455
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

و قيل في قوله تعالى «وَ لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ»۱: إنّها جَنَّةٌ واحدة، و احتُجَّ في ذلك بقول الشاعر:

و مَهمَهَينِ قَذَفَينِ مَرَّتَين

قَطَعتُه بالسَّمْتِ لا بالسَّمْتَين۲

/۱۶۲/ قال: «قَطَعتُه» ؛ لأنّه أراد مَهْمَها واحدا. و هذا كثير في كلامهم، و يكون المعنى أنّه يَكذِب في ذلك كذبا بليغا و زورا شنيعا.

و قد ذُكر أنّ معنى ثوبَي زور أن يَصِلَ كُمَّيْنِ بِكُمَّيْ دِثاره، فيُرى أنّ تحت دثاره قميصا و هو كاذب، و هذا الوجه كما ترى۳ إلاّ أنّه قد ذُكر فذَكرناه۴. و يجوز أن يكون إشارةً إلى التصنُّع۵ فيما ينتحله مِن مذهب و طريقة، و العرب تكنِّي بالثوب عن حال لابسه و عن مذهبه، قال:

و إنّي بحمد اللّه‏ لا ثوبَ غادرٍ

لَبِستُ و لا مِن رِيبةٍ أتقنّع۶

و رُوي في سبب الحديث: أنّ امرأةً أتَتِ النبيَّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقالت: إنّ لي ضَرَّةً، فهل علَيَّ جُناح أن أتشبّع بما لم اُعطَ؟ فقال عليه‏السلام: المتشبّع بما لا يَملِك كلابِسِ ثوبَي زُور.۷

و معنى الحديث: أنّ الّذي يَتكبّر بما ليس عنده، فهو كالكاذب الّذي قَنِعَ بكذبه يَسخر مِن نفسه، و يَظُنُّ أنّه يَسخر بالناس۸ ؛ لأنّه مزوِّر غير محقِّق.

/۱۵۱/ و فائدة الحديث: النهي عن الصَّلَف۹ و التكبّر و ادّعاء ما لا يقدر۱۰ عليه، و ليس

1.. الرحمن ۵۵ : ۴۶ .

2.اُنظر : خزانة الأدب ، ج ۷ ، ص ۵۱۴ .

3.. أي أنَّه ضعيف لا يحاجُّ عليه . عبد الستّار .

4.. «ألف» : إلاّ أنّه قد ذكرناه .

5.«ألف» : التطبّع .

6.. اُنظر : التذكرة الحمدونية ، ج ۳ ، ص ۸ ؛ الزاهر في معاني كلام الناس ، ص ۳۲۶ .

7.. مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۳۴۵ ؛ صحيح مسلم ، ج ۶ ، ص ۱۶۹ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۶ ، ص ۱۵۵ ؛ صحيح ابن حبّان ، ج ۱۳ ،ص ۴۸ .

8.الفصيح : يَسخر مِن الناس . عبد الستّار .

9.. الصَّلَف : هو الغلوّ في الظرف و الزيادة على المقدار مع تكبُّر ، و الصَّلَف أيضا : قلّة الخير . لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۱۹۶ صلف .

10.. هكذا في المخطوطتين ، و الأولى : «لا تقدر» .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
454

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الأنبياء قادة الناس يقودونهم۱ إلى۲ الخير، و يَرأَسونهم ؛ لأنّهم مُتَّبَعون و وسائط بين اللّه‏ تعالى و خلقه، فلذلك وُصفوا بذلك.

و قال عليه‏السلام: «الفقهاء سادة» ؛ لأنّهم يَسودون الناس بما لهم من علم الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؛ لأنّهم وَرَثَتُه الّذين وَرِثوا عِلمَه، فَهُم سادة الناس الّذين يَشرَحون لهم معانيَ كلام النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، و يبيِّنون لهم أحكامَ شَرعه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

و قال عليه‏السلام: «مجالستهم زيادة» ؛ لأنّ الّذي يَجلِس إليهم ربّما يَسألهم عن مسألةٍ أو كلمةٍ فيَشرَحونها له۳ أو يسألهم غيره، فيسَمع ما يجري على ألسنتهم من الخير فيقتبسه۴ أو يعمل به، فتلك زيادة تحصل له.

و فائدة الحديث: إعلام حال النبوّة و الفقه، و الأمر بإجلال تلك العلوم، و مجالسة أصحابها.

و راوي الحديث: أمير المؤمنين عليه‏السلام.

۲۲۷.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: المُتَشَبِّعُ بِما لَم يُعطَهُ كَلابِسِ ثَوبَيْ زُورٍ ـ و روي: بِما لَم يَملِك ـ.۵

«المتشبِّع»: مَن۶ يُريك۷ أنّه شَبْعان و ليس كذلك، فاستعير۸ لكلّ من يريك۹ شيئا لا يملك و لا يقدر عليه إيهاما أنّ له ذلك كمن يريك۱۰ أنّه زاهد و ليس به أو عالم و ليس كذلك. و ذِكرُ ثَوبَي زُورٍ على التثنية زيادة في الشُّنعَة، و مِن عادتهم تثنية الشيء تنويها على اسمه و إعلاما به و تذكيرا بمكانه.۱۱۱۲

1.. «ب» : يقودهم .

2.. «ألف» : أي .

3.. «ألف» : ـ له .

4.«ألف» : ـ فيقتبسه .

5.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۰۴ ، ح ۳۰۸ و ۳۰۹ ؛ مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۹۰ و ۱۶۷ و ۳۴۵ ؛ صحيح البخاري ، ج ۶ ،ص ۱۵۶ ؛ صحيح مسلم ، ج ۶ ، ص ۱۶۹ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۷۶ ، ح ۴۹۹۷ ؛ السنن الكبرى ، ج ۶ ، ص ۱۸۲ ، منية المريد ، ص ۱۷۹ و ۲۱۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۱۲۳ ، ح ۴۶ عن منية المريد (في بعض المصادر : «لم يملك» بدل «لم يعطعه» . و في بعضها : «لا يملك» بدلُه .

6.. «ألف» : الّذي .

7.. «ألف» : يريد .

8.. «ألف» : و يستعير .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2057
صفحه از 503
پرینت  ارسال به