429
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل

البصيرة.

و راوي الحديث: جابر بن عبد اللّه‏.

۲۱۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: اُمَّتي الغُرُّ المُحَجَّلونَ مِن آثارِ الوُضُوءِ.۱

«الغُرّة»: البياض، و «الأغَرّ»: الأبيض، و غُرّة الفرس: بياض جبهته فوق سعة الدرهم، و الأصل في «غ ر ر»: الأثر الظاهر، و غَرُّ الثَّوب: أثر مَكاسره و مطاويه، و يُجمع الأغرّ غُرّا و غُرّانا.

و «التحجيل» في أربع قوائم الفرس أو في ثلاث منها أو في رجليه قلّ أو كثر، و اشتقاقه من الحَجْل و هو القيد و الخلخال، و الحِجْل لغة فيه ؛ لأنّ البياض منه في۲ موضع الخلخال۳ و موضع الأحجال، و يكنّى بالغُرَّة و التحجيل عن الشهرة و العرفان ؛ يقال: يومٌ أغَرُّ محجَّل ؛ أي مشهور مشهود، فيُثني صلى‏الله‏عليه‏و‏آله على اُمّته بأنّهم۴ البيض الوجوه و الأطراف من آثار ماء الوضوء على أعضاء۵ الطهارة في الدار الدنيا ليتمكّنوا من عبادة اللّه‏ تعالى، و أنّ اللّه‏ تعالى يورثهم يوم القيامة عوضا عن ذلك بياضا و نورا في أعضاء طهارتهم كما قال تعالى: «يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَانِهِمْ»۶، و كما قال اللّه‏ تعالى: «سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ»۷، و كلّ ذلك عبارة عن النور الساطع الّذي يشرّف اللّه‏ تعالى به عبده /۱۵۰/ يوم القيامة.

و روى أبو هريرة أنّه قيل لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: أ تعرف اُمّتَك يوم القيامة؟ فقال عليه‏السلام: أ رأيت لو كان لرجل خيل غُرٌّ محجّلة في خيل دُهْمٍ۸ بُهْمٍ۹، أ لا يعرف خيله؟ فقالوا: بلى يا رسول اللّه‏. قال:

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۹۴ ، ح ۲۹۰ ؛ مسند زيد بن عليّ عليه‏السلام ، ص ۷۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۶۲ ؛ صحيح مسلم ، ج ۱ ، ص ۱۴۹ ؛ السنن الكبرى ، ج ۱ ، ص ۷۷ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۵ ، ح ۶۴۱۰ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۲ ، ص ۲۷۷ مع اختلاف يسير في كلّ المصادر غير الأوّل .

2.. «ألف» : ـ في .

3.«ب» : ـ موضع الخلخال و .

4.. «ألف» : أنّهم .

5.«ب» : ماء وضوء أعضاء .

6.. الحديد ۵۷ : ۱۲ . ۶. «ألف» : ـ و .

7.. الفتح ۴۸ : ۲۹ .

8.. الدُّهْم : جمع الأدهَم : الأسود يكون في الخيل و الإبل و غيرهما . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۲۰۹ دهم .

9.. البُهْم : واحدها بَهيم و هو الذي لا يخالط لونَه لَونٌ سواه من سواد كان أو غيره . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۵۹ بهم .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
428

فأمّا إذا حملته على البصيرة ـ و هو جائز ـ فقد يعبَّر بالبصر عن البصيرة فيقال: فلان له بصر بهذا الأمر، فالمعنى و اللّه‏ أعلم: أنّ النظر إلى الخضرة و التأمّل فيها يزيد في البصيرة، و كيف /۱۴۹/ لا؟ و بالأمس رأيت خشبةً يابسةً لا أثر عليها من الورق و لا۱ النور، فتراها أيّام الربيع، و۲ قد تبرّجت في حُليّها و حُللها، و تزخرفت بأزاهيرها الملوّنة تنادي على أنفسها بصانع حكيم قادر عليم أخرجها من خفاء العدم إلى فضاء الوجود ـ تعالى و تقدّس ـ فتستدلّ بها على۳ صانعها، و كذلك النظر في صورة حسنة يحلّ لك النظر إليها تُقدِّر فيها أنّها كانت نطفةً و قطرةً من ماء مهين، ثمّ صُوّرت و دُرِّجت إلى أحسن هِندامٍ۴، و أجمل صورةٍ، و أهيأ شارة۵، و أهيب رَوعة، و أكمل جهرة۶، علمتَ أنّ ذلك لم يتكوّن بنفسه إلاّ بقادرٍ صانع۷ عالم يضع الاُمور مواضعها، /۱۴۰/ و يخلق ما يشاء، و يحكم ما يريد.

و في كلام أمير المؤمنين عليه‏السلام: اعجَبوا لهذا الإنسان ؛ يَنظر بشحم، و ينطق بلحم، و يسمع بعظم، و يتنفّس من خَرْم۸.۹

فلا شكّ أنّك إذا نظرت هذا النظر، و تدبّرت و فكّرت، هجمتْ بك الفكرة على معرفة خالق السماوات و الأرضين رازق العالمين، فتستزيد إيمانا إلى إيمانك، و استدلالاً إلى استدلالك.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ النظر إلى الخضرة و الجمال الحلال يزيد في البصَر و

1.. «ألف» : ـ لا .

2.. «ألف» : ـ و .

3.«ألف» : فيستدلّ بها إلى .

4.. الهِندام : الحَسَنُ القدّ ، معرَّب أَندام ، يقال : و هذا شيءٌ مُهَندَم : أي مُصلَح على مقدار . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۶۲۴ ؛ تاج العروس ، ج ۱۷ ، ص ۷۴۴ هندم .

5.. الشارَة و الشُّورة : الحُسن و الهيئة و اللِّباس . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۳۴ شور .

6.. «ب» : جهرٍ .

7.«ب» : ـ صانع .

8.. الخَرْم : أنف الجبل . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۷۱ خرم .

9.. نهج البلاغة ، الحكمة ۸ ؛ عيون الحكم و المواعظ ، ص ۸۸ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1883
صفحه از 503
پرینت  ارسال به