يقول صلىاللهعليهوآله: كلّ شيء يفعله اللّه تعالى فهو مُحكَم مقدَّر فيه غرض المثل حتّى عجْز الإنسان و ضعفه المجبول و كَيسُه و دَهاؤه المغرَّز۱ فيه، و كذلك هو ؛ فإنّ القدرة من فعل اللّه تعالى، فإذا لم يُخلق۲ للعبد كان عاجزا، و كذلك العلوم المخصوصة المعبّر عنها بالكيس من فعله.
و المعنى: أنّ الأولى بالعبد التسليم و الرضا بما قضى اللّه تعالى ؛ فإنّه العالِم البصير و الحكيم الخبير، و هو أعلم بمصالح العباد من الصحّة و السقم و القوّة و الضعف و الغنى و الفقر و الحدّة و البلادة و غير ذلك.
و «حتّى» للغاية، و تكون حرف الجرّ، فإذا جررت ما بعدها كانت بمعنى إلى ؛ كقوله تعالى: «حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ»۳، و إذا رفعت فالتقدير: حتّى /۱۰۲/العجزُ و الكيس بالقدر.۴
و فائدة الحديث: الحثّ على التسليم و الرضا بالقضاء ؛ فإنّه ـ عزّ و جلّ ـ لا يقضي إلاّ بما هو الأصلح ؛ لكونه عالما بما لا طريق لنا إليه.
و راوي الحديث: عبد اللّه بن عمر.
۱۴۴.قوله صلىاللهعليهوآله: كُلُّ صاحِبِ عِلمٍ غَرثانُ۵ إِلَى عِلمٍ.۶
أنواع العلوم كثيرة، و كلّها متناصرة و۷ متعاونة، و بعضها يتقاضى بعضا، و بعضها مفتقر إلى بعض كما لا يخفى، فالأدب يحتاج إلى النحو، و النحو إلى التصريف، و علم التفسير يحتاج إلى جميع العلوم، فترى بعضَها مفتقرا۸ إلى بعض غيرَ مستغنٍ عنه. و «العلم» هو ما اقتضى سكون النفس، و يُطلق على معرفة الصناعات و الأعمال فيقال له: عِلم البناء و
1.. غَرَزَ الإبرةَ في الشيء غَرْزا و غَرَّزَها : أدخلها . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۸۶ غرز .
2.. «ألف» و «ب» : يحلق .
3.. القدر ۹۷ : ۵ .
4.. «ألف» : حتّى الفجر و الكيس القدر .
5.. الغَرثان : الجائع . انظر : كتاب العين ، ج ۴ ، ص ۴۰۰ ؛ لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۷۲ غرث .
6.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۵۰ ، ح ۲۰۵ ؛ سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۸۷ ؛ النهاية في غريب الحديث ، ج ۳ ، ص ۳۵۳ .
7.. «ألف» : ـ و .
8.. «ألف» : مفتقر .