؤتمن خيانته ، و يستكفى .

3.. في المصادر : هذه .

4.. تهذيب الرياسة وترتيب السياسة ، ص ۱۸۷ و فيها «لنفسك» بدل «جميعا» ؛ غرر الخصائص الواضحة ، ص ۵۸ ؛ مجمعالحكم و الأمثال ، ج ۵ ، ص ۴۵۴ و نسبها إلى الأرجاني .

5.. آل عمران ۳ : ۱۵۹ .

6.. الشورى ۴۲ : ۳۸ .

7.. في المخطوطتين : «الحسين» و هو تصحيف ، و هو الحسن البصري ، و فيما روى الحسن عن سمرة اختلاف فيالاحتجاج بذلك ، و قد ثبت سماع الحسن من سمرة . انظر : سير أعلام النبلاء ، ج ۳ ، ص ۱۸۳ .

8.. «ألف» : «زلّ» خلافا للمصادر .

9.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۹ ، ح ۶ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۲ ، ص ۲۰۹ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۸۸ ، ح ۵۶۸۴ ؛ كنز العمّال ،ج ۳ ، ص ۳۴۷ ، ح ۶۸۶۷ ؛ و رواه المجلسي رحمه‏الله في بحار الأنوار ، ج ۹۳ ، ص ۱۳۷ ، ذيل ح ۷۱ عن كتاب الإمامة و التبصرة .

10.. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۷ ، ص ۱۱۵ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۵۱ ، ح ۵۴۰۴ ؛ كنز العمّال : ج ۳ ، ص ۳۴۷ ، ح ۶۸۷۰ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1967
صفحه از 503
پرینت  ارسال به